سهام بنت أحمد الحارثية harthisa@icloud.com في عصر التحولات الاقتصادية العالمية السريعة، يبرز العمل الحر وريادة الأعمال كخيارات جاذبة للشباب العُماني. العديد من هؤلاء الشباب يختارون تأسيس مشاريع خاصة تعكس شغفهم وابتكارهم، عوضًا عن الانتظار لوظائف تقليدية. هذا الاتجاه يتماشى مع أهداف رؤية عُمان 2040 التي تهدف إلى تنويع مصادر الدخل وتوفير فرص عمل مستدامة. العمل الحر ليس مجرد وسيلة لكسب المال إنه يمنح الشباب فرصة للاستقلال المالي وتنمية مهاراتهم القيادية ويعزز مقدرتهم على التطوير والإبداع وفقًا لتقرير Global Entrepreneurship Monitor لعام 2023، أظهر حوالي 18% من البالغين حول العالم رغبتهم في إطلاق مشاريعهم الخاصة، وبالأخص في الفئة العمرية بين 25 إلى 34 عامًا. في دول الخليج، أظهرت الإحصائيات ارتفاعًا ملحوظًا في نسبة الشباب الراغبين في ريادة الأعمال، حيث تتجاوز النسبة 30%، مما يعكس اهتمامًا كبيرًا بالاستقلال المالي وخلق فرص جديدة. ومن مشاهدتي في عدة ملتقيات أرى أنَّ الحكومة تقوم بدورها في دعم الشباب ورواد الأعمال عبر منصات مختلفة مثل بنك التنمية وصندوق عُمان المستقبل. وفقًا لتقرير بنك التنمية لعام 2023، تم توفير تمويلات بحوالي 150 مليون ريال عماني للمشاريع الصغيرة والمتوسطة، حيث تم تخصيص نحو 40% من هذه الأموال لدعم مشاريع يملكها شباب تتراوح أعمارهم بين 20 و35 عاماً. في ذات السياق، خصص صندوق عُمان المستقبل تمويلاً يزيد عن 50 مليون ريال عماني لدعم رواد الأعمال الشباب، مما أسهم في زيادة عدد الشركات الناشئة بنسبة 25% خلال العامين الماضيين. ويمكن للشباب العُماني أن يستلهموا من تجارب حول العالم، فعلى سبيل المثال، وادي السيليكون في الولايات المتحدة يُعتبر نموذجًا مثيرًا للابتكار، حيث ولدت فيه شركات كبرى مثل "جوجل" و”فيسبوك”. ومن جهة أخرى، يُظهر برنامج Startup India في الهند نجاحًا ملحوظًا؛ حيث خصصت الحكومة حوالي 5 مليارات دولار لدعم الشركات الناشئة، مما أسهم في زيادة الشركات الناشئة بنسبة 20% سنويًا. أما في كينيا، فإنَّ ريادة الأعمال الاجتماعية تتصدر المشهد، حيث يركز الشباب على إيجاد حلول مبتكرة للتحديات الاجتماعية مثل الطاقة والمياه. ولكي ينجح الشباب في مشاريعهم، ينبغي على الراغبين في دخول هذا المجال الاهتمام بالتدريب واكتساب المهارات اللازمة؛ حيث تعد المهارات التقنية والإدارية أساسية، ويمكن الحصول عليها من خلال البرامج التدريبية التي تقدمها الجامعات أو المنصات التعليمية. كما يجب إعداد خطة عمل مرنة تتضمن الأهداف والاستراتيجيات؛ مما يتيح للمشروع التكيف مع تغيرات السوق. إضافة إلى ذلك، يمكن البحث عن التمويل عبر البرامج المتاحة مثل قروض بنك التنمية وصندوق عُمان المستقبل ولا يمكن إغفال أهمية استمرارية الابتكار والتركيز على تقديم حلول مبتكرة، مما يعزز من فرص النجاح والاستدامة. ومن جانب آخر، يجب على الجهات الحكومية والخاصة المنظمة لهذه المشاريع مراعاة تسهيل الإجراءات الإدارية والقانونية لمساعدة الشباب على إطلاق مشاريعهم بسلاسة وسرعة دون تعقيدات وقد شهدت دول الخليج عمومًا ارتفاعًا بنسبة 30% في عدد الشركات الناشئة بفضل هذه المُبادرات. أؤمن أن ريادة الأعمال والعمل الحر باتا خيارين واعدين أمام الشباب العُماني الذين يسعون لبناء مستقبلهم والمساهمة في تعزيز الاقتصاد الوطني وذلك بدعم من الحكومة الرشيدة والاسترشاد بتجارب عالمية ملهمة في ريادة الأعمال ليكون مجتمعنا منتجا ومتعددا اقتصاديًا.
مشاركة :