شن الجيش الإسرائيلي اليوم (السبت) "غارات واسعة" على أهداف لحزب الله في جنوب لبنان بهدف "تجريده" من قدراته وتحسبا لرد منه، غداة ضربة على ضاحية بيروت الجنوبية أوقعت 37 قتيلا، بينهم قائدان بارزان وعناصر بالحزب اللبناني في تصاعد للتوتر المتواصل بين الجانبين منذ قرابة عام. وعلى مدار اليوم نفذ الطيران الحربي الإسرائيلي سلسلة غارات مكثفة قال الجيش إنها دمرت أهدافا لحزب الله والآلاف من فوهات إطلاق الصواريخ. -- غارات واسعة وقال المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي دانيال هجاري في مؤتمر صحفي مساء اليوم إنه "في الساعة الأخيرة نقوم بشن غارات واسعة في جنوب لبنان بعد رصد استعدادات حزب الله لإطلاق قذائف صاروخية نحو الأراضي الإسرائيلية". وتابع "أن عشرات الطائرات الحربية تهاجم أهدافًا إرهابية ومنصات صاروخية لإزالة تهديدات نحو مواطني إسرائيل". وأضاف "قمنا باستهداف 400 منصة صاروخية لحزب الله اليوم شملت الآلاف من فوهات الإطلاق". وأوضح هجاري "نقوم بشن الغارات بشكل منهجي، ونجرد حزب الله من قدراته على إطلاق قذائف نحو إسرائيل، بالإضافة إلى تصفية قادته وعناصره". وذكرت الوكالة الوطنية للإعلام الرسمية اللبنانية أن الطيران الحربي الإسرائيلي نفذ منذ السابعة والنصف من مساء اليوم "عدوانا جويا واسعا"، إذ شن سلسلة غارات متتالية مستهدفا بشكل رئيسي التلال والأودية ومجاري الأنهار. وأشارت إلى "تسجيل أكثر من 50 غارة معادية في أقل من 40 دقيقة ترافقت مع تحليق مكثف للطيران التجسسي في أجواء معظم المناطق الجنوبية". وقبيل ذلك، أعلن الجيش الإسرائيلي "تدمير" نحو 180 هدفا والآلاف من فوهات إطلاق الصواريخ في سلسلة غارات على جنوب لبنان. وقال المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي أفيخاي أدرعي في بيان إنه "في سلسلة غارات على جنوب لبنان على مدار الساعات الأخيرة تم تدمير نحو 180 هدفًا والآلاف من فوهات إطلاق القذائف الصاروخية التي كانت جاهزة للإطلاق بشكل فوري نحو الأراضي الإسرائيلية". وأضاف أدرعي أن الجيش قصف بالمدفعية بعض مناطق جنوب لبنان، مشددا على أن الجيش سيواصل "ضرب بنى حزب الله وتجريد قدراته". وبحسب مصادر عسكرية لبنانية، شن الطيران الحربي الإسرائيلي عصر اليوم سلسلة غارات جوية على جنوب وشرق لبنان. وقالت المصادر لوكالة أنباء ((شينخوا)) "إن الطيران الحربي الإسرائيلي نفذ عصر اليوم في حدود 60 غارة جوية خلال أقل من أربعين دقيقة". واستهدفت الغارات مواقع لحزب الله وأطراف عشرات البلدات في جنوب وشرق لبنان، وأدت إلى إصابة أربعة أشخاص بجروح، أحدهم إصابته خطرة، وفق المصادر. ويأتي تكثيف الغارات الإسرائيلية بعد يوم من ضربة على مبنى سكني في ضاحية بيروت الجنوبية أوقعت، بحسب وزارة الصحة اللبنانية، 37 قتيلا. -- غارة الضاحية الجنوبية وذكر بيان صدر عن مركز عمليات طوارئ الصحة العامة التابع لوزارة الصحة بشأن حصيلة ضحايا الغارة الإسرائيلية على الضاحية الجنوبية أمس أن عدد القتلى بلغ 37 شخصا من دون أن يشر إلى عدد الجرحى. وكانت إحصائية سابقة لوزارة الصحة قد أشارت إلى سقوط 68 جريحا في غارة الضاحية الجنوبية. وقال وزير الصحة العامة في حكومة تصريف الأعمال اللبنانية فراس الأبيض في مؤتمر صحفي اليوم إن من بين القتلى ثلاثة أطفال وسبع نساء وثلاثة سوريين، مشيرا إلى وجود "عدد كبير من الأشلاء". وأدت الغارة أيضا إلى "سقوط مبنى كامل على رؤوس قاطنيه المدنيين بغالبيتهم"، وفق الأبيض، معتبرا ذلك "جريمة حرب موصوفة". ومنذ الجمعة تواصل فرق الإنقاذ والدفاع المدني البحث عن مفقودين، وتعمل على إزالة الركام. وكشف وزير الأشغال العامة والنقل اللبناني علي حمية في تصريح خلال تفقده مكان الغارة عن "23 مفقودا مدنيا، بينهم أطفال ونساء". وكانت الوكالة الوطنية للإعلام قد ذكرت أمس أن طائرة إسرائيلية