تحقيق إخباري: التغير المناخي يلقي بظلاله السلبية على موسم حصاد البلح في قطاع غزة

  • 10/3/2022
  • 00:00
  • 9
  • 0
  • 0
news-picture

ألقى التغير المناخي بظلاله السلبية على موسم حصاد البلح في قطاع غزة، وسط مخاوف المزارعين من تكبد خسائر بسبب انخفاض نسبة إنتاج التمور في القطاع المحاصر. واشتكى المزارعون الفلسطينيون في القطاع الساحلي، الذي يقطنه أكثر من مليوني نسمة، من أن نسبة كبيرة من أشجار النخيل التي تم تلقيحها لم تثمر هذا العام نتيجة فشل عمليات التلقيح الخاصة بها. واعتبر الفلسطيني أحمد بركة، وهو صاحب مزرعة نخيل تضم حوالي 300 نخلة في مدينة دير البلح وسط القطاع، أن موسم الحصاد الحالي هو "الأسوأ" منذ عشرات الأعوام، معربا عن تخوفه من تكبد خسائر مالية فادحة بدلا من جني الأرباح. وقال بركة بينما يتواجد داخله مزرعته وينتشر حوله عدد من العمال لوكالة أنباء ((شينخوا)) إن "تلقيح أشجار النخيل عادة يتم في بداية موسم الربيع، حيث يكون الجو معتدلا نوعا ما إلا أن فصل الشتاء امتد لشهري مارس وأبريل". وأضاف الرجل الذي كسا الشيب شعره ويعمل مزارعا منذ عشرات الأعوام، أن "التغيير المناخي حيث سيطرت الأجواء شديدة البرودة على المنطقة، ساهم بشكل كبير في فشل عمليات التلقيح التي قمنا بتنفيذها". وأوضح بركة أن سماح السلطات المحلية في غزة باستيراد البلح والتمور من الخارج قد يساهم في تكبده المزيد من الخسائر، مشيرا إلى أن خطوة الاستيراد "تضعف من عملية تسويق المنتج المحلي". وأبدى المزارع تخوفه من عدم استطاعته دفع أجور 30 عاملا كان قد انتدبهم قبل نحو أسبوع لمساعدته في جني محصول البلح، مشيرا إلى أنه قد يضطر إلى تسريحهم في حال لم ينجح في تسويق ثماره. وتبلغ تكاليف إنتاج الكيلو من البلح في غزة شيقل ونصف (الدولار يعادل 3.40 شيقل)، فيما يباع في الأسواق بشيقلين اثنين. وتتزين غالبية مفترقات شوارع القطاع هذه الأيام بقطوف البلح الأحمر الذي يصطف المزارعون لبيعه. ويعد موسم جني البلح في القطاع المحاصر من إسرائيل منذ صيف 2007 عقب سيطرة حركة المقامة الإسلامية (حماس) عليه، من أهم المواسم كونه يوفر العمل لعشرات العاطلين في غزة. ويقول المزارع حسن محمد وهو يبدو على وجهه القلق إنه ينتظر موسم حصاد البلح سنويا للحصول على فرصة عمل لكي يتمكن من إعالة أسرته (حتى لو كانت مؤقتة) في ظل وضعه الاقتصادي الصعب. ويضيف محمد البالغ من العمر (29 عاما)، وهو أب لثلاثة أبناء ل(شينخوا) إن ساعات العمل اليومية تقلصت من 12 ساعة إلى ثمانية فقط بسبب عدم وفرة الثمار، ما أثر سلبا على تحصيله اليومي الذي وصل إلى 10 دولارات أمريكية فقط. ويتابع بينما يمسك في يديه قطفا من البلح بعد إنزاله "أن العاملين في المزرعة فقدوا البهجة في هذا الموسم (...) المحاصيل قليلة والأجور أيضا لا تكفيهم"، مشيرا إلى أنه اعتاد أن يحصل على 500 دولار خلال موسم حصاد البلح الذي يستمر عدة أسابيع في الأعوام السابقة. وبحسب وزارة الزراعة التي تديرها حركة حماس في غزة، بلغت المساحة الإجمالية للبلح في القطاع 12 ألف دونم (الدونم يعادل 1000 متر مربع)، منها نحو 8500 دونم مثمرة، وما تبقى غير مثمر. وتوقع الناطق الإعلامي باسم الوزارة أدهم البسيوني، أن يتم إنتاج حوالي 10000 طن من محصول البلح، في حين أنه تم حصاد حوالي 15000 طن في العام الماضي. وقال البسيوني ل(شينخوا) إن المزارعين في القطاع واجهوا مشاكل كبيرة في تلقيح ثمار البلح، مما تسبب بتلف الآلاف من الأشجار وعدم حملها ثمارا، لافتا إلى أن التغيير المناخي أحد أهم الأسباب التي أدت إلى ذلك. وأشار إلى أن أشجار النخيل أحادية الجنس بمعنى إما أن تكون مذكرة أو مؤنثة، وبالتالي فهي بحاجة إلى تدخل خارجي من أجل تلقيحها، مشيرا إلى أن التدخل حصل في ظروف مناخية غير مواتية لتكوين الثمار وإتمام عمليات عقد الثمار، الأمر الذي ساهم في تأخر وتراجع الإنتاج. ويبدأ فعليا موسم جني ثمار البلح في الأراضي الفلسطينية في بداية سبتمبر ويستمر حتى منتصف أكتوبر إلا أن هذا العام بدأ متأخرا، ويعتبر في قطاع غزة مصدر دخل لشريحة واسعة من المزارعين والعمال والباعة. ويجنى المزارعون ثمار البلح بطرق مختلفة، أشهرها الطريقة التقليدية التي يعتلي فيها المزارعون الأشجار بحبال متينة ثم يقطفون العناقيد ليشتري الناس قطوف البلح قبل أن تنضج تماماً، ويعلقونها في المنزل لتناول ما ينضج منها بصورة يومية. إلى جانب ذلك، تنشط مع الموسم أيضا، صناعة العجوة ودبس التمر، وتحديدا في مدينة دير البلح. وقال رئيس مجلس إدارة الجمعية الأهلية لتطوير النخيل في المدينة إسلام أبو شعيب، إن محصول هذا العام من ثمار البلح "سيء" بالنسبة للمواسم السابقة، حيث شهد تدنيا في العملية الإنتاجية بنسبة 40 بالمائة. وأرجع أبو شعيب في تصريح ل(شينخوا) ذلك إلى تغير المناخ بشكل ملفت في موسم التلقيح والقطف، مشيرا إلى استمرار انخفاض درجات الحرارة في فصل الربيع وتأخر فصل الصيف (وهو التوقيت المفترض لعملية التلقيح)، مما أثر سلبا على نضج الثمار. ودعا أبو شعيب وزارة الزراعة في غزة واللجنة الدولية للصليب الأحمر ومنظمة الأغذية والزراعة التابعة للأمم المتحدة ((فاو)) إلى دعم قطاع النخيل والمزارعين في القطاع لحماية مواسم الحصاد المقبلة.

مشاركة :