أنور سونيا: اللوحة تعبير عن حالة وجدانية

  • 5/10/2016
  • 00:00
  • 4
  • 0
  • 0
news-picture

الدلالة.. مصارعة الثيران.. بائعة الأكياس.. السماك.. الوجوه.. الخوف.. تلك نماذج لأشهر أعمال الفنان التشكيلي العماني الكبير أنور سونيا، أحد مؤسسي الحركة التشكيلية العمانية منذ عام 1970، الذي تقارب تجربته الفنية زهاء 50 عاماً مر خلالها بمدارس فنية عدة، وتأثرت لوحاته بأعمال العديد من الفنانين العالميين مثل بيكاسو وماتيس وفان جوخ، بخلاف الخبرات التشكيلية العربية كالمدرسة المصرية والشامية والخليجية، ورغم ثراء تجربته وتعدد خبراته إلا أنه يؤكد أهمية التواصل بين الأجيال، ويشدد على ضرورة تواضع الفنان وصدقه مع نفسه قبل الآخرين. في اللقاء التالي يتحدث التشكيلي العماني أنور سونيا عن تجربته الفنية الأثيرة. يعرف سونيا نفسه فيقول ولدت في مملكة البحرين الشقيقة عام 1948 في العاصمة المنامة، وعشت طفولتي في منطقة العويضة والتحقت بمدرسة القضيبية الابتدائية، وقد استمرت إقامتي في البحرين حتى الصف الأول الثانوي، حيث عدت بعدها مع أسرتي إلى سلطنة عمان عام 1970 مع انطلاق فجر النهضة المباركة، وتولي السلطان قابوس مقاليد الحكم في البلاد، والحقيقة أن تلك المرحلة، تعد من أهم المراحل في تجربتي التشكيلية، حيث بدأ عشقي للرسم يتفتح في تلك المرحلة، ورغم بكارة الموهبة وقتها، إلا أنني تأثرت بفنانين تشكيليين عدة من مصر والشام، لا أنسى أبداً منظر البحر والسوق القديم والقلاع التاريخية في المنامة، ورغم عودتي لوطني عمان إلا أنني زرت البحرين حوالي 3-4 مرات، وفي كل مرة كانت البحرين القديمة تلملم أشلاءها، وترحل في صمت أمام البحرين الحديثة. يضيف: في عمان وتحديداً مطرح، بدأت مرحلة جديدة في تجربتي الفنية كنت وقتها بدأت مرحلة النضج والوعي ولدي توق عارم لسبر أغوار الفن التشكيلي، والدخول إلى عالمه المجهول والجميل والمملوء بالحكايات الشعبية والأساطير، والأغاني التراثية القديمة، والرزحه، والسوق، والحارة، وصيد السمك، ومصارعة الثيران، ومعظم تلك الموضوعات جسدتها في أعمالي الفنية فيما بعد، كانت هناك علاقة روحية بيني وبين منظر البحر في مطرح وخصوصاً ساعة الغروب ولم تكن الحركة التشكيلية قد تأسست بعد في تلك المرحلة، لذلك كنت أنا وبعض أبناء جيلي الرعيل الأول للفن التشكيلي العماني مع انطلاق النهضة المباركة عام 1970، وبعد مرور 45 عاماً على النهضة المباركة في عمان أستطيع أن أقول إن تجربتي الفنية تصل إلى زهاء 50 عاماً أي نصف قرن بالتمام والكمال، وكما حدث مع المنامة التي اختفت ملامحها تماماً الآن، اختفت أيضاً صورة مطرح القديمة، ولا أبالغ إن قلت إن مسقط كلها في تلك الفترة لم يكن بها سوى شارع واحد وبعض البيوت القديمة المتناثرة هنا وهناك إلى جانب مستشفى واحد أيضاً. وحول لوحاته وهل هي سيرة ذاتية له كفنان تشكيلي، أكد سونيا أن أي مبدع لا بد أن يسجل سيرته من خلال عمله الإبداعي بشكل أو بآخر، فالروائي قد يتحدث بلسان أحد أبطال رواياته، وقد يسجل في تلك الرواية جزءاً من حياته وفي رواية أخرى جزءاً آخر.. وهكذا، الأمر نفسه ينطبق على الشاعر، وبالنسبة لي كفنان تشكيلي أؤكد أن أعمالي كلها سيرة ذاتية لي، من أراد أن يعرفني أو يقرأني فليشاهد لوحاتي خصوصاً مصارعة الثيران وبائعة الأكياس في مطرح والدلالة وقلعة نخل والوجوه والخوف وحلم، وهكذا تجد أن لوحاتي مملوءة بالقلق والبساطة والشجن والأساطير مثل حياتي أيضاً. وعن رصده وتقييمه للحركة التشكيلية في السلطنة الآن، أوضح سونيا أن الحركة التشكيلية مزدهرة في السلطنة الآن، وأن هناك رواجاً ونشاطاً واضحين في معارض بعض الأندية الرياضية والثقافية والدبلوماسية، ومعارض الجمعية العمانية للفنون التشكيلية، ومرسم الشباب وبعض البيوت والجاليريات الفنية، مثل جاليري سارة، إضافة إلى العديد من مراسم الفنانين والفنانات التشكيليات سواء كانت المراسم مستقلة أم داخل البيوت، ناهيك عن مواقع التواصل الاجتماعي وخصوصاً موقع الانستغرام، أما بالنسبة للحركة النقدية فهي بسيطة ومتواضعة وخجولة، ولا تواكب الحركة الفنية بأي حال. وعن أهمية تواصل الأجيال بين كبار وصغار الفنانين التشكيليين شدد سونيا على أن التواصل يعد مهماً في كل المجالات وليس الفن التشكيلي فقط، لأن الحياة سلسلة حلقات ورايات... كل جيل يسلم الراية للجيل التالي، وهكذا تستمر الحياة. وعن لغته الفنية، والعوامل التي أثرت في تشكيلها، ذكر سونيا، أن لغته الفنية هي هويته التشكيلية، وهي مهمة لكل فنان، بحيث يجب أن يصبح له أسلوب فني خاص به ولا يقلد الآخرين، تماماً كما نقول في كرة القدم هذه مدرسة البرازيل وتلك المدرسة الإسبانية أو الفرنسية.. وهكذا، والحقيقة أن لغتي الفنية هي حصيلة نصف قرن من الفن التشكيلي تقريباً، وهي حصاد لتجارب الحياة التي عشتها أو لامستها أوعبرت عنها، مثل الطبيعة والبيئة العمانية والرقصات الشعبية والوجوه، وصيد السمك والدلالة وألعاب الأطفال والبحر والبيوت القديمة. وحول مغزى اللوحة بالنسبة له، وهل هي حالة مزاجية أم فنية أم بين هذا وذاك، أكد سونيا أن اللوحة لا يمكن أن تعبر عن حالة مزاجية أبداً، اللوحة أعمق وأكبر من ذلك بكثير، فهي حالة وجدانية نفسية متكاملة بين الفنان والعمل الفني، تبدأ الفكرة في أي وقت وأي مكان ولا تنتهي إلا باكتمال العمل الفني في لوحة معلقة على جدار أحد المعارض الفنية، وما بين الفكرة والمعرض قصة حب طويلة لا يدرك مغزاها وجمالها، إلا الفنان نفسه وكل متذوق حقيقي للفن التشكيلي.

مشاركة :