القاهرة: خالد محمود طرابلس: «الشرق الأوسط» بينما استمر الانقسام داخل المؤتمر الوطني العام (البرلمان) في ليبيا على حكومة على علي زيدان الانتقالية، أعلن هذا الأخير عزمه إجراء تغيير وزاري وشيك في حكومته التي جرى تشكيلها في شهر نوفمبر (تشرين الثاني) 2012. وعقد المؤتمر الوطني الذي يعد أعلى سلطة دستورية وسياسية في البلاد، جلسة أمس بمقره الرئيس في العاصمة الليبية طرابلس، لمناقشة المذكرة المقدمة من 72 من أعضاء المؤتمر بشأن سحب الثقة من الحكومة الحالية وتشكيل حكومة أزمة بديلة، لكن خصوم زيدان عجزوا عن حشد 120 صوتا هو النصاب القانوني المطلوب لإزاحته وفقا للائحة الداخلية للمؤتمر. وقال أعضاء في المؤتمر لـ«الشرق الأوسط»، إن الجلسة عقدت وسط غياب ملحوظ لأعضاء التحالف الوطني الذي يقوده الدكتور محمود جبريل، فيما عده بمثابة مؤشر على استمرار الخلافات بين التحالف وحزب العدالة والبناء، الذراع السياسية لجماعة الإخوان المسلمين، بشأن الاتفاق على تسمية مرشح بديل لزيدان في رئاسة الحكومة. واستفاد زيدان من عمق الخلافات السياسية بين الكتل والأحزاب السياسية في المؤتمر، حيث نجح وفقا لما أبلغته مصادر ليبية لـ«الشرق الأوسط» في إقامة علاقات مباشرة مع أعضاء المؤتمر بعيدا عن الكيانات السياسية التي ينتمون إليها. ورغم اعتراف زيدان، في مؤتمر صحافي، عقده أمس ببطء الأداء في الدولة الليبية، معزيا ذلك إلى أنه يتعلق بالأفراد وقدراتهم في الجهاز الإداري، فإنه أعلن أن الأيام القليلة المقبلة ستشهد إجراء تعديل وزاري من خلال الدفع بكفاءات جديدة في عدد من الوزارات. وقال زيدان: «عندما أقول إن الأداء بطيء، لا أريد أن أقدم مبررات ولكنني أتحدث عن واقع معيش يوميا ينبغي على الشعب الليبي أن يعرفه.. إننا لا نخجل في الاعتراف بقصورنا لأننا بشر ونعمل في ظروف كل ما فيها معوق». وأكد أن الأوضاع في منطقة الجنوب باتت مستقرة وتحت السيطرة عقب الاشتباكات الدامية التي شهدتها أخيرا، وأسفرت عن سقوط نحو مائة قتيل وجريح وفقا لإحصائيات رسمية. وأوضح زيدان أن وفدا من الحكومة زار المنطقة وقدم تقريرا بهذا الخصوص وأحيل التقرير إلى المؤتمر الوطني، لافتا إلى أن الحكومة ما زالت تتابع هذا الأمر وأن تنسيقا تاما يجري بين كل المؤسسات ذات العلاقة في الدولة للوصول إلى الاستقرار الأمني وتوفير الإمكانيات لمواجهة أي طارئ. وجاءت تصريحات زيدان، عقب الإعلان مساء أول من أمس بمدينة سبها عن التوصل إلى وقف إطلاق النار، حيث قال محمد المبشر، عضو وفد مجلس حكماء وأعيان ليبيا للمصالحة في بيان أنه جرى الاتفاق على وقف لإطلاق النار استجابة جهود المجلس ومجلس أعيان سبها وبالتنسيق مع أعيان ومشايخ الطوارق. وقال شهود عيان، إن الهدوء يسود سبها، بينما قالت وكالة الأنباء الرسمية، إن الحركة داخل المدينة تسير بشكل نسبي، وإن