مع حلول عيد ميلادها الـ90، تستمر فيروز، التي لقبها اللبنانيون بـ«جارة القمر» و«صوت لبنان»، في توحيد صفوف أبناء شعبها للصمود في مواجهة أزماته وتعثراته، بصوتها الذي لا يزال يصدح في أرجاء لبنان. لم تكن فيروز الشهيرة بـ«أرزة لبنان» بمنأى عن معاناة شعبها، وخلال الهجمات الدامية الأخيرة على البلاد، استهدفت غارة إسرائيلية فندق «بالميرا»، ودمرت الغرفة التي اعتادت فيروز الإقامة بها خلال حفلاتها، حيث أعاد النشطاء نشر صور الغرفة وما تحمله من إرث مرتبط بجارة القمر. رسائل فيروز واصلت فيروز توجيه رسائل الدعم على صفحتها الشخصية بمنصة إكس، بكلمات من أرشيفها الغنائي المخصص للبنان. وفي سبتمبر/أيلول الماضي، شاركت جمهورها كلمات أغنيتها الشهيرة «بحبك يا لبنان يا وطني بحبك». خلال الحرب الأهلية اللبنانية (1975-1990)، حينما مزقت الانقسامات الداخلية نسيج البلاد، اختارت فيروز البقاء في منزلها في بيروت رغم المخاطر، متحدية القصف والخوف. وفي لقاء نادر مع الإعلامي السوري توفيق الحلاق، قالت: «لا أقدر أن أخرج من لبنان. لم أشعر أنني أريد أن أغادر مهما صار». وأضافت: «أخاف من القصف مثل كل الناس، لكن في تلك اللحظات أصلي وأفضل الصمت». الصوت الذي يوحّد اللبنانيين في تلك الحقبة، امتنعت فيروز عن إقامة حفلات داخل لبنان، حرصا منها على عدم الانحياز لأي طرف من الأطراف المتنازعة، مفضلة الغناء خارج الوطن، حيث قدمت أغانيها التي تدعو للوحدة اللبنانية، ليكون صوتها جامعا للبنانيين بمختلف انتماءاتهم. وفي لقاء إذاعي شهير خلال الثمانينيات، عبرت فيروز عن ارتباطها بلبنان قائلة: «أنا بوطني ومشتاقة لوطني». وفي إجابة عن سبب السر وراء صمتها قالت «ليس لدي الكثير أقوله. جئت للغناء وليس للحديث». وأضافت: «قدرت أغلب الموت بالفن. لابد أن يكون لدينا سر للاستمرار». مسيرة فنية حافلة وُلدت فيروز، واسمها الحقيقي نهاد وديع حداد، عام 1935 في قضاء الشوف بجبل لبنان، ونشأت في حي زقاق البلاط القديم القريب من بيروت. عمل والدها في مطبعة الجريدة اللبنانية «لوريون لوجور». في بداية الخمسينيات، تعرفت على الأخوين رحباني، ليبدأ معها مشوار فني طويل، أنتج مئات الأغاني والعديد من المسرحيات الغنائية التي وصل عددها إلى 800 أغنية، و3 أفلام، و400 ألبوم على مدى 3 عقود. ومن بين الأغاني التي أهدتها للبنان: «بحبك يا لبنان»، «لبيروت»، و«ردني إلى بلادي». كما دعمت القضية الفلسطينية بصوتها، وأحيت العديد من الحفلات في مدن عربية وعالمية، حاملة صوت الشعب العربي إلى العالم. لم يقتصر تكريم فيروز على لبنان، فقد حصلت على أرفع الأوسمة الدولية. في عام 2020، زارها الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون في منزلها، وقدم لها وسام جوقة الشرف الفرنسي. كما منحها الرئيس فرانسوا ميتران وسام قائد الفنون والآداب عام 1988، والرئيس جاك شيراك وسام فارس جوقة الشرف في 1998. وفي عام 2015، تحول منزلها الذي نشأت فيه إلى متحف يخلد ذكراها ومسيرتها، بعد إدراجه ضمن لائحة الجرد العام للأبنية التراثية. ــــــــــــــــــ شاهد | البث المباشر لقناة الغد
مشاركة :