عشية انعقاد الجمعية العمومية الطارئة لنقابة الصحافيين في مصر، راوحت أزمة اقتحام قوات الأمن مقر النقابة لتوقيف صحافيين اثنين، مكانها. وبينما دعا المجلس الأعلى للصحافة إلى اجتماع طارئ أمس لمناقشة تداعيات الاقتحام، أدان الاتحاد الأوروبي واقعة اقتحام قوات الأمن مبنى النقابة ووصفها بـ«التطور المقلق»، في حين أمدت وزارة الداخلية عن طريق الخطأ صحافيي مصر بخطتها لمواجهتهم. وقالت مصادر مطلعة إن لقاء مرتقبا سيجمع رئيس مجلس الوزراء شريف إسماعيل بأعضاء المجلس، لكنهم لم يحددوا موعدا للقاء، بينما أظهر نقيب الصحافيين يحيى قلاش، خلال مؤتمر بالنقابة، أمس، تمسكه بمطلب إقالة الوزير، وأعلن أنه تقدم ببلاغ إلى النائب العام ضد وزير الداخلية ومدير أمن القاهرة، لخرقهما قانون النقابة. وقال قلاش، في بيان نقابة الصحافيين أمس، بمناسبة حلول اليوم العالمي للصحافة، إن مجلس النقابة كان يود أن يحيي اليوم العلمي ونحن نكمل الاحتفالات بخطوات تحسن صورتنا أمام العالم، لكننا ما زلنا نحتل المرتبة رقم «159» بين دول العالم في حرية الصحافة، وفقا لمنظمة «مراسلون بلا حدود»، كما أن العقلية الأمنية أصرت على تشويه المشهد بجريمة اقتحام النقابة. وأضاف أن «موقع مصر يتراجع في كل التقارير العالمية حول حرية الصحافة، ففي الوقت الذي كنا ننتظر فيه إصدار قانون الصحافة الموحد، ليمثل تطويرا لآلية العمل الصحافي، نفاجأ بارتكاب هذه الجريمة البشعة بحق النقابة»، مؤكدًا أن «هناك 29 زميلا محبوسين على ذمة قضايا نشر متنوعة، وبعضهم تجاوز الأعوام الثلاثة في الحبس الاحتياطي». ومن جهته، قال جمال عبد الرحيم، سكرتير عام النقابة، في مستهل المؤتمر، إن «الداخلية لن تستطيع كسر وحدة الصحافيين أو النيل من حريتهم»، وطالب بضرورة حشد الجميع للجمعية العمومية غدا (اليوم) الأربعاء، لإظهار موقف موحد وقوي في وجه محاولات النيل من الحريات الصحافية. قال جمال عبد الرحيم، وكيل مجلس نقابة الصحافيين، إن «قوات الداخلية ارتكبت جريمة مكتملة الأركان بعدما قامت باقتحام نقابة الصحافيين والاعتداء على أفراد الأمن، وقيامها بالقبض على زميلين. ما ارتكبته الوزارة جريمة مكتملة الأركان لم تحدث منذ تأسيس النقابة». واقتحمت قوات الأمن مساء الأحد الماضي مقر نقابة الصحافيين، وألقت القبض على الصحافيين عمرو بدر، رئيس تحرير الموقع الإلكتروني «بوابة يناير»، ومحمود السقا الصحافي بالموقع، بتهم من بينها التحريض على التظاهر، في سابقة تاريخية. ويقول الصحافيون إن القانون يلزم سلطات الأمن بإبلاغ النقيب لتفتيش مقرها في حضور وكيل عن النائب العام، وهو الأمر الذي لم يتحقق في تلك الواقعة. وكان المجلس المصغر لنقابة الصحافيين قد دعا إلى جمعية عمومية طارئة اليوم (الأربعاء)، لبحث الرد على اقتحام قوات الأمن مبنى النقابة التي تعد إحدى قلاع الحرية في البلاد طوال تاريخها الممتد لـ75 عاما. من جانبه، قال الكاتب