بغض النظر عن مجال العمل، فإن عملية اتخاذ القرار هي شيء لا يمكن الاستغناء عنه بأي حال، بالنسبة للموظفين أو المديرين، حيث تُشير الأبحاث إلى أن الشركات التي تولي هذه العملية أهميةً تتمتع بإنتاجية أكبر بنسبة تتراوح بين 5-6%، مقارنةً بالشركات التي تهمل عملية اتخاذ القرار أو تعتمد على نتائج أولية. والحقيقة أن عملية اتخاذ قرارات استراتيجية في العمل، تُعد عملية صعبة للغاية، تتطلب آليات ممنهجة، ومهارات معينة، ولكن لا تقلق، حيث تصحبك منصة "الرجل" للتعرف على هذه العملية عن قرب خلال السطور التالية، بما يصقل مهارات اتخاذ القرار لديك. قبل أن نتحدث عن المهارات والخطوات الأساسية اللازمة لصنع قرار ما، علينا أن نضع تعريفًا مبدئيًا لهذه العملية، ونُحدد عوامل صنع القرار في العمل التي يجب مراعاتها عند الإقدام على اتخاذ قرارٍ ما. ونستطيع هنا أن نقول إنها عملية اتخاذ أفضل قرارٍ ممكن في موقفٍ معين، وغالبًا ما يتطلب اتخاذ القرار الفعال وضع العوامل الآتية في الاعتبار: - تحديد الخيارات المتاحة بوضوح. - توقع النتائج الممكنة. - وضع احتياجات ورغبات الآخرين في الاعتبار. - فهم تأثير قرار ما على المشروع، أو الإدارة، أو الشركة بأكملها. بأخذ كل هذه العوامل، وغيرها في الاعتبار في أثناء عملية اتخاذ القرار، يُمكنك أن تختار القرار الأصوب والأكثر فعالية بالنسبة لمكان العمل. تتطلب عملية صنع القرار التحلي ببعض المهارات الضرورية، فلا يكفي أن تجمع المعلومات والبيانات ذات الصلة، وأن تنظر في الخيارات المتعددة بتأنٍ، وإنما يجب عليك أن توظف بعض المهارات لتصل إلى مرادك من خلال مراحل صنع القرار، وهي: - حل المشكلات: جزءٌ لا يتجزأ من عملية اتخاذ أو صنع القرار في العمل، وهي خليط من المهارات المختلفة، مثل القدرة على مراعاة وجهات النظر المتعددة من أجل الوصول إلى قرارٍ مدروس، والقدرة على مراقبة التحديات وإيجاد الحلول من وجهة نظر محايدة بعيدة عن العاطفة، والقدرة على اتخاذ قرارات سريعة في كثيرٍ من الأحيان، إلخ. - القيادة: لا ترتبط عملية اتخاذ القرار بالقادة من فراغ، فمهارة القيادة من المهارات الضرورية لتحفيز الموظفين على تحقيق أهدافهم، ومساعدتهم على زيادة الإنتاجية، فضلًا عن فوائد أخرى كثيرة لا يتسع المجال لذكرها، فقط تأكد من أنك قريب من فريقك، لأن ذلك يزيد من التماسك ويؤدي إلى اتخاذ قرارات مستنيرة ومثمرة على الأمد الطويل. - المنطق: دون المنطق لا يمكن لأي قرار أن يكون صائبًا، إلا في حالات نادرة وبسبب الحظ؛ لذلك تأكد من وضع جميع الخيارات في الاعتبار، وقارن بينها باستخدام البيانات والدلائل المؤكدة، بعيدًا عن العاطفة، حتى تصل إلى أفضل قرار ممكن. - الحدس: يُكمل الحدس المنطق، وهو الثقة في غريزتك التي اكتسبتها من التجارب والخبرات، والقيم الأساسية التي تُشكل دافعًا قويًا لديك، ناهيك أنه المهارة الأولى التي يلجأ إليها الكثيرون تلقائيًا عند وجوب اتخاذ قرار فوري وسريع. - العمل الجماعي: في مراحل ومواقف عديدة، قد يتعين عليك التعاون مع زملائك لتحقيق أهداف مشتركة، تعود على الجميع بالنفع. على سبيل المثال، ستحتاج في حالات كثيرة إلى أن تتعاون مع مدير التسويق لاختيار أفضل خطة أو طريقة للتعاون مع عميلٍ مهم، ناهيك بأن العمل الجماعي والاستعانة بآراء الفريق كاملًا قد يكونان مفيدين للغاية في هذه المواقف تحديدًا. - الذكاء