تصاعدت حدة الأزمة بين نقابة الصحافيين المصريين ووزارة الداخلية في أعقاب دهم أجهزة الأمن مقر النقابة للمرة الأولى في تاريخها وتوقيف صحافيين كانا معتصمين داخلها احتجاجاً على دهم منزليهما، وهو الإجراء الذي أثار موجة غضب بين النقابات المهنية، وطالبت نقابة الصحافيين على إثره بإقالة وزير الداخلية مجدي عبدالغفار. لكن وزارة الداخلية رفضت اتهامات النقابة لها بـ «اقتحام المقر»، وقالت إن الإجراء جاء «تنفيذاً لقرار من النيابة». وكانت الأزمة بين الأمن والصحافيين بدأت على خلفية حصار الشرطة لمقر النقابة في قلب القاهرة خلال تظاهرات دعت إليها قوى معارضة في 25 الشهر الماضي تخللها توقيف صحافيين بتهمتي «التظاهر والتحريض». وقدمت النقابة بلاغاً ضد وزير الداخلية إلى النائب العام. وأعلن الصحافيان عمرو بدر ومحمود السقا اعتصامهما داخل النقابة مع آخرين، بعد صدور أمر من النيابة بتوقيفهما على خلفية القضية، قبل أن تحتدم الأزمة بدخول الشرطة إلى مقر النقابة مساء أول من أمس للقبض على الصحافيين المعتصمين. ووصفت نقابة الصحافيين دخول الأمن مقرها بأنه «اعتداء صارخ على كرامة الصحافة والصحافيين ونقابتهم». وأكدت عقب اجتماع طارئ لمجلسها مساء أول من أمس أن الإجراء «مخالف للدستور والقانون». ونبهت إلى أن «تلك السياسات تؤدي إلى تأجيج حال التوتر الداخلي لوطن يواجه كثيراً من التحديات الخارجية». ودعا المجلس إلى «اجتماع عاجل لأعضاء الجمعية العمومية (الأربعاء) لتدارس الحدث، ودعوة رؤساء تحرير جميع الصحف والنقباء وأعضاء المجالس السابقين ورؤساء ومجالس النقابات المهنية كافة إلى تدارس الواقعة غير المسبوقة». وأعلنت بدء اعتصام مفتوح للصحافيين حتى غدٍ، وطالبت بإقالة وزير الداخلية. واعتبر نقيب الصحافيين يحيى قلاش في مؤتمر صحافي أمام مقر النقابة أن «العدوان على مقر النقابة لا يمكن غسل عاره إلا بإقالة فورية لوزير الداخلية»، فيما تضامنت النقابات المنهية في مصر مع الصحافيين. ودانت نقابات الأطباء والمهندسين والمحامين «اقتحام قوات الأمن لمقر الصحافيين». وأكدوا مخالفة الإجراء للدستور «وللقانون الذي يضع قواعد صارمة لدخول الأمن مقار النقابات، بعد الحصول على إذن من النيابة، وفي حضور النقيب ووكيل النيابة». كما دان المجلس القومي لحقوق الإنسان التابع للدولة الاقتحام. وقال في بيان: «في وقت نسعى فيه إلى ترسيخ حكم القانون فوجئنا باقتحام الشرطة مقر نقابة الصحافيين من دون إخطار النقابة، الأمر الذي يعتبر إهمالاً لحكم القانون». وأشار إلى أن «الحادث سيكون على جدول أعمال اجتماع المجلس» غداً. في المقابل، أصدرت النيابة بياناً دافعت فيه عن توقيف الصحافيين، وأكدت أنها من أصدر أمر توقيف بدر والسقا ومعهم 7 آخرون «اتهموا في قضية التحريض على التظاهر في 25 الشهر الماضي». وأوضحت النيابة في بيانها أنها كانت أصدرت في 19 الشهر الماضي إذناً بضبط وتفتيش جميع المتهمين التسعة، وتفتيش أماكن إقامتهم، «استناداً إلى ما تضمنه محضر التحريات من معلومات مفادها قيام هؤلاء العناصر بنشر الأخبار والإشاعات الكاذبة واستغلالها في الدعوة (إلى التظاهر) والتحريض من خلال وسائل التواصل الاجتماعي تزامناً مع احتفالات أعياد تحرير سيناء في 25 نيسان (أبريل) الماضي، واستغلال