ولد العالم ألفن وارد غولدنر عام 1920 في مدينة نيويورك بالولايات المتحدة الأمريكية وهو رائد من رواد المدرسة النقدية في علم الاجتماع المعاصر خاصة في بداية العقد السابع من القرن العشرين. درس علم الاجتماع في كلية أنتيوك وعمل أستاذاً لعلم الاجتماع في جامعة واشنطن عام 1957 وترأس جميعة دراسة المشاكل الاجتماعية عام 1962 وأستاذاً لكرسي ماكس فيبر لعلم الاجتماع في جامعة واشنطن عام 1967 ثم انتقل للعمل في جامعة أمستردام الهولندية (1972-1976) وقد أبدى وعياً راديكالياً بدوره الأكاديمي والسياسي والثقافي في المجتمع من خلال سعيه المتواصل للكشف عن النقائص والثغرات السائدة في علم الاجتماع المعاصر ولذلك كانت معظم كتاباته وقعت على الحد الفاصل بين علم الاجتماع المعرفة والنظرية الاجتماعية، وقد عبّر جولدنر عن نظريته النقدية من خلال مؤلفه الشهير «الأزمة القادمة لعلم الاجتماع الغربي» الذي يعتبر من أهم مؤلفاته في مضمار علم الاجتماع لأنه بمثابة ثورة حقيقة تهدف إلى تشخيص أزمة علم الاجتماع من خلال حصر التناقضات والصراعات التي يشهدها هذا العلم بغية تصحيح مساره بالاعتماد على رؤية نقدية تسعى إلى إيجاد بديل نظري يتصف بالكفاءة والشمول مما يجعله قادراً على الإحاطة بكل عناصر الواقع الاجتماعي وحتى أيضاً يتمكن الباحثون السوسيولوجيين من استخلاص الجوانب الراديكالية في علم الاجتماع، وتخليصه من الجوانب القهرية التي تعتري أنساقه النظرية لتحقيق غاياته الإنسانية التي وجد من أجلها بدلاً من غاياته الاستغلالية التي تم تكريسها من خلال نظرياته التقليدية ذات الطابع المحافظ. كانت كتابات غولدنر الأولى في «علم الاجتماع الصناعي» متأثراً بأستاذه في جامعة كولومبيا العالم روبرت ميرتون الذي أكد في سبيل سعيه إلى التوصل لأجندة تنظيرية متوسطة المدى في الوظيفية أهمية الحفاظ على مستوى تجريبي بدلاً من القيام بنوع من التنظير المبالغ فيه وهو ما يعني أن الأطروحة العلمية التي كانت تحت إشراف روبرت ميرتون في مجال علم اجتماع المنظمات أو الصناعات وكانت قائمة على البحوث التجريبية واختبار النظريات المختلفة مثل نظرية ماكس فيبر، وقد حاول غولدنر من خلال إطار نظري تصوري يرتكز على بعض مفهومات البيروقراطية ووظائفها عن ماكس فيبر ورؤية روبرت ميرتون للضبط والقواعد الرسمية ومناقشة فيليب سيلزنيك للنموذج الطبيعي أن يربط بين النموذجين الرشيد والطبيعي في دراسته الشهيرة على منجم للجبس ومصنع لتصنيعه يقع في مدينة بافالو التابعة لولاية نيويورك بالولايات المتحدة الأمريكية، إذ اهتم غولدنر في دراسته بما يمكن أن يسفر عنه استخدام القواعد البيروقراطية كأداة للضبط يحقق التوازن بين المكونات الأساسية للتنظيم وخلص من خلال استخدامه لمدخل مماثل تماماً لمدخل الفعل في تحليل التنظيم إلى تصور نظري مهم لديناميات الجماعة وما تمخض عن التطبيق الفعلي للقواعد الرسمية من نتائج مقصودة وأخرى غير مقصودة واستخلص غولدنر تصوره النظري الذي في أدبيات التنظيم بنظرية توترات الجماعة. وبعد إسهاماته الفاعلة في علم الاجتماع الصناعي وجّهه انتباه أكثر نحو النقد الاجتماعي وتطور علم الاجتماع المنعكس، وفي تصوره يصبح لعلم الاجتماع المنعكس وعياً ذاتياً بمجموعة فرضياته عن العالم وعن المعرفة والحقيقة. توفي العالم الأمريكي غولدنر عام 1980 بعد أن ترك أعمالاً بارزة وإسهامات ثرية في مكتبة علم الاجتماع وتراثها الأصيل بعد أن ظل اسمه يتردد بين الوظيفيين المهتمين بدراسة التنظيم الاجتماعي عامة والتنظيم الصناعي بشيء من التخصيص لاسيما بعد نشر كتابه المعنون: «الأزمة القادمة في علم الاجتماع الغربي» الذي يعتبره الكثير من المفكرين من أهم الدراسات النقدية لعلم الاجتماع الأكاديمي في القرن العشرين.
مشاركة :