الصحافي صلاح عيسى، الأمين العام للمجلس الأعلى للصحافة، إن المجلس دعا إلى اجتماع طارئ أمس، احتجاجا على اقتحام مقر نقابة الصحافيين، مطالبا بمحاسبة المسؤولين عن واقعة، مشددا على ضرورة أن يطرح مجلس النقابة على أعضاء الجمعية العمومية الوسائل التي سيتم استخدامها للتعامل مع تلك الأزمة. ودوليا أدان الاتحاد الأوروبي، في بيان، صدر مساء أول من أمس اقتحام قوات الأمن مبنى نقابة الصحافيين، ووصفه الخطوة بـ«التطور المقلق»، وعدها إشارة على «ومواصلة تضييق الخناق على المجتمع المدني وحرية التعبير». وقال المتحدث الرسمي باسم الاتحاد الأوروبي، في البيان المنشور على الصفحة الرسمية للاتحاد على موقع التواصل الاجتماعي «فيسبوك»، إن «مداهمة قوات الأمن المصرية مبنى نقابة الصحافيين في الأول من مايو (أيار) تطور مقلق، ويعمل على مواصلة التوجه لتضييق الخناق على المجتمع المدني وحرية التعبير، الذي تجلى في عدد كبير من الاعتقالات إثر مظاهرات أبريل (نيسان)». وأضاف البيان أن «حرية التجمع وحرية الصحافة أمران ضروريان للديمقراطية، ولضمان أن جميع الأصوات السلمية مسموعة وتنال الاحترام»، مختتما بيانه بقول إنه «ينبغي إطلاق سراح أولئك الذين اعتقلوا بسبب التعبير عن رأيهم، كما ينبغي أن يكون القانون المنظم لحق التجمع متفقا مع الدستور المصري». وفي تطور للأزمة يؤشر إلى احتمالات اتساعها، منعت الشرطة التي ضربت طوقا أمنيا على الطرق المؤدية لمقر النقابة بوسط القاهرة، الدكتورة منى مينا، وكيلة نقابة الأطباء، ووفد من نقابة الأطباء من الوصول إلى نقابة الصحافيين للتضامن معهم، وتم احتجازهم في شارع شاملبيون ومنع مرورهم، ووصل عشرات الصحافيين المحتجزين إلى مكان الكردون الأمني ورددوا هتافات تطالب بفك حصار عن مقر نقابتهم. وفي مفارقة مدهشة، أرسلت وزارة الداخلية عن طريق الخطأ إلى عدد واسع من الصحافيين تعميم داخلي بشأن خطة الوزارة في التعامل الإعلامي مع أزمة اقتحام مقر نقابة الصحافيين، مما أثار كثيرا من التعليقات الساخرة على مواقع التواصل الاجتماعي. ومن بين ما جاء في تعميم وزارة الداخلية الذي تسرب عن طريق الخطأ أنه «يجب أن يتمثل الخطاب الإعلامي للوزارة خلال المرحلة المقبلة في تأكيد أن ما حدث من أعضاء مجلس النقابة مخالف للقانون، وأن التستر على متهم مطلوب ضبطه وإحضاره من قِبل النيابة العامة يعد جريمة تستوجب خضوع نقيب الصحافيين وكل من شارك في تلك الجريمة للقانون». وأشارت المذكرة الداخلية لوزارة الداخلية إلى أهمية الاستعانة ببعض الخبراء الأمنيين من لواءات الشرطة بالمعاش، والتنسيق مع بعض البرامج، لاستضافتهم وشرح وجهة نظر الوزارة في الواقعة: «على أن يتم اختيارهم بعناية فائقة، نظرا للهجوم المتوقع عليهم أثناء الحوار، وتزويدهم بكل المعلومات اللازمة حول الاتهامات الموجهة إلى الصحافيين، بالتنسيق بين قطاعي الإعلام والعلاقات والأمن الوطني».
مشاركة :