بعض المحلات فتحت أبوابها، بينما ما زالت محطات الوقود مغلقة. ومع ذلك، أعلن العقيد الطاهر أشبيعان، مدير مكتب وزارة الدفاع بالمنطقة، أن الوضع ما زال به نوع من التوتر والاحتقان، خاصة بعد سقوط قتيل أمس، مشيرا إلى محاولات تبذل لإقناع القناصين بالنزول من الأماكن التي يرابطون فيها، وجهود حثيثة ومكثفة من أجل إيقاف القتال باعتبار أن هذه الأولوية منصبة على إقناعهم بالنزول من الأماكن المتمركزين بها الآن. وأضاف أن وزارة الدفاع تعمل على إعداد وتجهيز قوة متوازنة وكبيرة وقوية ورادعة ومنضبطة لإرسالها إلى المنطقة. واندلعت السبت الماضي اشتباكات بين قبائل التبو وقبيلة أولاد سليمان العربية في سبها التي تبعد نحو 750 كيلومترا جنوب العاصمة طرابلس، علما بأن قبائل التبو تمثل مجموعة عرقية من البدو الرحل، وتتكون من 38 قبيلة وتقطن في جنوب ليبيا وشمال وغرب تشاد وغرب السودان وشمال النيجر، وغالبا ما تدخل هذه القبائل في نزاعات مسلحة مع قبائل أخرى في جنوب البلاد. من جهة أخرى، قال رئيس الحكومة الانتقالية، إن عملية اغتيال الدكتور حسن الدروعي، عضو المجلس الوطني الانتقالي السابق ووكيل وزارة الصناعة في مدينة سرت، رسالة واضحة لكل الليبيين. ودعا زيدان إلى ضرورة الانضباط في استعمال السلاح وعدم تركه في متناول من يريد أن يخترق الأمن ويبث الرعب بين السكان، لافتا إلى أن الحكومة قامت بتدريب أكثر من 20 ألف شرطي جرى وضعهم في مقرات العمل، ولكن عند البحث عنهم لا تجدهم في هذه المواقع بسبب عدم التكافؤ بينهم وبين من يحمل أسلحة ثقيلة. لكنه أضاف: «هذا الأمر لن يستمر وستقوم الحكومة بالدور المناط بها في حماية المواطن والمؤسسات والممتلكات. وشدد على أن الوطن في هذه المرحلة الحاسمة يحتاج إلى جدية في العمل وإلى الحماس والاندفاع بقوة نحو البناء والتنمية والحفاظ على الوحدة الوطنية واستعادة روح ثورة السابع عشر من فبراير (شباط) التي وحدتنا، وأن نبتعد عن الأفكار التي تفرقنا. من جهته، أكد صالح جعودة، نائب رئيس لجنة الأمن القومي بالمؤتمر الوطني الإفراج عن نجل عبد الله الثني، وزير الدفاع الليبي، المختطف منذ أربعة أشهر، حيث نقلت عنه وكالة الأنباء المحلية قوله: «نؤكد الإفراج عن نجل الوزير»، لكنه امتنع عن تقديم المزيد من التفاصيل. واختطف مجهولون محمد نجل وزير الدفاع الليبي في شهر سبتمبر (أيلول) الماضي بمنطقة السراج في طرابلس، فيما بدا أنه بمثابة محاولة للضغط السياسي على الوزير، لكن لم تعلن أي جماعة مسؤوليتها عن عملية الخطف. على صعيد آخر، اغتال مجهولون أمس أحد أفراد القوات الخاصة الليبية (الصاعقة) بالرصاص بمدينة بنغازي (شرق)، في أحدث عملية من نوعها تستهدف رجال الجيش. وقالت مسؤولة في مستشفى الجلاء للحوادث إن المجني عليه أصيب بثلاث رصاصات في رقبته، مما أدى إلى وفاته في الحال.
مشاركة :