العاطفي: يعني الذكاء العاطفي أن تكون واعيًا بمشاعرك، قادرًا على التعبير عنها بطريقة صحية، ومحفزة لمن حولك، خاصة أن المشاعر يمكن أن تلهمك لحلولٍ كثيرة، وتساعدك على التعبير عن أهدافك للآخرين، فضلًا عن تحليل بعض التحديات والحلول في بعض الأحيان. - الإبداع: مثير آخر من مثيرات المنطق والحلول الرائعة والفريدة، لذلك ضع في اعتبارك تنظيم جلسات أسبوعية للعصف الذهني وزيادة الإبداع، علّك تلاحظ الفرق سريعًا. - إدارة الوقت: كما ذكرنا، تتطلب العديد من المواقف اتخاذ قرارات سريعة، ويُمكن أن تفيدك مهارة إدارة الوقت في هذه المواقف، إذ سيكون لديك علمٌ مسبق بأشياء عديدة، مثل المواعيد النهائية، ما سيفيدك إذا كنت موظفًا أو مديرًا. - التنظيم: وهي مهارة مهمة جدًا في عملية اتخاذ القرار، حيث تساعدك على تحديد أولوياتك وتحدياتك، وبالتأكيد الحلول المطروحة أمامك، حتى تتمكن من معالجة القضايا الأكثر إلحاحًا، ثم الأقل فالأقل، وتشمل مهارة التنظيم أيضًا القدرة على توكيل المهام الصغيرة إلى أعضاء الفريق، والمراقبة من بعيد. الأمر يعتمد على نوع العمل الخاص بك، فضلًا عن عوامل أخرى، غير أن الخطوات الآتية هي خطوات مبدئية وأساسية يمكن تطبيقها على الكثير من الأعمال: 1. تحديد المشكلة: والمقصود هنا تحديد المشكلة بأكملها حتى تتوصل إلى الحل الصائب، فتحديد جزء من المشكلة قد يجعلك تتخذ قرارًا في غير محله، على سبيل المثال: إذا كانت مبيعات شركتك تتناقص، فمن الضروريّ أن تنظر إلى الموضوع بشكلٍ شامل، لأن الحل قد لا يقتصر على مجرد زيادة الإنفاق على الإعلانات، ربما المشكلة بالمنتج أو الخدمة التي تقدمها. 2. اجراء بحث شامل: كلما كان بحثك دقيقًا كانت قرارتك أكثر استنارة، ولذلك حاول أن تبذل مجهودًا في مرحلة البحث هذه بالتحديد، حتى إذا كنت خبيرًا بمجالك. 3. إعداد قائمة بالحلول القابلة للتطبيق: ضع جميع الحلول الممكنة للمشكلة وكل قرار قد تتخذه، وضيّق النطاق، مراعيًا مهارات وعوامل صنع القرار في العمل، حتى تصل إلى أفضل نتيجة، وهذه الخطوة قد تتطلب وقتًا طويلاً حسب أهمية القرار ونوع المشكلة، ناهيك بأنها قد تحتاج الكثير من المجهود الذهني. 4. أشرِِك أعضاء الفريق: كلما كان الأمر معقدًا، زادت الحاجة إلى المزيد من أعضاء الفريق، إذ سيساعدونك في تضييق قائمة الخيارات، وتقييم الوضع بشكلٍ أفضل، ومن ثم التوصل إلى القرار الأكثر صوابًا، وطبعًا كلما كانت خبرتك قليلة، زادت الحاجة إلى إشراك أعضاء الفريق أيضًا. 5. تقييم أفكارك بناءً على التأثير: الأفكار والقرارات يجب أن تكون مبنية على المنطق من حيث تأثيرها ومدى وملاءمتها للموقف، فأحيانًا يكون الحل الأمثل في الكُلفة الأعلى، وأحيانًا العكس بالطبع، وهكذا. 6. تقييم نتائج قرارك: بعد تقييم الأفكار واختيار الحل الأمثل من الناحية المنطقية، يأتي دور تقييم ما توصلت إليه من نتائج؛ هل كان اختيارك صائبًا أم كان هناك حل أفضل؟ هل إذا عاد بك الزمن ستفعل الأمر نفسه، وتُكرر الخطوات نفسها أم لا؟ الإجابة عن هذه النوعية من الأسئلة ستفيدك للغاية. 7. التفكير في المستقبل: في نهاية العملية، وظف نتائج قراراتك وتقييماتك في المشكلات المستقبلية، هذا إن كانت قراراتك وتقييماتك صائبة بالطبع، عدا ذلك، إذا شعرت أن عملية اتخاذ القرار كانت يمكن أن تكون أصوب، هنا فكر فيما يمكنك فعله لتحسين الأمور.
مشاركة :