مسجد عقبة بن نافع.. إرث معماري عريق

  • 5/10/2016
  • 00:00
  • 46
  • 0
  • 0
news-picture

يقف جامع عقبة بن نافع بين أبرز المعالم المعمارية في تونس وأكثرها شهرة، باعتباره إرثاً حضارياً عريقاً وشاهداً على حقب تاريخية فارقة في التاريخ العربي الإسلامي، ويقع هذا الجامع جنوبي العاصمة التونسية في مدينة القيروان، وتشير المصادر إلى أنه شيّد في سنة 56 ه على يد القائد الأموي عقبة بن نافع الذي أسس مدينة القيروان، وعلى مدى القرون الطويلة بقي هذا الجامع حتى اليوم بما يحمله من جمال هندسي وإبداع معماري، بقبابه وأبوابه ومحرابه، شاهداً على تاريخ مضيء، وإرث حضاري عريق. يشغل المسجد مساحة مستطيلة غير منتظمة، ويسند الحوائط الخارجية للمسجد سنادات مختلفة الشكل والحجم والأبعاد، ويتكون المسجد من صحن ومجنبات تؤدي إلى بيت الصلاة التي تقوم فوق أروقة أعلاها وأوسعها الرواق الأوسط وهذا الرواق ينتهي برواق عرضي له الارتفاع نفسه، ويبلغ طول المسجد من الخارج 135 متراً وعرضه 80 متراً، ومن الداخل يصل طول جدار القبلة إلى 72 متراً، ويتكون بيت الصلاة من سبعة عشر رواقاً بطول 36 متراً وتتجه من الشمال إلى الجنوب وهي تؤدي إلى جدار القبلة، وتحمل هذه الأروقة سقفًا دخلت عليه تعديلات متكررة، كما ترتفع في طرفي الرواق الأوسط قبتان ضخمتان. كما يتميز المسجد بأبوابه الضخمة، وقبابه الست: (قبة المحراب، وقبة باب البهو، وقبتان في الشرق والغرب، وقبة تعلو المجنبة الغربية للمسجد وقبة في أعلي المئذنة)، وفي جامع القيروان ميزتان أولاهما أن بيت الصلاة عميق، يغطي نصف المسجد تقريبًا والمجنبات قليلة العمق ولكل منها رواقان ، والميزة الثانية أن المئذنة بناء مستقل، شبيه بالبرج ويقوم في الجدار المواجه لجدار القبلة. تعد مئذنة الجامع من أجمل المآذن التي بناها المسلمون في إفريقيا، وقد حافظت على هيئتها منذ أمر بتشييدها بشر بن صفران، وهي بالتالي تعطي مثالاً حياً عن المآذن الإسلامية قديماً، حيث استمدت الكثير من المآذن في المغرب العربي هيأتها ونمطها المعماري مع اختلافات بسيطة، كما هو الحال في مئذنة جامع صفاقس، ومآذن جوامع تلمسان وأغادير والرباط وجامع القرويين، وتتكون المئذنة من ثلاث طبقات كلها مربعة الشكل، وفوق الطبقات الثلاث قبة مفصصة، ويصل ارتفاع المئذنة الكلية إلى 31.5 متر، وتقع في الحائط المواجه لجدار القبلة في أقصى الصحن المكشوف، وضلع طبقتها الأولى المربعة من أسفل يزيد على 5.10 متر، وتم بناء الأمتار الثلاثة والنصف الأولى منها بقطع حجرية مصقولة، بينما شيد بقية جسم المئذنة بقطع حجرية مستطيلة الشكل كقوالب الأجر. ومحراب الجامع هو عبارة عن قوس مدبّب، يستند إلى عمودين أحمرين بتاجين متماثلين ومخدتين مزخرفتين من المرمر الأبيض، وتغطي طاسة المحراب قشرة خشبية مدهونة باللون الأزرق الداكن ومزهرة باللون الذهبي، أما المنبر فمصنوع من الخشب وفيه زخارف هندسية ونباتية، ويعود عهده إلى عام 248ه، والمقصورة على يمين المنبر هي الأقدم في العالم الإسلامي وتعود للقرن الخامس الهجري.

مشاركة :