توارت الفلوجة عن الأجهزة الإعلامية المشغولة بالأزمة السياسية في العراق وصراعات الكتل البرلمانية غير أن المدينة الموصوفة من قبل أهلها بأنها لا تعرف النوم منذ الغزو الأميركي تجسد في نظر الكثير من المراقبين السياسيين، الكارثة الإنسانية، والسياسية التي يشهدها العراق، الذي بات شعبه من أفقر شعوب العالم رغم عيشه على تراب غني بالنفط والموارد. ويؤكد أهالي الفلوجة أنهم، منذ الاحتلال، حتى الآن يعانون من الحصار الدائم، اضافة الى القصف العشوائي المستمر من قبل القوات الحكومية والميليشيات التابعة لها، مذكّرين بأن من اهم بنود البرنامج السياسي لحكومة حيدر العبادي، هو التعهد بوقف الحصار والقصف عن المناطق المدنية.. وبخاصة الفلوجة الا أن حكومة العبادي استبدلت تعهدها بعدم محاصرة وقصف المدنيين بحصار خانق وقصف بالبراميل المتفجرة، وبالميليشيات، حيث يقدر ناشطون مدنيون أعداد الضحايا بالمدينة منذ بدء الحصار بأكثر من 3400 قتيل، خمسمئة منهم من الأطفال، إضافة إلى ستة آلاف جريح. معاناة ويضرب سكان محليون مثلا على معاناة الفلوجة جراء الحصار، المحاصر إعلامياً، بما تسرب من صور لأم تلقي بأطفالها في نهر الفرات لعجزها عن إطعامهم، لتكشف حجم المأساة التي يعيشها العراقيون. وتحاصر القوات العراقية المدينة من جميع الجهات، ولا تسمح حتى بمرور التمر الذي وصل سعر الكيس منه إلى نحو 60 دولاراً. حصار ويرى العديد من المراقبين السياسيين، أن حصار الفلوجة، ليس له وقت او تاريخ محدد، فمنذ انتهاء معارك نوفمبر 2004، تم فرض حصار متفاوت الشدة على المدينة، من خلال تضييق الدخول اليها والخروج منها، وفرض باجات دخول وخروج على الفلوجيين، وخضوع منافذها للتدقيق والتفتيش، وتقنين المواد الداخلة اليها والخارجة منها. اضافة الى الاغتيالات وعمليات الاعتقال والاختطاف التي شملت الكثير من ابنائها، الذين اصبحت هذه الحالة جزءاً من حياتهم اليومية، ما يعني أن المدينة مفروض عليها حصار دائم، كونها رمز المقاومة. وضع سيئ ويقول الكاتب والمحلل العراقي فاضل رشاد، إن الوضع في الفلوجة سيئ للغاية، فهناك 300 ألف شخص من أهالي هذه المدينة محاصرون من دون طعام، ومن دون مواد طبية، وقد أدى حصار المدينة من قبل الميليشيات بالأمهات للانتحار بأطفالهم. وكان حصاراً فرض على المدينة في عهد حكومة المالكي بعد إن فشلت محاولات اقتحامها، واستخدم في هذا الحصار الميليشيات المدعومة بقوات عراقية، ويشمل عدم السماح بمرور الطعام أو المساعدات الإنسانية، أو حتى الأدوية، حتى باتت الأمراض تنهش في جسد السكان، ومن لم يمت منهم جوعاً مات بسبب المرض. وتشير منظمات المجتمع المدني الى انها باتت عاجزة عن الدخول للمدنية، بسبب شدة الحصار، والقصف المتواصل من قبل مدافع وراجمات الجيش العراقي والميليشيات، المتمترسة على الحدود من جميع الجهات، ما دفع تلك المنظمات الى مطالبة المسؤولين، بسرعة توفير المساعدات حتى لا تُباد المدينة بأكملها، حتى ولو كان تقديم المساعدات عن طريق الجو، وإسقاطها من خلال الطائرات، لإنقاذ ما يمكن إنقاذه من المدنيين والأطفال الصغار، الذين ليس لهم ذنب في هذا الصراع، بين النظام والميليشيات من جهة وبين داعش من جهة أخرى.
مشاركة :