على هضبة أهرامات الجيزة بالقرب من العاصمة المصرية القاهرة يظهر في الصحراء أسطول من 26 قاربا معدنيا قديما بأحجام مختلفة وكأنها تبحر في صمت وسط أمواج الرمال عبر الزمن وفي خلفيتها تلوح الأهرامات الثلاثة في عظمة وشموخ. الأسطول، الذي يبلغ طول أكبر قواربه 5 أمتار، هو عبارة عن عمل فني تركيبي بعنوان "الخروج" للنحات الإسباني خافيير ماسكارو، وهو واحد من حوالي 12 مجسما فنيا معروضا حول الأهرامات في النسخة الرابعة من معرض "الأبد هو الآن" الذي افتتح أمس (الخميس) ويستمر حتى منتصف نوفمبر المقبل. وقال ماسكارو إنه استغرق أكثر من عامين لإكمال عمله وإن عرضه بجوار الأهرامات كان بالنسبة له بمثابة "حلم تحقق". وأضاف الفنان الإسباني لوكالة أنباء ((شينخوا)) "أيا كان المكان الذي تنتمي إليه فإن الفن يعد رابطة بيننا، وهو تعبير خالد يربط بين الثقافات"، مشيرا إلى هضبة أهرامات الجيزة بأنها "مكانا يرمز إلى الخلود". وعلى مقربة من أسطول "الخروج" لماسكارو، يظهر تركيبا فنيا آخر بعنوان "سفينة الزمن" للنحات الفرنسي جان-ماري أبريو يعرض قاربا مصريا قديما مصنوعا من طمي نهر النيل ويقف في المنتصف تمثال برونزي لطفل عارٍ، تعبيرا عن رحلة الطفولة والإنسانية من الحياة إلى الموت. ويجمع معرض "الأبد هو الآن" بين الفن المعاصر والتاريخ القديم، المتمثل في أهرامات الجيزة، أحد مواقع التراث العالمي المسجلة لدى منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة (اليونسكو)، وينظم الحدث مؤسسة "آرت دي إيجبت"، وهي منصة مصرية معنية بالفن والتراث، حيث تسعى من خلال المعرض إلى الربط بين الماضي والحاضر وخلق تفاعل ثقافي بين الفنانين من مختلف أنحاء العالم. وقالت نادين عبد الغفار، مؤسسة "آرت دي إيجبت" والمنظم الرئيس للمعرض، "نحن نحاول في كل عام أن نظل في القمة وأن نظل نخاطب العالم كله ونجمع الفنانين من كل البلاد في مكان واحد في هذه الحضارة التي يعرفها وينبهر بها كل الناس في العالم، وهذا شعار للإنسانية". وأضافت "أنا دائما أقول إن الأهرامات موجودة منذ أكثر من 4500 عام وما تزال موجودة رغم كل الحروب وكل التغيرات، وسوف تظل موجودة إلى الأبد". ومن بين الأعمال الفنية اللافتة للنظر هو مجسم "السباق" للفنان المصري خالد زكي، والذي يضم حصانين جامحين مصنوعين من الفولاذ يتسابقان بين عجلات تشبه عجلات العربات المصرية القديمة. بينما يصور عمل الفنانة اليونانية ناسيا إنجليسيس هيكلا على شكل هرم مغطى بألواح الألومنيوم المفرغ على شكل قرص العسل ويبلغ ارتفاعه 5 أمتار ويحاذي هرم خفرع الذي يظهر من بعيد في الخلفية، العمل الفني المكون من قطعتين، والذي يحمل اسم "سائل صلب"، به ممر في المنتصف يمكن للزائر من خلاله العبور إلى الجانب الآخر للحصول على رؤية كاملة للهرم. وقالت الفنانة والمهندسة اليونانية إنجليسيس لوكالة أنباء ((شينخوا)) "سائل صلب" هو اسم العمل الفني، ونقطة الإلهام الأولى فيه هي الرمال، حيث إنها صلبة ولكنها تعمل مثل السائل، وكان المصريون القدماء يستخدمونها تقريبا لدفع الكتل الحجرية إلى أعلى ضد الجاذبية. ويتكون عمل "مونوكروم أر چي بي" للفنان الإيطالي لوكا بوفي من ثلاثة إطارات مربعة متجاورة ومغطاة بألواح شفافة حمراء وخضراء وزرقاء، يمكن للمشاهد من خلالها رؤية الأهرامات الثلاثة في الخلفية بلمسة من لون مختلف. وفي منطقة أخرى من المعرض المكشوف يظهر العمل الفني المذهل الذي يبلغ ارتفاعه 5 أمتار "سنلتقي مرة أخرى في السماء"، للفنان الجنوب أفريقي جيك مايكل سينغر، والذي يصور الطائر الأسطوري المصري القديم بينو، وهو إله يرمز للخلق والولادة الجديدة، ويتكون العمل من قضبان فولاذية داكنة عديدة تشكل طائرا رائعا يبدو وكأنه على وشك التحليق عاليا نحو الأهرامات. ومن بين الأعمال الفنية الأخرى المعروضة "أربعة معابد" للفنان الكوري الجنوبي إيك-جونج كانج و "بادما/لوتس" للفنانة الهندية شيلو شيف سليمان. وقد أبهرت الأعمال الفنية كل من عشاق الفن الذين حضروا إلى المعرض والسياح الذين كانوا يزورون أهرامات الجيزة الثلاثة. وقال الزائر السويسري فابيو باوليتي لـ((شينخوا))، "لقد أعجبني المعرض لأنه عندما ترى الأهرامات عادة ما تفكر في مصر فقط، لكن مزج الأهرامات مع أعمال فنانين عالميين يظهر كيف يمكن للفن أن يربط ويبني جسورا بين الثقافات المختلفة، وأعتقد أنها رسالة جميلة".
مشاركة :