يشتكي المزارعون الفلسطينيون من تراجع إنتاج البلح هذا العام بسبب الحرب الإسرائيلية المستمرة على قطاع غزة منذ السابع من أكتوبر 2023. ويبدأ موسم حصاد البلح في القطاع الساحلي الذي يقطنه أكثر من مليوني نسمة من منتصف سبتمبر ويستمر حتى منتصف نوفمبر من كل عام. ويقول المزارع موسى بركة من سكان مدينة دير البلح إن الموسم الماضي كان أفضل وأجود بكثير مقارنة بالعام الحالي. وأرجع بركة السبب في ذلك خلال مقابلة مع وكالة أنباء ((شينخوا)) إلى عدم توفر الكهرباء والوقود التي كانت تستخدم لضخ المياه إلى الأشجار على عكس الموسم الحالي بسبب قطع إسرائيل إمدادات الطاقة على قطاع غزة بعد أيام قليلة من اندلاع الحرب. ويمتلك بركة قطعة أرض تضم أكثر من 100 نخلة، إلا أنه لم يتمكن من قطف ثمار نصف عدد النخيل بعد أن وضع عشرات النازحين خيامهم داخل أرضه. ويقول بركة وهو يحمل بعض حبات التمر الأحمر بين يديه "لا أستطيع أن أطرد النازحين، لقد فقدوا كل ما يملكون من بيوت وأملاك ونقود"، مضيفا أن ذلك جعل الإنتاج لديه "ضئيل جدا" مقارنة بالعام الماضي. ويتمنى بركة أن تنتهي الحرب في أسرع وقت ممكن وأن يعود قادرا على زراعة أرضه كما السابق ومحاولة تعويض خسائره التي مني بها بسبب الحرب. ويطلق سكان غزة على البلح لقب "الذهب الأحمر" ويقطفونه بطرق مختلفة أشهرها الطريقة التقليدية التي يعتلي فيها المزارعون النخيل بحبال متينة. كما تنشط خلال الموسم أيضا صناعة العجوة ودبس التمر تحديدا في مخيم ومدينة دير البلح التي تعود تسميتها بذلك كونها محاطة بأشجار النخيل. أما المزارع رامي نظمي من سكان دير البلح يقول إن المزارعين واجهوا خطورة بالغة في زراعة البلح هذا العام، حيث لم يستطيع الكثير منهم الوصول إلى أراضيهم بسبب القصف الإسرائيلي، مما أدى إلى انخفاض الإنتاج. ويضيف نظمي (32 عاما) لـ((شينخوا)) أنه خلال الأعوام السابقة كان البلح يصدر إلى الضفة الغربية وبعض الدول العربية، إلا أنه بسبب الحرب أصبح من المستحيل تصدير البلح مما أفقد المزارعين مصدر دخل جيد في موسم البلح. ووفقا لنظمي فأن الإقبال على البلح في الأسواق المحلية منخفض جدا نظرا لضعف القدرة الشرائية لدى الغزيين الذين يواجهون مستويات عالية جدا من البطالة والفقر بسبب الحرب. وقال نظمي إن أعدادا كبيرة أيضا من الأراضي الزراعية لجأ إليها النازحون وأقاموا فيها خياما مما جعل من الصعب الاهتمام بالأشجار وقطف البلح في موسمه وتلف كميات كبيرة منه. ويعد موسم جني البلح في قطاع غزة الذي تفرضه عليه إسرائيل حصارا محكما منذ العام 2007 من أهم المواسم كونه يوفر العمل لأعداد كبيرة من العاطلين عن العمل. ويقول محمد شكري الذي كان يعمل في المواسم السابقة في جني البلح إن الحرب جعلت موسم جني البلح يقتصر على أصحاب المزارع وأبنائهم فقط لأن الإنتاج أصبح ضئيلا. ويضيف الثلاثيني الذي درس العلوم السياسية في إحدى جامعات غزة ومنذ ذلك الوقت تنقل بين عدة أعمال "كنت في مواسم البلح الماضي أعمل أكثر من 10 ساعات وأجني في اليوم من 30 إلى 40 دولارا". وبنبرة حزينة يضيف شكري "كان العائد يكفيني في إعالة أسرتي لمدة شهرين على الأقل، لكن هذا العام لم أفلح في الحصول على فرصة عمل في موسم جني البلح في ظل الظروف الاستثنائية التي يمر بها قطاع غزة". ووفقا لإحصائيات وزارة الزراعة التي تديرها حماس في غزة في 2023 فأن قطاع غزة يوجد به نحو 240 ألف شجرة نخيل منها 180 ألف شجرة مثمرة والبقية غير منتجة. ويساهم القطاع الزراعي في غزة بنحو 11 بالمائة من الناتج المحلي الإجمالي، وفقا لبيانات الجهاز المركزي للإحصاء الفلسطيني. وقالت دائرة خدمات المزارعين في وزارة الزراعة الفلسطينية في مدينة رام الله في تقرير إن خسائر القطاع الزراعي في قطاع غزة بسبب الحرب تقدر بنحو مليوني دولار أمريكي يوميا. ووفقا لأرقام الدائرة فأن 90 بالمائة من الأراضي الزراعية دُمرت بالكامل وحرقت المحاصيل والمزارع بسبب الحرب. ومنذ السابع من أكتوبر 2023، تشن إسرائيل حربا واسعة النطاق ضد حركة حماس في غزة أدت إلى دمار كبير في المنازل والبنية التحتية، وذلك بعد أن شنت حماس هجوما غير مسبوق على جنوب إسرائيل أودى، وفق السلطات الإسرائيلية، بحياة أكثر من 1200 إسرائيلي واحتجاز رهائن.■
مشاركة :