في وقت سابق عندما تم تشكيل اللجنة الملكية لتحديث المنظومة السياسية كان من ضمن لجانها الفرعية الستة لجنة الادارة المحلية، وقامت هذه اللجنة بجهد كبير أثناء النقاشات للوصول لتوصيات تتواءم مع مخرجات التحديث السياسي وتعمل على تطوير العمل البلدي والمحلي في الأردن. "التوصيات المتعلقة بالتشريعات الناظمة للإدارة المحلية" حرصت اللجنة الملكية على اعتماد مبدأ التدرج عبر مراحل انتقالية للوصول إلى النموذج الوطني للإدارة المحلية، بحيث تقود في النهاية للوصول إلى حكم محلي رشيد، قادر على الاضطلاع بمهام التنمية المحلية والخدمات بشكل مستقل وفعال، بناءً على برامج اختارها المواطنون عبر انتخابات حرة ونزيهة، في تناغم وتكامل للأدوار بين مختلف الهياكل والأقاليم من جهة، والإدارة المركزية من جهة أخرى. تتلخص أهم توصيات المرحلة الأولى لخطة التدرج في تطبيق النموذج المنشود للإدارة المحلية، في بناء قدرات الهياكل المنتخبة والمعيّنة في المحافظات والبلديات، والارتقاء بجودة الخدمات المقدمة بما يلبي طموحات المواطنين وتطلعاتهم. كما اهتمت اللجنة بتعزيز دور الشباب والمرأة والأشخاص ذوي الإعاقة، وذلك من خلال تخفيض سن الترشح، إضافة إلى تخصيص مقعد للأشخاص ذوي الإعاقة في الهياكل المنتخبة على مستوى المحافظات والبلديات. أما المرحلة الثانية، فسيتم خلالها استحداث مجالس للأقاليم، لتصبح هذه المجالس هي الهيئات العليا المنتخبة للإدارة المحلية في مراحلها الأخيرة، ويقصد بها مرحلة الحكم المحلي على مستوى السلطة التنفيذية (تنمويًا وخدميًا). كما حرصت اللجنة على تقديم عدد من التوصيات تتعلق باللامركزية المالية، من شأنها تعزيز الاستقلال المالي والإداري مثل: إفراد فصل خاص لموازنة كل محافظة في قانون الموازنة العامة، ونقل الصلاحيات الإدارية والمالية إلى المحافظات لتصبح مسؤولة عن إعداد موازناتها وتنفيذها، إضافة إلى إنشاء حساب خاص لمجالس المحافظات في بنك تنمية المدن والقرى، تنقل إليه مخصصات موازنات المحافظات مباشرة بعد إقرار قانون الموازنة العامة، وذلك للحيلولة دون عدم صرف مخصصات موازنات المحافظات بكاملها من خلال حجز جزء منها أو تخفيضها من قبل مجلس الوزراء، وبما يضمن عملية تدوير المبالغ المتبقية من الموازنة السنوية عند انتهاء السنة المالية للعام التالي. ومن التوصيات المهمة والضرورية والتي أرى أنها في حال إقرارها سينعكس ذلك في ضوء النتائج الحاصلة بالتزامن مع توصيات اللجنة الملكية لتحديث المنظومة السياسية المتعلقة في الإدارة المحلية(البلديات و مجالس المحافظات) أهمية كبيرة ونقلة نوعية وقفزة في الانتخابات البلدية واللامركزية القادمة، ومنها إلغاء آلية الإنتخاب المنفصل لرئيس البلدية، و استبدال انتخاب المجلس بها، ثم ينتخب أعضاء المجلس البلدي الرئيس من بينهم، واشتراط الشهادة الجامعية الأولى على الأقل مؤهلًا علميًا لكل من رئيس مجلس المحافظة و الأعضاء، ورؤساء البلديات، واشتراط شهادة الثانوية العامة (ناجح على الأقل لعضوية المجالس البلدية)، وفي رد الحكومة على كتاب التكليف السامي أعلن رئيس الوزراء دولة الدكتور جعفر حسان بأن الحكومة ستبدأ بدراسة التشريعات المتعلقة بالإدارة المحلية للتحضير لانتخابات المجالس البلدية و مجالس المحافظات القادمة، لكن السؤال الذي يطرح الآن هل سيلتزم وزير الإدارة المحلية في الحكومة المكلفة بمخرجات اللجنة الملكية لتحديث المنظومة السياسية؟ علمًا بأن معاليه كان رئيسًا للجنة تطوير الإدارة المحلية المنبثقة عنها و التي قدمت هذه التوصيات. نلاحظ اليوم أن من يقرأ رد حكومة دولة الدكتور جعفر حسان على كتاب التكليف السامي والتي اقتبس منه " وستبدأ الحكومة بدراسة التشريعات المتعلقة بالإدارة المحلية للتحضير لإنتخابات المجالس البلدية ومجالس المحافظات القادمة، وذلك بالاستناد إلى مخرجات لجنة التحديث السياسي والتوصيات ذات العلاقة" هنا نكون على يقين تام أن اختيار المهندس وليد المصري الذي ترأس لجنة الادارة المحلية باللجنة الملكية لتحديث المنظومة السياسية لم يكن اختيار عبثي أو وليد اللحظة، فالملف القادم الذي يحمل الأهمية هو انتخابات البلديات ومجالس المحافظات، ولعل المتابعين للأحداث المتتابعة في موضوع الإدارة المحلية يعي تمامًا تغييب توصيات لجنة الإدارة المحلية التي انبثقت عن اللجنة الملكية لتحديث المنظومة السياسية، ولعل تكليف معالي أبو محي سيحيي هذه التوصيات ويعيدها على طاولة مسؤولي الوزارة، فهل سنشهد إحياء هذه التوصيات فعلاً وإقرارها على أرض الواقع؟ الدستور
مشاركة :