معضلة العمالة المؤقتة باليابان

  • 5/12/2016
  • 00:00
  • 1
  • 0
  • 0
news-picture

دخلت اليابان مرحلة النمو السريع في مرحلة متأخرة عن نظيراتها في أمريكا وأوروبا، وهي اختارت ألا تقوم بإعادة اختراع العجلة، وأن تقوم بدلاً من ذلك باستعارة وشراء التقنيات المتقدمة، كما قامت بتصميم المدارس والجامعات بحيث يتم فيها تعليم الدروس المستفادة من الدول المتقدمة. ويعتقد اليابانيون بأن الشركات اليابانية لم تعد قادرة على تقديم وظائف دائمة وأن المجتمع قد بات أكثر شيخوخة. وكانت اليابان قد سارت في طريق البطالة المتزايدة ؛ فبعد الاضطرابات الاقتصادية التي عانتها في فترة التسعينات من القرن الماضي. وتعرض أسواقها المالية لما يشبه الانهيار، وفشل الكثيرون في تسديد قروضهم وهو ما انعكس على حجم الإنفاق والاستهلاك، وفرَض على الشركات تقليص حجم أعمالها والاستغناء عن أي عمالة تراها زائدة. الشعب الياباني عبر تاريخه لم يعتد على البطالة، والشركات اليابانية مقيدة بقوانين ولوائح عديدة تمنعها من الاستغناء عن أي عمالة إلا بعد إجراءات مشددة. كل ذلك لم يترك أمام الشركات اليابانية سوى خيار إغلاق باب التوظيف الجديد مما أدى إلى حدوث موجة واسعة من البطالة وسط الشباب الصغير بالذات. في أوائل الألفية الجديدة، بلغ عدد الطلاب اليابانيين الذي تخرجوا من الجامعة دون الحصول على فرص عمل أو حتى تدريب نحو 600 ألف شخص، وبلغت نسبة العمالة المؤقتة 40%، ووصلت الأزمة إلى ذروتها في عام 2003 قبل أن تبدأ الأوضاع في التحسن، ولكن مشكلة العمالة المؤقتة وغير المنتظمة والجزئية ما زالت سائدة في قطاعات عدة في اليابان وهي تدل على عدم الاستقرار الاقتصادي. قبل انفجار الفقاعة الاقتصادية في اليابان، كانت نسبة العاملين من الشباب هناك في وظائف مؤقتة أو جزئية لا تتعدى 20%، لكنها أخذت في التزايد حتى بلغت 30% بحلول عام 2000، وهكذا فإن المشكلة التي عانتها اليابان ظلت مستمرة مدة عشرة أعوام ورغم أن معدلات البطالة في اليابان في حالة تحسن مستمر في الفترة الأخيرة، إلا أن مشكلة العمالة المؤقتة ما زالت موجودة، وذلك بسبب أن سياسة الشركات الكبرى نفسها قد تغيرت بعد أن صارت تفضل نظام العمالة المؤقتة على نظام العمالة الدائمة. كذلك فإن الخريطة الصناعية في اليابان بدأت تتغير لصالح قطاع صناعة الخدمات، وهو قطاع يحتاج لعمالة مؤقتة أكثر من الدائمة. وفي بحث ياباني جديد توصل أنه بحلول عام 2035 قد يستولي الروبوت في اليابان على النصف تقريباً من كل الوظائف، مثل الاستقبال في الفنادق وقيادة سيارات الأجرة وحراسة الأمن وصناعة الخدمات.. حيث يتوقع أن تحل تكنولوجيا الكمبيوتر محل البشر في هذه الوظائف. وأن نحو 49 في المئة من الوظائف في البلاد، والتي يؤديها البشر حالياً، يمكن أن يحل محلهم فيها الروبوت في غضون عشرة أعوام أو عشرين عاماً المقبلة. وهذه النسبة تقارن مع 47 في المئة في الولايات المتحدة، و35 في المئة في المملكة المتحدة. كما أن الروبوتات وأجهزة الكمبيوتر لا تحتاج إلى رعاية صحية ولا رواتب تقاعدية ولا عطل وإجازات ولا مرتبات شهرية. وأياً كانت تلك الدراسات الاستشرافية فإن إصرار الشركات اليابانية على العمالة المؤقتة يتزايد لكن التجربة اليابانية تظهر ضرورة قيام الشركات بخلق وظائف جديدة لتوظيف شباب مؤهل عن طريق عمليات إصلاح وإعادة هيكلة من أجل تخفيض مؤشرات البطالة وتحسين نوعية العمل.

مشاركة :