وشدد أزعور في مقابلة أجرتها معه وكالة فرانس برس على أن "الأولوية تتمثل في حماية الأرواح وإنقاذ سُبل عيش الناس، إنما كذلك في تقديم مساعدات إنسانية كافية للذين فقدوا كل شيء". ونزح نحو 800 ألف شخص بحسب أرقام الأمم المتحدة منذ صعدت إسرائيل ضرباتها على أهداف لحزب الله في لبنان. وبعد يوم على هجوم حركة حماس على جنوب إسرائيل واندلاع الحرب في قطاع غزة في السابع من تشرين الأول/أكتوبر 2023، أعلن حزب الله فتح جبهة "إسناد" لغزة، وبعد قصف متبادل مع إسرائيل عبر الحدود لحوالى سنة، تحول النزاع الشهر الماضي إلى حرب مفتوحة مع شن إسرائيل حملة غارات جوية مكثفة وعمليات برية محدودة في لبنان تتركز على حد قولها على أهداف لحزب الله. وعلى نطاق أوسع، دعا أزعور، وهو وزير لبناني سابق، المجتمع الدولي إلى وضع حد للنزاع سواء في قطاع غزة أو في لبنان، وتوفير المساعدات اللازمة للتعامل مع الأزمة الإنسانية "الهائلة" فيهما. وقال "نحض المجتمع الدولي وأصدقاء لبنان على تقديم هبات" لهذا البلد الذي كان يعاني في الأساس وضعا اقتصاديا صعبا جدا حتى قبل اندلاع الحرب الراهنة. وشدد "ندعو المجتمع الدولي إلى بذل كل ما في وسعه لوضع حد للنزاع والحد من معاناة السكان". وتشير تقديرات برنامج الأمم المتحدة الإنمائي إلى أن الاقتصاد اللبناني سيخسر 9,2% من ناتجه المحلي الإجمالي، فيما لم ينشر صندوق النقد الدولي أي توقعات للنمو في البلاد في عامي 2024 و2025 بفعل الوضع المتبدل فيه. وأوضح أزعور في سياق تبرير صعوبة توقع المنحى الذي سيتخذه الاقتصاد اللبناني، أن "هناك دمارا كبيرا في البنى التحتية، وأضرارا كبيرة جدا لحقت بمنطقة زراعية (جنوب البلاد)، وخسائر في الأرواح وتدمير وسائل إنتاج، وفي شكل عام تعطُّل النشاط الاقتصادي". وطأة اقتصادية متفاوتة وعلى نطاق أوسع، خفض صندوق النقد توقعاته للمنطقة ككل بمقدار 0,6 نقطة مئوية مقارنة بتقديراته السابقة الصادرة في نيسان/أبريل، على وقع عواقب النزاع في قطاع غزة ولبنان بصورة أساسية. لكنّ التداعيات الاقتصادية المباشرة لهذين النزاعين، خارج الأراضي الفلسطينية ولبنان، تبقى شديدة التفاوت، وتمكنت دول المنطقة بشكل عام من تخفيف وطأتها، وفقا لأزعور. غير أنّ "الأردن تأثّر بتراجع السياحة، وهي مشكلة لم تُعانيها مصر التي تواجه من جهتها انخفاضا في إيرادات قناة السويس بنسبة 70%"، ما يكبد الحكومة المصرية أرباحا فائتة تراوح بين 6 و7 مليارات دولار. وأوضح أزعور أنّ البلد الآخر الذي تضرّر هو سوريا، لكنه لفت إلى أن صندوق النقد الذي توقف عن إصدار تقديرات لهذا البلد منذ 15 عاما، "لا تتوافر لديه البيانات اللازمة" لرسم صورة دقيقة لهذه التداعيات. وأشار أزعور إلى أنّ مصر في وضع يتيح لها التعامل مع هذه الصدمة الجديدة، ولا سيّما بفضل البرنامج الحالي لصندوق النقد والذي رُفِعَت قيمته "من 3 إلى 8 مليارات دولار في نيسان/أبريل، تحديدا لمساعدتها على مواجهة" التطورات. وقال إن "مقاربة الصندوق مرنة. لكن المؤشرات الاقتصادية بمجملها تتحسن: النمو سيتسارع السنة المقبلة والتضخم يتباطأ" بالرغم من تحرير أسعار الصرف في الربيع، ما تسبب في مرحلة أولى بهبوط حاد في قيمة الجنيه المصري. وأكد أزعور أن "هدف البرنامج كان السماح لمصر بتعبئة موارد أخرى" ساعدتها على مواجهة عواقب الحرب في غزة، مقدرا بـ34 مليار دولار إجمالي الأموال التي تلقتها من شركاء مختلفين ولا سيما الإمارات العربية المتحدة. وشدد على "أهمية إعادة بناء الاقتصادات (في المنطقة) بصورة أفضل من أجل تعزيز قدرتها على الصمود". وهذا ما يتطلب برأيه تكاملا إقليميا أفضل، من خلال التركيز "على الفرص التي تتيحها مكافحة الاحترار المناخي والتكنولوجيات،من أجل اجتذاب المزيد من الاستثمارات"، وهو نهج يفترض أن ينعكس إيجابا كذلك على الضفة الغربية وغزة.
مشاركة :