تلك التظاهرات في الاشتباك مع قوات الشرطة وأفراد القوات المسلحة والاعتداء على المنشآت العامة والحيوية ومهاجمة الأقسام». ونسبت النيابة إلى المتهمين «حيازة الأسلحة النارية وزجاجات حارقة ومطبوعات ومنشورات تحريضية، وهو ما ظهر منه أن تلك المخططات تؤثر حتماً على أمن وسلامة البلاد، ما دعا النيابة العامة إلى إصدار إذن بضبطهم وإحضارهم، وبينهم المتهمان عمرو بدر ومحمود السقا». وأكدت أن «النيابة هي التي تتولى التحقيق، وهو ما يلقي التزاماً على جميع الأطراف بمراعاة ذلك في ما يصدر من معلومات، حرصاً على سرية وسلامة التحقيقات والنأي عن الدخول في منحنى قد يؤدي إلى مخالفة القانون». وكانت النيابة أمرت الأسبوع الماضي بسجن عشرات الموقوفين على ذمة التحقيقات في القضية التي قررت حظر النشر فيها. وكانت وزراة الداخلية أصدرت بياناً مساء أول من أمس دافعت فيه عن دهم النقابة وتوقيف بدر والسقا، فأكدت أن الإجراء «جاء تنفيذاً لقرار النيابة العامة». وأوضحت أن «أجهزة الأمن كانت دهمت منزل الصحافيين لكنها لم تعثر عليهما، قبل أن ترد معلومات تفيد باختبائهما داخل مقر نقابة الصحافيين واتخاذها ملاذاً للهروب والحيلولة دون تنفيذ قرار النيابة، ومحاولة الزج بالنقابة في مواجهة مع أجهزة الأمن واستغلال ذلك لافتعال أزمة يشارك فيها عدد من العناصر الإثارية لإحداث حال من الفوضى». وأضافت أنها «راجعت النيابة العامة بتواجد الصحافيين داخل النقابة، فطلبت الاستمرار في تنفيذ أمر بضبطهما، وتوجه ثمانية ضباط شرطة إلى مقر النقابة، وبالاستعلام من مسؤول الأمن في النقابة عن مكان تواجدهما اصطحبهم إلى مكانهما وتم إعلانهما بقرار النيابة العامة في القضية، فقام الصحافيان بتسليم نفسيهما طواعية وتم اصطحابهما لعرضهما على النيابة». واعتبرت الوزارة أنها «لم تقتحم النقابة بأي شكل من الأشكال أو باستخدام أي نوع من القوة في ضبط المطلوبين اللذين سلما نفسيهما»، وأصرت على أن «جميع الإجراءات تمت في إطار القانون وتنفيذاً لقرارات النيابة»، رغم عدم إخطارها نقيب الصحافيين كما ينص القانون. وشددت على «تقديرها للصحافيين والدور الوطني الذي يؤدونه واحترامها لحرية الرأي والتعبير». لكن بيان الداخلية لم يحتوِ الأزمة، فأعلن عدد من الصحافيين، وفق بيان نشر على صفحة «الحرية للجدعان» على «فايسبوك»، الاستجابة للدعوة إلى اعتصام في مقر النقابة، محملين الرئيس عبدالفتاح السيسي المسؤولية عن «الجريمة غير المسبوقة». وطالبوا بإطلاق سراح «جميع الصحافيين المعتقلين والمحبوسين في قضايا الرأي وإقالة وزير الداخلية ومحاسبة المسؤولين عن هذه الجرائم». جرحى بتفجير في سيناء من جهة أخرى، أفادت مصادر طبية وشهود بأن أربعة من الشرطة ومدنياً جُرحوا بانفجار عبوة ناسفة استهدفت آلية أمنية في مدينة العريش (شمال سيناء) أمس. وهرعت سيارات الإسعاف إلى مكان الانفجار ونقلت الجرحى إلى مستشفى العريش. وأشارت المصادر إلى وقوع أضرار مادية، خصوصاً في البنايات المحيطة بموقع التفجير. وعقب الانفجار، سُمع دوي إطلاق نيران كثيف من الارتكازات الأمنية القريبة من مكانه، وتوجهت آليات أمنية إلى المكان وفرضت طوقاً أمنياً ومنعت مرور السيارات ونفذت حملة تفتيش واسعة بحثاً عن منفذي التفجير.
مشاركة :