من طراز (إف 35) ضربت بأربعة صواريخ مبنى في الضاحية الجنوبية. وأعلن الجيش الإسرائيلي اليوم أن هذه الغارة "استهدفت اجتماعا لقادة الرضوان المسؤولة عن خطة اقتحام الجليل مع الإرهابي المدعو إبراهيم عقيل" القائد البارز في حزب الله. وقال الجيش في بيان "إن ما لا يقل عن 15 من إرهابيي حزب الله قتلوا في الغارة". فيما نعى حزب الله في سلسلة بيانات 16 من عناصره، بينهم القائدان البارزان إبراهيم عقيل وأحمد وهبي. وعقيل هو ثاني شخصية عسكرية بارزة في حزب الله تغتالها إسرائيل في الضاحية الجنوبية بعد فؤاد شكر، الذي اغتيل في يوليو الماضي، وهو رئيس منظومة العمليات في حزب الله والقائد الفعلي لقوة الرضوان. فيما قاد أحمد وهبي حتى بداية العام الجاري العمليات العسكرية لوحدة الرضوان. وجاءت غارة الجمعة بعد موجة تفجيرات طالت أجهزة اتصالات لاسلكي "آيكوم V 82" و"بايجر" خلال يومي الثلاثاء والأربعاء في مناطق عدة في ضاحية بيروت الجنوبية وجنوب وشرق لبنان، وأسفرت عن مقتل 39 شخصا، وإصابة نحو ثلاثة آلاف بجروح، وفق وزارة الصحة اللبنانية. ودفعت هذه التفجيرات الأمين العام لحزب الله حسن نصرالله، إلى الإقرار في خطاب الخميس بأن الحزب تعرض لضربة "كبيرة وقاسية أمنيا وإنسانيا وغير مسبوقة"، لكنه توعد إسرائيل بـ"حساب عسير". وفي ظل التوتر القائم أصدر الجيش الإسرائيلي تعليمات جديدة لحماية الجبهة الداخلية بمناطق الشمال تشمل إغلاق الشواطئ وفرض قيود على التجمعات والأنشطة التعليمية. -- تعليمات داخلية وسط ترقب في إسرائيل وحذر المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي في وقت سابق مساء اليوم من أنه "قد تطلق قذائف صاروخية وتهديدات أخرى" نحو الأراضي الإسرائيلية في "مدى زمني قريب". وطالب الجمهور بالانصياع إلى تعليمات الجبهة الداخلية. وقال هجاري إن وزير الدفاع يوآف غالانت وقع أمرا جديدا يتعلق بوضع الجبهة الداخلية من حيفا إلى شمال إسرائيل، مضيفا إنه "نظرًا لتقييم الوضع وعملياتنا العسكرية أعلن وزير الدفاع حالة خاصة في الجبهة الداخلية". ولاحقا، ذكر بيان صادر عن قيادة الجبهة الداخلية أنه "بعد الانتهاء من تقييم للأوضاع تقرر تغيير في السياسة الدفاعية للجبهة الداخلية في مناطق الجليلين الأسفل والأعلى، وخليج حيفا، المروج ومركز الجليل، وقسم من جنوب الجولان". وتشمل التغييرات تقييد التجمعات حتى 30 شخصًا كحد أقصى في الأماكن المفتوحة، و300 شخص داخل المباني المغلقة في المناطق المذكورة. كما تشمل إغلاق الشواطئ في هذه المناطق أمام الجمهور كجزء من إجراءات الأمن المتبعة مع الإبقاء على أنشطة تعليمية في المباني التي تتيح الوصول إلى مناطق محمية. وأعلنت سلطة الطيران الإسرائيلية في بيان إغلاق المجال الجوي من مدينة الخضيرة الساحلية جنوب حيفا وصولا حتى الحدود الشمالية. وقالت السلطة في بيان اليوم إن حظر الطيران سيبقى ساريا لمدة 24 ساعة ولن يؤثر إلى حد كبير إلا على الرحلات الترفيهية والزراعية. ولا ينطبق الحظر على عمليات الطوارئ التي يقوم بها الجيش أو الشرطة أو رجال الإطفاء أو عمليات الإجلاء الطبي. ولن يتأثر مطار بن غوريون القريب من مدينة تل أبيب وسط إسرائيل بالحظر. وتحدثت وسائل إعلام وصحف محلية إسرائيلية اليوم عن "حالة تأهب قصوى" في صفوف الجيش الإسرائيلي تحسبا لهجوم من حزب الله. وذكر موقع (واللا) الإسرائيلي أن الغارات الجديدة جاءت "بعد رصد استعدادات وتحركات"، فيما قالت هيئة البث الإسرائيلية إن الهجوم يأتي بعد "رصد تحركات لحزب الله لإطلاق موجة واسعة من الصواريخ". ويتبادل حزب الله والجيش الإسرائيلي القصف عبر الحدود اللبنانية الإسرائيلية منذ الثامن من أكتوبر 2023 على خلفية الحرب الدائرة بين حركة المقاومة الإسلامية (حماس) وإسرائيل في قطاع غزة، وسط مخاوف دولية من تصاعد المواجهات إلى حرب واسعة.
مشاركة :