من كان يمعن نظره في المشهد النصراوي، كان يدرك أن أيام الأمير فيصل بن تركي على كرسي رئاسة النادي الذي اعتلاه قبل 5 سنوات، ومُدِّدت له مطلع الموسم الحالي، أصبحت معدودة جدًا، بعد أن فقد الفريق الأصفر بريقه ووهجه الذي كان عليه خلال الموسمين الماضيين، وأخذ مؤشر عطائه في الانحدار لمواقع لم يكن أكثر المتشائمين يتوقعونها (عاشر الدوري)، واللاعب الأساسي في كل ما يحدث هي الأزمة المالية التي يمر بها النادي بعدما تُرِك رئيس النادي وحيدًا دون دعم أمام «حزمة» كبيرة من الالتزامات لعقود المحترفين، التي سجل النصراويون فيها خلال السنوات الأربع الماضية الرقم الأعلى، انطلاقًا من عقد هداف الفريق محمد السهلاوي (33 مليون ريال) مرورًا بيحيى الشهري (52 مليونًا)، وصولًا إلى عقد نايف هزازي الذي فاق الـ30 مليون ريال، وهي أرقام فلكية اعتبرها بعض النصراويين «عبثية» كونها رفعت سقف الديون على النادي إلى 150 مليون ريال (حقوق لاعبين) وعليها نحو 50 مليونًا التزامات أخرى، من رواتب عاملين متأخرة واستحقاقات فنادق وشركات طيران وغيرها. الأمير فيصل بن تركي الذي قدم إلى النصر مشرفًا على كرة القدم، ثم رئيسًا للنادي والذي حقق معه الفريق 4 بطولات هي كأس الأمير فيصل، وكأس ولي العهد، ودوري عبداللطيف جميل «مرتين»، ووصل لنهائي كأس الملك مرتين، وأنفق الكثير من المال لبناء الفريق، إذ أولى القطاعات السنية أهمية كبيرة بإيجاد 6 ملاعب لها، يترك النصر والنادي مثقل بالديون والالتزامات المالية لعقود المحترفين التي تلتهم كل شيء، وعدم وجود رعاة يخففون من الأزمة التي أحكمت قبضتها على النصر أكثر فأكثر لتنافر أعضاء شرفه واختلافهم حول النادي. موقف الشرفيين مصادر «المدينة» أكدت أنَّ عضو شرف نصراوي بارز عقد عدة اجتماعات مع الأمير فيصل بن تركي بهدف تقريب وجهات النظر بينه وبين باقي أعضاء الشرف الذين اشترطوا على الرئيس دفع رواتب اللاعبين المتأخرة (7 أشهر) ومكافأة الفوز بالدوري العام الماضي البالغة 4.5 مليون ريال. موقف النجوم السابقين اللاعب الدولي وقائد النصر الأسبق فهد الهريفي أبدى حزنه الشديد لقرار الأمير فيصل بن تركي الاستقالة قبل نهائي كأس الملك وقال: «أشعر بحزن عميق جدًا لهذا القرار، وبالذات في هذا الوقت الذي يقف فيه النصر على أعتاب مباراة تاريخية في نهائي كأس الملك، وسيترك القرار آثاره السلبية في نفوس اللاعبين قبل اللقاء، في الوقت الذي كنت أتمنى فيه جلسة مصارحة وصفاء وفتح صفحة جديدة من أجل الكيان». واستطرد الهريفي قائلًا: «انتقدت طريقة عمل الأمير فيصل بن تركي حبًا في النصر، لكني أشعر بالحزن والأسى لاتخاذه مثل هذا القرار والذي أرى فيه هروبًا من المسؤولية والديون تحاصر النادي من كل جهة والتي بدا عاجزًا في التغلب عليها فكثرت وعوده، وقلت أفعاله، ففقد الثقة والمصداقية لدى اللاعبين، رغم النصائح وتعدد الخيارات التي كانت أمامه في بداية الموسم لكنه اختار ما هو أسهل عليه فكان الأصعب في آخر المشوار». وتابع الهريفي قائلًا: «حتى أسلوب الاستقالة كان خطأ فلم يكن يليق برئيس نادي النصر أن يتصل بقناة تلفزيونية ليعلن من خلالها الاستقالة، فتويتر موجود، والمؤتمرات الصحفية أيضًا، وهي الأنسب لمكانة نادي النصر، لكنه مرة أخرى اختار الأسهل عليه!!». وختم الهريفي تصريحه بالقول: «من كان يشجع فيصل بن تركي فها هو استقال وسيترك النادي، ومن كان يحب النصر، ويشجع الكيان فالكيان باق، والحب سيستمر!». موقف النقاد الناقد الرياضي والإعلامي عبدالرحمن الزهراني قال: «الاستقالة في هذا الوقت بالذات لم تحل المشكلة، بل سمحت بوجود مشكلة أكبر للنادي الذي يئن من كثرة الديون والتي ستحول حتمًا دون قدوم أي شخص لتحمُّل هذه المسؤولية العويصة جدًا والتي ستعصف بالنادي وتدخله في متاهة الضياع ما لم يتحرك أعضاء الشرف وفق رؤية واضحة تعالج مشكلات الحاضر، وتترك الماضي من أجل المستقبل». وأضاف الزهراني قائلًا: «النصر يحتاج إلى العودة، والعودة لها ثمن كبير جدًا أولها سداد الديون، والتفكير في المستقبل بواقعية تامة حتى لو اضطر النادي إلى بيع عقود اللاعبين والشروع في بناء فريق جديد وفق الإمكانات المتاحة والتعلم من درس الماضي الذي جلب للنصر الفرح في زمن قصير، وسيخلِّف له الحزن والمعاناة زمنًا طويلًا». وأتم: «لقد انتقدت فيصل بن تركي كثيرًا وفق الأخطاء التي كنت أراها وآخرون، وأشدت به حينما قدم عملًا مميزًا للنصر وتاريخه، واليوم أقول إنَّ مسؤولية فيصل بن تركي وكل أعضاء الشرف هي إبعاد النصر عن مقصلة الديون التي ستأتي على الأخضر واليابس وستذهب بالنادي إلى المجهول».
مشاركة :