بمشاركة سمو وزير الخارجية انتهت في مدريد نهاية الأسبوع اجتماعات لممثلي مجموعة الاتصال الوزارية لجامعة الدول العربية ومنظمة التعاون الاسلامي والمملكة إلى جانب عدد من الدول العربية المهتمة بالشأن الفلسطيني وتركيا ودول أوروبية مثل إسبانيا وإيرلندا والنرويج وسلوفينيا للبحث في وسائل تنفيذ حل الدولتين (فلسطين وإسرائيل) باعتباره الحل الوحيد لاستقرار المنطقة وإحلال السلام والأمن الدائمين (بيان الاجتماع المنشور في موقع وكالة الأنباء السعودية يوم 10 ربيع الاول 1446هـ الموافق 13 سبتمبر 2024م). اللافت في هذا الاجتماع هو المعطيات التي يتوجس منها المجتمعون في ظل أزمة يعيشها الشرق الأوسط منذ 7 أكتوبر الماضي أكثر أزمة تعصف بالمنطقة منذ عقود.. أكد المجتمعون على أسس ومرجعيات ومعايير لهذا الحل تستند إلى قرارات مجلس الأمن وقواعد ومبادئ القانون الدولي ومبادرة السلام العربية.. استشعر المجتمعون الاجراءات التي تطيح بهذا الأمل خاصة أحادية الجانب من عمليات الاستيطان والتهجير القسري للفلسطينيين، إضافة إلى ما صاحب أحداث 7 أكتوبر 2024م من مأساة ومعاناة إنسانية وانتهاك للقانون الدولي وتهديد السلم والأمن الدوليين.. هذه المعطيات المشتركة بين أطراف الاجتماع لكن الوضع بعد 7 أكتوبر أكبر من أن توقفه أماني وبيانات، إسرائيل دولة استعمارية استخدمت كل وسائل الحرب والدمار للبشر والحجر في القطاع ضاربة بعرض الحائط كل المناشدات الدولية والانسانية والمبادرات التي تهدف إلى إيقاف هذا الدمار.. من يهدد السلام بالمنطقة هو آلة الجيش الإسرائيلي يقوده رئيس وزراء متطرف متعطش للقتل والدمار يدعمه استمرار هذه الحرب لتحقيق أهداف استعمارية تعيد احتلال القطاع وتهجير أهله وفرض الأمر الواقع، المؤسسة العسكرية الإسرائيلية ممثلة برئيس أركان الجيش لا ترى قرب إنهاء الحرب) وحتى مع صدام هذه الحكومة مع أطياف من المجتمع الإسرائيلي الذي يرى باستمرار الحرب خطرا على مصير ذويهم من الرهائن المحتجزين لدى حماس وبعض القوى السياسية المناهضة لنهج حكومة اليمين المتطرف، إلى جانب الدمار الذي تحدثه الآلة العسكرية هو صراع الاحتلال مع مقدمي المساعدات الإنسانية من دول ومنظمات وإصرار الجيش الإسرائيلي على التحكم بهذه المساعدات بدل من الجهات الفلسطينية والدولية مما دفع هذا الجيش إلى استحداث جهاز داخله يتولى إدارة النواحي الإنسانية في غزة مما يؤدي إلى استمار الاحتلال. ومما تخشاه السلطة الوطنية الفلسطينية ما تراه أهداف إسرائيلية استعمارية تهدد بشكل واضح تهجير مواطني القطاع واتهامها لليمين الإسرائيلي الحاكم في إسرائيل العمل على تفجير الأوضاع بالضفة والإطاحة بالسلطة الوطنية.. إلى جانب إخلال إسرائيل بالاتفاقيات مع مصر في المناطق الحدودية وتهديد الأمن المصري في ظل خطة بقاء الجيش الإسرائيلي في محور صلاح الدين (فيلادلفيا) وفي ظل المواقف الدولية بدعم وتمكين الحكومة الفلسطينية القيام بدورها بإدارة القطاع والضفة بما فيها الأماكن المقدسة في القدس الشرقية.. آمال المجتمعين تصطدم بتعنت الحكومة الإسرائيلية مسنودة بجيش الاحتلال مع بقاء الأمل مفتوحا بجهود إنهاء هذه الحرب المدمرة والتي ستجر المنطقة إلى صراع موسع سيودي بالمنطقة إلى ما لا تحمد عقباه.. يبقى الدور الأمريكي