أرسلت لي فتاة عن طريق حسابي في تطبيق "سناب تشات" للڤيديوهات القصيرة، رسالة كتبت فيها أنها تعيش أسوأ أيامها بعد أن رفضها شاب رآها في "الشوفة الشرعية"، فلم تعد قادرة على مواجهة أهلها، وتشعر بانكسار وخدش أثر فيها نفسيا كرهت بسببه الرجال والزواج. ورددتُ على رسالتها باختصار، وأحببت أن أشارككم إجابتي لها؛ لعلها تنفع بعضكم أو تجدون فيها أي فائدة. ورسالتي كانت كالتالي: أولا: لعلها خيرة يا سيدتي. قال الله تعالى: "وعسى أن تكرهوا شيئا وهو خير لكم". فربما ارتباطك به يكون شرا مستطيرا. ثانيا: ربما يكون هذا الشاب قد تقدم إليك بضغوط من والديه وعدم قناعة شخصية منه، وتذرع بعدم الارتياح؛ لينجو من ضغوط أسرته. ثالثا: قد يكون شابا مترددا لا يجيد اتخاذ القرار، ولا أعتقد أنك تتطلعين للارتباط بشخص مثله. رابعا: ربما لم يرتح لك. ابتعاد من اليوم أفضل من طلاق غدا. انتهت رسالتي لها، وما زال لدي ما أقوله في هذا الموضوع. يا أصدقائي، ليس البنات فقط اللاتي يتعرضن للرفض، فالشباب يتعرضون له كذلك. يروي لي شاب أنه رُفض أكثر من ست مرات لأسباب متفاوتة. لماذا جعلنا "الشوفة" عرضا للأزياء والأجساد؟ لِمَ لا تمنح الأسر قسطا للحديث والحوار بين الطرفين لعلهما يرتاحان إلى بعضهما؟ لم لا يتناقشان في مواضيع قد تحدد مدى ملاءمتها إلى بعضهما من عدمه؟ وحتى لا يكون هذا القرار المصيري شكليا وسطحيا. تتطلب الشوفة الشرعية تهيئة نفسية للطرفين من قبل أسرتيهما وإعدادهما لأي نتيجة. الرفض ليس نهاية وإنما بداية. من الطبيعي أن يحزن أي طرف. فسأكذب على نفسي لو قلت إن الموضوع لا يسبب جرحا وألما. دع الحزن يأخذ وقته، لكن لا تدعه يأخذك ويبتلعك، أرجوك. التحديات لا تقتل، الحزن هو القاتل. الحياة لا تتوقف على أحد أبدا. أتدري ماذا سيفعل بنا الحزن؟ ينهشنا، ينهب صحتنا، وينتزع بريقنا، ويخطف مستقبلنا. غدا أجمل إذا آمنا بذلك. هل تعتقد أن المستقبل سيمنحنا ما نريد ونحن على مقاعدنا أو على أسرّتنا ننتحب ونندب حظنا العاثر؟ لا، لن نستطيع أن نمضي ونتجاوز لحظاتنا المرة إلا إذا تقدمنا وعملنا وأثبتنا لأنفسنا وكل من رفضنا أننا نستحق من هو أفضل منه أو منها. لقد نجانا الرحمن من الارتباط بشخص؛ لنحوز شيئا أجمل منه، أجمل بكثير. شخصيا، أتعامل مع كل خيبة أرتطم بها بهذه الطريقة؛ أحزن قليلا، ثم أنشغل بالعمل، فالعمل ينسيني حزني، ويهديني انتصارا أو شبه انتصار يدفعني إلى مزيد من الركض والحياة.
مشاركة :