أجرت مجموعة من الباحثين في جامعة أوكلاند في نيوزيلندا دراسة نشرها موقع "National Institutes of Health" الأمريكي، لاستكشاف قدرة الذكاء الاصطناعي على فهم المشاعر الإنسانية المعقدة من النصوص. واختار الباحثون منصة X، كنموذج لتحليل ارتباط المشاعر المعبر عنها في المنشورات بقرارات الأفراد في العالم الحقيقي، مثل التبرع للمؤسسات الخيرية، واعتمدت الطرق التقليدية على تصنيف المشاعر إلى إيجابية أو سلبية، وهي طريقة غير كافية لفهم التعقيد الكامل للمشاعر الإنسانية. ولتجاوز قيود الطرق التقليدية، طور الباحثون نموذج ذكاء اصطناعي متقدم يعتمد على تقنيات المحولات "Transformers"، التي تعتبر من الأدوات القوية في معالجة اللغة الطبيعية، وتم تدريب النموذج على مجموعة واسعة من البيانات، ما أتاح له التمييز بين مجموعة متنوعة من المشاعر مثل الفرح والغضب والحزن. واستخدم الباحثون هذا النموذج لاكتشاف المشاعر التي يعبر عنها المستخدمون في منشوراتهم، وقد أظهر دقة تصل إلى 84% في اكتشاف المشاعر، ما يسهل فهم السلوك البشري وتحليل الرأي العام. وكشفت النتائج عن علاقة قوية بين المشاعر المعبر عنها في التغريدات وسلوك الأفراد في الحياة الواقعية. ووفقًا للباحثين تشمل التطبيقات العملية لهذا الاكتشاف مجالات عدة، مثل التسويق، حيث يمكن استخدام تحليل المشاعر لتصميم حملات أكثر فعالية، وخدمة العملاء، التي تستفيد من روبوتات الدردشة التي تتعامل بطرق أكثر تعاطفًا، كما يمكن استخدام تحليل المشاعر في الرعاية الصحية لتشخيص الأمراض النفسية. وأظهرت نتائج الدراسة أن المشاعر المعبر عنها في النصوص التسويقية تؤثر بشكل كبير على قرارات المستخدمين بالتبرع، ومع تقدم البحث يسعى العلماء إلى تطوير أنظمة ذكاء اصطناعي قادرة على فهم المشاعر بدقة أكبر من خلال دمج بيانات إضافية مثل الصوت وتعابير الوجه. وفي ظل هذه التطورات، تبرز أهمية الحذر بشأن آثار الخصوصية والأخلاقيات، وقد تستخدم تقنيات تحليل المشاعر للتلاعب بالأفراد أو انتهاك خصوصيتهم، لذا من الضروري وضع قوانين واضحة لتنظيم استخدامها. وأكدت الدارسة أن الفهم المتقدم للمشاعر بفضل الذكاء الاصطناعي يمثل ثورة في كيفية تعاملنا مع العواطف، ويجعلنا نقترب أكثر من تحقيق عالم يتمكن فيه الذكاء الاصطناعي من فهم مشاعرنا كما نفعل.
مشاركة :