هل تشتعل حرب شاملة بين إيران وإسرائيل؟

  • 10/12/2024
  • 00:00
  • 1
  • 0
  • 0
news-picture

دامت الخلافات والتناقضات بين إيران وإسرائيل لسنوات عديدة، وظلت المخاطر الكامنة تؤثر على أمن واستقرار منطقة الشرق الأوسط. وشنت إيران هجوما صاروخيا واسع النطاق على إسرائيل، مع وعد برد حازم وهجوم أقوى وأشد في حال تعرضها لأي هجوم من جانب إسرائيل. وبسبب توتر الأوضاع بين الجانبين تتفاقم مخاوف العالم من تدهور البيئة الجيوسياسية بشكل حاد في الشرق الأوسط، ويزداد القلق من احتمال اشتعال حرب شاملة بينهما. رد إسرائيل لا مفر منه نظرا للوضع الحالي، يبدو أن الحملة الانتقامية الإسرائيلية ضد إيران في وضع لا مناص منه. ومنذ اندلاع الجولة الجديدة من الصراع الفلسطيني الإسرائيلي في 7 أكتوبر العام الماضي، واجه أداء رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو من حيث القدرات الشخصية على القيادة وضمان الأمن القومي الشكوك على نطاق واسع. ولكن، بعد اغتيال إسماعيل هنية رئيس المكتب السياسي لحركة حماس، وحسن نصرالله الأمين العام لحزب الله اللبناني على التوالي، توطدت هيبة نتنياهو ومكانته في الدائرة السياسية الإسرائيلية، لذلك تستمر مسيرته السياسية التي كانت محفوفة بالمخاطر. وبالنسبة إلى نتنياهو، فمن أجل توطيد أسس إدارته وحكمه، يكون من المحتم شن هجوم على إيران والسعى لإلحاق أكبر ضرر فعلي بها، لصون وتعزيز هيبته السياسية. علاوة على ذلك، يزداد شعور الشعب الإسرائيلي بعدم الأمن بشكل ملحوظ، بسبب تفاقم الآثار الناجمة عن اندلاع الصراع الفلسطيني- الإسرائيلي وما آل إليه من تطورات واتساع رقعته. وعلى الرغم من أنه لا تعوز الداخل الإسرائيلي أصوات داعية إلى السلام ورفض العنف، إلا أنه مازالت هناك مجموعة كبيرة من الجماهير تميل إلى اتخاذ إجراءات أقوى ضد إيران وحزب الله اللبناني وحركة حماس. ومن أجل ضمان شرعية إدارتها وثبات مكانتها السياسية، تستلزم الحكومة الإسرائيلية تلبية مطالب الشعب بشكل فعال. لذلك، لا بد لها من الرد على الهجوم الصاروخي الإيراني. المنشآت العسكرية أهداف محتملة من بين أهداف الهجوم المضاد، أمام الحكومة الإسرائيلية خيارات عديدة تشمل المنشآت النووية والنفطية والمدنية والعسكرية. وإذا اختارت إسرائيل ضرب المنشآت النووية الإيرانية، فمن الصعب تقدير الخسائر. ورغم وجود أصوات داخل إسرائيل تدعو إلى ضرب المنشآت النووية الإيرانية، إلا أن الولايات المتحدة قد رسمت حدودا واضحا للهجمة الانتقامية الإسرائيلية، خاصة أن الرئيس بايدن حذّر إسرائيل من ضرب المنشآت النووية وحقول النفط. لذلك، من غير المرجح اختيار إسرائيل المنشآت النووية الإيرانية كأهداف رئيسية. وحول ضرب إسرائيل حقول النفط الإيرانية، فإن الفكرة لم تقابل بتحذير بايدن فحسب، بل سوف تتسبب في رفع أسعار النفط الخام، ما يؤثر على نتائج الانتخابات الرئاسية الأمركية. لذلك، تحتاج إسرائيل إلى التفكير بحذر في الآثار الخارجية الناجمة عن مهاجمة حقول النفط الإيرانية. وفي حال اختارت إسرائيل المنشآت المدنية كأهداف رئيسية، فسوف تتجاوز الحدود المعقولة لـ"الدفاع عن النفس" بشكل كامل، في خطوة لا تضر بصورتها فحسب، بل تثير اهتمامات وتدخلات دولية على نطاق واسع، حتى تدخل الولايات المتحدة نفسها. لذلك، بالنظر من الزوايا المنطقية والتكتيكية، من المرجح اختيار إسرائيل للمنشآت العسكرية كأهداف لهجومها الدقيق، وقتل شخصيات بعينيها لإضعاف القوة العسكرية الإيرانية، واستعراض العزيمة الثابتة والقدرات القتالية القوية لإسرائيل. الوضع العام تحت السيطرة مازال وضع الشرق الأوسط العام تحت السيطرة، حتى لو شنت إسرائيل هجوما مضادا على إيران. فمن جهة، مازالت الولايات المتحدة تحافظ على تأثيرها وسيطرتها على إسرائيل. وكانت إيران قد أخطرت الولايات المتحدة قبل شن هجومها على إسرائيل، ما يظهر نيتها في عدم دخول حرب شاملة. كما أن الولايات المتحدة لا تأمل في اتساع رقعة الصراع في الشرق الأوسط، وتأثيره على إستراتيجيتها العالمية. ورغم تأييدها لإسرائيل، إلا أن الولايات المتحدة قادرة على التأثير في قرار إسرائيل في حال تعرض مصالحها لخسائر كبيرة. لذلك، ينبغي لإسرائيل التنسيق مع الولايات المتحدة قبل شن هجوم مضاد على إيران. علاوة على ذلك، هناك أقل من شهر على موعد الانتخابات الرئاسية الأمريكية. وانطلاقا من الأسباب الانتخابية، سوف يبذل الرئيس الأمريكي جو بايدن أقصى جهده لتجنب التسبب في مزيد من الاضطرابات في الشرق الأوسط. على جانب آخر، مازال الصراع بين إيران وحزب الله وباقي قوى محور المقاومة من جهة وإسرائيل من جهة أخرى، في مرحلة "الكر والفر". وقبل شن الهجوم والهجوم المضاد، حافظ الجانبان على وجود قنوات اتصال مع الالتزام بضبط النفس والعقلانية. لذلك، من المترقب تطور الوضع نحو التهدئة بعد عدة جولات، ذلك في حال قررت إسرائيل شن هجوم انتقامي محدود. وإذا حدث العكس، فقد تتواصل حدة التوترات المتصاعدة في المنطقة.

مشاركة :