الكفار وما يعبدون من الأصنام وقود جهنم

  • 5/6/2016
  • 00:00
  • 3
  • 0
  • 0
news-picture

أحمد محمد (القاهرة) قال ابن عباس: آية لا يسألني الناس عنها، لا أدري أعرفوها فلم يسألوا عنها، أم جهلوها فلا يسألون عنها؟ لما نزلت «إنكم وما تعبدون من دون الله حصب جهنم أنتم لها واردون»، «الحصب وقود وحطب النار»، شق على قريش، فقالوا يشتم آلهتنا؟، فجاء ابن الزبعري، فقال: ما لكم؟ قالوا يشتم آلهتنا، قال ادعوه لي، فلما دعي النبي صلى الله عليه وسلم، قال يا محمد، هذا شيء لآلهتنا خاصة أو لكل من عُبد من دون الله؟ قال صلى الله عليه وسلم: «لا بل لكل من عُبد من دون الله»، فقال ابن الزبعري خصمت ورب هذه البنية - يعني الكعبة - ألست تزعم أن الملائكة عباد صالحون، وأن عيسى عبد صالح، وأن عزيراً عبد صالح، قال: «بلى»، قال فهذه بنو مليح يعبدون الملائكة، وهذه النصارى يعبدون عيسى وهذه اليهود يعبدون عزيرا، فصاح أهل مكة، فأنزل الله تعالى: (إِنَّ الَّذِينَ سَبَقَتْ لَهُمْ مِنَّا الْحُسْنَى أُولَئِكَ عَنْهَا مُبْعَدُونَ * لَا يَسْمَعُونَ حَسِيسَهَا وَهُمْ فِي مَا اشْتَهَتْ أَنْفُسُهُمْ خَالِدُونَ)، «سورة الأنبياء: الآيتين 101 و102»، وهم الملائكة وعيسى وعزير عليهم السلام. طريق الخير قال محمد أبو زهرة في «زهرة التفاسير»، بعد أن بيّن الله سبحانه وتعالى جزاء الأشرار، وأنهم يجزون سيئات ما فعلوا، ذكر جزاء الأبرار، فقال «إن الذين سبقت لهم منا الحسنى أولئك عنها مبعدون»، والحسنى مؤنث أحسن، أي سبقت لهم الخصلة التي هي في أعلى درجات الحسن، وهي تقوى الله، ومخافة عقابه، ورجاء ثوابه، سبقت في علم الله وقدرها لهم، وسلكوا سبيلها، واهتدوا إلى طريقها، فأخذ الله بأيديهم فهداهم إلى الطريق الأمثل، لأن من سلك طريق الخير وطلبه، وفقه الله وهداه، ومن تنكب طريق الخير أضله الله وأرداه، والله يضل من يشاء، ويهدي إليه من أناب. وقال القاسمي في تفسيره، بين تعالى حال المؤمنين إثر حال الكافرين، حسبما جرت به سنة التنزيل، من شفع الوعد بالوعيد، وإيراد الترغيب مع الترهيب، والذين سبقت لهم منا الحسنى، وهي السعادة أو التوفيق، أولئك عنها مبعدون لأنهم في غرفات الجنان آمنون، إذ وقاهم ربهم عذاب السعير، لا يسمعون حسيسها، الصوت الذي يحس به منها، لبعدهم عنها وعما يفزعهم، وهم في ما اشتهت أنفسهم خالدون لا يحزنهم الفزع الأكبر للحشر وتتلقاهم الملائكة تستقبلهم مهنئين لهم قائلين هذا يومكم الذي كنتم توعدون في الدنيا، وتبشرون بنيل المثوبة الحسنى فيه. البشرى بالثواب وقال ابن الجوزي في «زاد المسير»، إنما أراد بقوله «وما تعبدون»، الأصنام دون غيرها، لأنه لو أراد الملائكة والناس لقال «ومن»، والمراد بالحسنى الجنة والسعادة، ولا يسمع أهل الجنة حسيس أهل النار، ولا يحزنهم الفزع الأكبر، النفخة الآخرة، أو إطباق النار على أهلها، وذبح الموت بين الجنة والنار، وحين يؤمر بالعبد إلى النار. وقال الإمام النسفي، الحسنى الخصلة المفضلة في الحسن، وهي السعادة أو البشرى بالثواب أو التوفيق للطاعة، سبقت لهم من الله العناية في البداية فظهرت لهم الولاية في النهاية.

مشاركة :