الحرب الإسرائيلية على غزة تترك آلاف الأطفال مبتوري الأطراف بلا أمل

  • 10/8/2024
  • 00:00
  • 1
  • 0
  • 0
news-picture

يكافح الطفل الفلسطيني سميح عبد الواحد كل يوم لتلبية احتياجاته اليومية بالاعتماد على ساقه اليمنى فقط، بعد أن فقد ساقه الأخرى خلال هجوم إسرائيلي على منزله الواقع في حي الصبرة في مدينة غزة قبل سبعة أشهر. ويقول عبد الواحد (12 عاما) لوكالة أنباء ((شينخوا)) "كل ما أذكره عن الحادث أن جيش الاحتلال الإسرائيلي هاجم منزلنا دون سابق إنذار ورأيت سحابة بيضاء ضخمة حولي تحولت لاحقا إلى سحابة سوداء قبل أن أدخل في غيبوبة، وعندما استيقظت في المستشفى أدركت أنني فقدت ساقي اليسرى كما فقدت والدي". ويضيف عبد الواحد، وهو يتحسس بيديه المنطقة العليا لقدمه التي فقدها، "في البداية تمنيت لو أنني قتلت في الغارة، فليس من السهل العيش وحيدا بدون أبي (..) أمضيت شهرين في المستشفى للعلاج ثم غادرته لبدء حياة جديدة صعبة بدون قدمي وبدون حتى أمل بأن أبقى على قيد الحياة". ويعيش عبد الواحد حاليا مع عمته في خيمة مؤقتة أقيمت على شاطئ دير البلح وسط غزة، ويضطر للسير على عكاز لمسافة كيلومترين على الأقل للحصول على القليل من المياه الصالحة للشرب. ويقول عبد الواحد بحسرة "ليس لدي أي شيء في هذه الحياة البائسة لا عائلة ولا بيت ولا مال، ولكن أسوأ ما أعيشه هو أنني أصبحت أشعر بالعجز وعالة على المجتمع وبلا أمل". في السابع من أكتوبر 2023، شن الجيش الإسرائيلي حربا واسعة النطاق في قطاع غزة بعد أن نفذت حركة المقاومة الإسلامية (حماس) هجوما غير مسبوق على بلدات ومواقع إسرائيلية، أسفر عن مقتل نحو 1200 شخص واحتجاز نحو 250 آخرين كرهائن. ومنذ ذلك الحين، قتل الجيش الإسرائيلي أكثر من 41 ألف فلسطيني بينما تجاوز عدد المصابين 97 ألفا في قطاع غزة، عدد كبير منهم من الأطفال والنساء، بحسب وزارة الصحة الفلسطينية في غزة. ومن بين إجمالي عدد الإصابات، هناك أكثر من 11 ألف فلسطيني، بينهم 4 آلاف طفل، بترت على الأقل أحد أطرافهم السفلية أو العلوية، بحسب مدير المستشفيات الميدانية في وزارة الصحة في غزة مروان الهمص. وقال الهمص لوكالة أنباء ((شينخوا)) "للأسف، نعمل في ظروف قسرية، ونضطر إلى اتخاذ قرارات مؤلمة فيما يتعلق ببتر أطراف الجرحى، بمن فيهم الأطفال، بسبب الجروح العميقة والالتهابات الشديدة ونوع الإصابات غير المعتاد الذي تسببه أسلحة الجيش الإسرائيلي". واشتكى الهمص من أن معظم محاولات إنقاذ الأطراف من البتر خلال هذه الحرب باءت بالفشل بسبب نوع الأسلحة المستخدمة، والتي تسبب إما الموت السريع أو الموت المتأخر من خلال البتر والالتهابات. وأوضح الهمص "نحن غير قادرين على التعامل مع هذه الحالات في مستشفياتنا التي تعاني من نقص في كل شيء بسبب الاستهداف المباشر للبنية التحتية للمستشفيات والحصار الخانق". وذكرت وزارة الصحة في غزة في بيان أن أكثر من 35 ألف جريح، 40% منهم أطفال، بحاجة ماسة للسفر إلى الخارج لتلقي العلاج اللازم، مشيرة إلى أنه بعد سيطرة الجيش الإسرائيلي على منطقة معبر رفح البري في مايو الماضي، وعدم القدرة على السفر والتنقل هناك خطورة على حياة الجرحى والمصابين. ويتطلع ضياء العديني (15 عاما) من دير البلح وسط قطاع غزة للسفر لتلقي العلاج وتركيب ذراعين صناعيتين ليتمكن من الإمساك بالأشياء بنفسه دون انتظار مساعدة من الآخرين. وكان العديني قد فقد ذراعيه في قصف إسرائيلي على منزله في الثالث من أغسطس. ويقول العديني لوكالة أنباء ((شينخوا)) "في ذلك اليوم كنت أحمل هاتفي الذكي وأتحدث مع صديقي عبر تطبيق واتسآب وفجأة وقع انفجار ضخم في منزلي، وشعرت كأن جسدي يتناثر، وذراعي تطير في الهواء بعدها شعرت بدوار في رأسي ثم دخلت في غيبوبة". ونُقل العديني حينها إلى مستشفى شهداء الأقصى في دير البلح، حيث قرر الأطباء إجراء عملية بتر لذراعه الأخرى نتيجة لتمزقها وعدم إمكانية علاجها. ويضيف العديني "كانت لدي أحلام كبيرة لمستقبلي، حلمت أن أكون مصورا ذات يوم وأوثق الحياة في غزة وأنشرها للعالم، لم أفقد ذراعي فقط، بل فقدت حتى أملي في تحقيق حلمي في المستقبل". وقالت وكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا) في وقت سابق إن الأطفال يدفعون "الثمن الأغلى" في غزة وسط النزوح والخوف من فقدان طفولتهم. وأوضحت الأونروا في منشور عبر منصة ((إكس)) أنها لا تزال تقدم أنشطة نفسية واجتماعية وترفيهية للأطفال من أجل منحهم شعورا بالحياة الطبيعية قدر الإمكان. ووصف المستشار الإعلامي في الاونروا عدنان أبو حسنة وضع الجرحى والمصابين الفلسطينيين بالكارثي، مشيرا إلى أن أعدادهم في تزايد مستمر. وأضاف أبوحسنة لـ ((شينخوا)) أن الجميع سيصدم في "اليوم التالي" للحرب بأعداد ذوي الاحتياجات الخاصة جراء إصابتهم في الحرب. وتابع أنه حسب المتوفر من معلومات، فإن الهجمات الإسرائيلية تؤدي يوميا إلى إصابة أعداد من الأطفال معظمهم إما يفقد ساقا أو ساقين أو أطرافهم السفلية، مشيرا إلى أن ذلك لا يشمل البالغين الذين خسروا أيدي أو أذرعا.■

مشاركة :