قانون التراكم المعرفي

  • 1/15/2014
  • 00:00
  • 2
  • 0
  • 0
news-picture

نحن نقبل فكرة (التطور) والتغير والنمو الذي طرأ على علم (الطب) إلى درجة الانقلاب، فلا يمكن مقارنة المعالجة بالكي مع العصر الجديد للجراحة، من جراحة الجينات إلى الاستنساخ الإنساني والجراحة عن بعد بواسطة روبوت يُجري العملية بأيدٍ ثابتة لا تعرف الاهتزاز، وبدقة لا يصل إليها أفضل جراح نطاسي في الفن، وبصبر استمده من معدنه الحديد، لا يعرف التعرق أو التعب أو اللغوب أو التوقف لشرب فنجان قهوة. نحن نقبل اليوم هذا التحول الذي طرأ على الكيمياء فلم يعد فن (تحويل المعادن الخسيسة إلى ذهب) مستحيلاً، وتستطيع الفيزياء النووية اليوم أن تحول أي معدن خسيس أو ثمين إلى ذهب وبالعكس، من خلال التلاعب بخارطة بروتونات الذرة، فليس الذهب أكثر من ذرة حوت نواتها 79 بروتوناً، وليس الصفيح (الخارصين Zn) إلا ذرة ضمت نواتها ثلاثين 30 بروتوناً، وبإضافة المقدار الناقص من البروتونات يمكن للتوتياء أن تأخذ لمعة الذهب الحقيقي بلون أصفر يجلب البهجة للناظرين، كما أن العكس صحيح بسحب المقدار من البروتونات من النواة، فيبهت اللون وينحدر الثمن؟ نحن اليوم نكتشف أخطاء لا تصدق من عمالقة فكريين. نحن نضحك اليوم من مستوى (أرسطو) المعلم الأكبر في علم الفيزياء، وهو معذور تحت قانون (التراكم المعرفي) بنفس الوقت الذي ما زلنا نستفيد منه من آرائه في السياسة، وأبوقراط أبو الطب أنه لم يكن واعياً بالدورة الدموية الكبرى أو الصغرى، وهذا طبيعي لعدم وجود تشريح للجسم البشري. نحن لا نكاد نصدق أن ابن خلدون اعتبر الشمس جرماً ليس فيه حرارة وإن كانت تشع بالضوء؟ جاء في المقدمة (وأن الشمس في نفسها لا حارة ولا باردة وإنما هي جسم بسيط مضيء لا مزاج له)؟ نحن نعرف اليوم حسب كشوفات تلسكوب هابل أن باطن الشمس فرن يتلظى بدرجة حرارة تصل إلى عشرة ملايين درجة، وأقلها على السطح بستة آلاف درجة مئوية. وابن خلدون الذي نتعجب من قوله ذكره هو في معرضه (تعجبه) من جهل البشر (بأحوال الكواكب لما اعتقدوا أن للشمس حرارة وأنها شديدة فيما قرب منها ولا يعلمون أن الحر هو الضوء). قد نتعجب مما قاله ابن خلدون ونرى محدودية إمكانياته وهو العملاق، في الوقت الذي كان يتعجب هو في زمانه ممن كان يرى أن الشمس حارة؛ فكيف لو نقلت له المعلومات الحديثة عن نار تتلظى على سطح الكوكب الملتهب ترسل بشرر كالقصر كأنه جمالة صفر بطول شظايا ونفثات من لهب تصل إلى مئات آلاف الكيلومترات؟ نحن نقبل فكرة (التطور والانقلاب المعرفي) التي طرأت على الطب، وبدرجة أقل الاجتماع، ولكن البحث في فروع أخرى يدخل تحت قانون (الممنوع والممتنع). وهذه هي المشكلة؛ فالعلم لا يقبل الحصر والتضييق، ونحن نأبى هذا ونريد سجنه، وهو كائن هلامي يفر من أعتى الأقفاص وأثقل الأغلال وأسمك الجدران. والله يعلم وأنتم لا تعلمون.

مشاركة :