اهتم عدد كبير من المفكرين والباحثين في الشرق والغرب بالدعوة إلى إثراء علم الاجتماع وميادينه، واستخدام مناهجه العلمية في دراسة المجتمع البشري وظواهره، واكتشاف قوانين النظام الاجتماعي الذي يحافظ على استقرار المجتمع وضبط توازنه. وقد أسهم كثير من المفكرين والمنظرين والعلماء في إثراء هذا الميدان العلمي الخصيب، وإشباع اتجاهاته السوسيولوجية. ومن العلماء البارزين في علم الاجتماع الرياضي العالم الراحل إريك دونينغ الذي يعد الأب الروحي لهذا الميدان الحديث الخصب. ولد العالم إريك دونينغ عام 1936 وتوفي عام 2019 وقد عمل أستاذا جامعيا في جامعة ليستر البريطانية العريقة بعد حصوله على شهادة الدكتوراه في علم الاجتماع. اشتهر هذا العالم بأبحاثه ودراساته الثرية في مجال علم الاجتماع الرياضي، هو عالم رياضي فذ في بريطانيا وكان له دور ريادي في تطوير نظريات حول الرياضة والمجتمع والثقافة وقد اشتهر بشكل خاص بمشروعه مع العالم النرويجي غونار وألبرت حول «التصنيف الاجتماعي للألعاب الرياضية» ونشر كتابه الموضوعي (الأحوال الرياضية) الذي قدم فيه دراسة تحليلية لسوسيولوجية العنف والحضارة، وقد أسهم في فهم التفاعل بين الطبقات الاجتماعية والرياضة. إلى جانب ذلك قدم دونينغ العديد من الأبحاث حول العنف في الرياضة وثقافة الجسد والهوية الجماعية الناشئة عن الممارسة الرياضية، ويعتبر إريك دونينغ من العلماء البارزين في تطوير ونمو مفاهيم وأطر علم الاجتماع الرياضي في بريطانيا وله تأثير كبير في البحوث والدراسات في مجال الرياضة كظاهرة اجتماعية. ولكون علم الاجتماع الرياضي تخصص في دراسة عدة مواضيع منهجية أهمها علاقة علم الاجتماع الرياضي بالتربية الرياضية من جهة وبعلم الاجتماع العام من جهة أخرى، والتحليل البنيوي والوظيفي للفرق والتنظيمات الإبداعية والمؤسسات الرياضية في المجتمع الإنساني طبيعة الأفكار والقيم والمواقف التي يحملها المجتمع إزاء الرياضة والرياضيين، وأثر الأفكار والقيم في ديناميكية أو سلوك الحركة الرياضية، المشكلات الاجتماعية التي تواجه الرياضيين في المجتمع، وكذلك العوامل التي تؤثر في تسريع نمو وتقدم الحركة الرياضية والعوامل التي تعرقل فعاليتها ونشاطها. وأمام ذلك التحدي لعلم الاجتماع الرياضي الذي نشأ في القرن العشرين ظهرت العديد من الدراسات العلمية والأبحاث التي تتناول هذا الميدان بصورة متنوعة في المجتمعات الأوروبية والولايات المتحدة الأمريكية حول أهميته وأبعاده واستعمالاته النظرية والتطبيقية، ومناقشة التأثير الإيجابي للرياضة في المجال الاجتماعي على الأفراد والمجتمع ككل اقتصادياً واجتماعياً وصحياً واستثمارياً وثقافياً وترويحياً، إلى جانب عرض تصرفات وسلوك الفرص الرياضية ولاعبيها من خلال الدراسات التي يقوم بها علماء الاجتماع الرياضي. وبالطبع فإن أي محاولة لدراسة الاجتماع الرياضي يجب أن تستمد أصولها من عالمية الظاهرة الاجتماعية والظاهرة الرياضية ومن خصوصية المجتمع الذي تحدث فيه هذه الظاهرة مع الإشارة أنه بعد نشأة علم الاجتماع الرياضي وتطوره في الخمسينيات الميلادية ظهر العديد من رواد هذا الميدان ومنهم رائد علم الاجتماع الرياضي أريك دونينغ الذي أسس مع باترك موفي وجون وليامز مركز السير نورمان كشيتر لبحوث كرة القدم كما ساهم في تأسيس النظرية الصورية ونشر كتابه كما ذكرنا سلفا (الأحوال الرياضية) الذي تناول فيه دراسة تحليلية لسيسيولوجيا العنف والحضارة ثم قدم عام 2000 مع جاي كوكلي دليل للدراسات الرياضية ولذلك يعتبر أريك دوتنج هو رائد علم الاجتماع الرياضي ومن الأوائل الذين قدموا دراسات وأبحاث علمية حول الرياضة كظاهرة اجتماعية أرتقت لتصبح نسقا فرعيا يساهم في تحقيق التكيف وخفض التوترات. ومازالت مؤلفاته الغنية وأبحاثه الرصينة تشكل مرجعا هاما للدارسين والباحثين والمهتمين بالرياضة وأنشطتها المتنوعة، خاصة وإن مفهوم الرياضة في السنوات الأخيرة تغير بعد أن تحول إلى قطاع اقتصادي مستقبلي رئيسي يهمه المساهمة في ازدهار البلدان من الناحية الاقتصادية، فلم تعد الرياضة نشاطاً ترويحياً أو ترفيهياً يستهدف بناء الإنسان رياضيا واجتماعيا ونفسيا، بل أصبحت نشاطاً اقتصادياً يحتمل الربح أو الخسارة وهذا ما أدركته الدول الصناعية الكبرى، فأصبحت تتعامل مع الرياضة كصناعة حقيقية تدخل فيها رؤوس أموال ضخمة.. ضمن اقتصاديات الرياضة التي تشكل أحد موضوعات علم الاجتماع الرياضي.
مشاركة :