الأهم في مسار هذا الوضع بدءا من مبادرة الرئيس بايدن لوقف إطلاق النار وعدم الضغط لتنفيذ هذه المبادرة وانتهاء بالمواقف الانتخابية للحزبين الديمقراطي والجمهوري والتسابق لخطب ود إسرائيل وهي مواقف معروفة وليست بالجديدة لكن الغرابة أن هذه الحملات الانتخابية ومواقف المرَشَحين في المناظرة الأخيرة لم تنظر إلى ما خلفته هذه الحرب من قتل ودمار وعدد الضحايا من النساء والأطفال وتدمير البنى التحتية وخاصة المستشفيات ومنازل المواطنين والتي تعدت خسائر في الأرواح والممتلكات ما لم يحصل في حروب سابقة والتي خلقت المواقف الشعبية المعارضة لاستمرار هذه الحرب حتى داخل المجتمع الأمريكي ومما دفع بعض الكيانات داخل أمريكا من اتخاذ المواقف الحازمة تجاه التعامل مع إسرائيل مثل ما فعلته مدينة بورتلاند ومدن أخرى بقرار سحب الاستثمارات من إسرائيل ومن الشركات التي تدعم الحرب على غزة ولهذا القرار دلالات سياسية بمشاركة منظمة الصوت اليهودي من أجل السلام، المواقف السياسية للإدارات الأمريكية أياً كانت هذه الإدارة إلى جانب الدعم العسكري اللامحدود لإسرائيل يدفعها للتعنت ورفض كل المبادرات ليس لوقف الحرب في غزة فقط بل إلى الاتجاه إلى السلام ومنح الحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني والتعايش ضمن حل الدولتين وبما يحقق الأمن والاستقرار. النوايا التي خلص إليها اجتماع مدريد على لسان وزير الخارجية الإسباني «نجتمع من أجل بذل جهد آخر لإنهاء الحرب في غزة وإيجاد مخرج من دوامة العنف التي لا تنتهي بين الفلسطينيين والإسرائيليين، كما أبدى الوزير استعداد المشاركين من أجل الانتقال من مرحلة الأقوال إلى الأفعال. تبقى جهود بلادي في إطار هذه المشاركة الدولية استمرارا وامتدادا لدورها الوطني العربي المبدئي لدعم الشعب الفلسطيني واستقرار المنطقة وإحلال السلام.. ورغم كل التهديدات الإسرائيلية التي تعترض تقديم المساعدات الإنسانية لم تألُ بلادي جهدا من تقديم هذه المساعدات للشعب الفلسطيني في غزة حتى وإن اضطرت إلى إنزالها جوا حتى تصل إلى مستهدفيها من الشعب الفلسطيني. في النهاية من يعرقل السلام والاستقرار في الشرق الأوسط؟ كل محاولات جهود السلام منذ عقود فشلت من أوسلو إلى مدريد إلى كامب ديفيد.. إلى المبادرة العربية.. السلام مطلب مشترك، لكن الواقع بعيد المنال حيث ترفض إسرائيل وبشكل مستمر أي أطروحات تفضي إلى سلام دائم.. السلام في فكر قادة إسرائيل يعني توقف الاستيطان والتخلي عن الأرض، ونهاية الحلم تفريغ الأرض من سكانها والحلم في إسرائيل الكبرى.. تتجلى فكرة السلام في الذهنية الإسرائيلية هي أن تأخذ دون أن تعطي مستندة إلى دعم غربي بالسلاح وحمايتها من أي عقوبات دولية وعدم التزامها بأي قرارات دولية.. متغيرات الواقع منذ 7 أكتوبر غير ما قبله.. السلام اليوم في المنطقة هو مسؤولية دولية وعلى القوى الفاعلة فيه تحمل مسئولياتها في إقرار وفرض سلام حقيقي. الختام.. يحل علينا يومنا الوطني في الثالث والعشرين من سبتمبر ووطني في ظل قيادتنا الرشيدة ينعم بالأمن والرخاء والتقدم والنمو فكل التهاني والتبريكات لمقام خادم الحرمين الشريفين وسمو ولي العهد الأمين حفظهما الله ورعاهم.. ابتسم يا وطن اليوم يومك.. أرسى قواعد فرحتك عبدالعزيز.
مشاركة :