بعد معاناة امتدت لعقدين من الزمن، رحل البارحة الأولى ماجد الشبل، المذيع الأشهر في التلفزيون السعودي في عصره الذهبي، فبوفاة الراحل الكبير يكون الإعلام السعودي قد خسر أحد أبرز أساطينه، وأحد أهم رواد مجالاته خصوصا ما يتعلق بفنون الإذاعة والتلفزيون. المذيعون عبدالله الشهري، لافي الرشيدي ومحمد خيري وآخرون نعوا الراحل بكلمات مؤثرة، مع عشرات آلاف التغريدات لمهتمين ومتذوقين للإعلام في مواقع التواصل الاجتماعي، وكان لافتا الاحتفاء الإعلامي السعودي الكبير بشقيه الرسمي والاجتماعي بإعلامي ترك المجال منذ ما يزيد على 15 عاما. ماجد الشبل لم يكن إعلاميا عاديا، كان بارعا في التقديم وقارئا رصينا لنشرات الأخبار، وقارئا ممتعا لروائع الشعر، وقبل ذلك وبعده قارئا خاشعا للأدعية الدينية. تميز الشبل بصوت رخيم فخم، ومخارج حروف واضحة، وهو الأمر الذي استغله لإنتاج مواد إعلامية ظلت محفوظة في الذاكرة الجمعية للمتلقين. عاش ماجد الشبل في الأعوام العشرة الأخيرة من عمره طريح الفراش لا يغادره إلا قليلا، لكنه في الوقت ذاته ظل أيقونة إعلامية مؤثرة في المشهد الإعلامي. وإن كان الشبل قد رحل من هذه الدنيا كشخص، فإن أسد الشاشة وملك التقديم سيظل طويلا في ذاكرة التلفزيون السعودي. ولد الشبل في 20 يونيو 1940، ومما يذكر أن الاسم الأصلي له هو محمد الشبل، ويرجع ذلك إلى أن والده محمد الشبل سمّاه محمداً في الوثائق الرسمية، بينما سمته والدته ماجداً، فكان اسم الشهرة الذي عرف به. وتعود جذوره إلى أسرة الشبل المعروفة في مدينة عنيزة بمنطقة القصيم. وكان قد تلقى تعليمه في مدينة دمشق، وعمل عندما كان طالباً في التلفزيون السوري آنذاك، ثم عاد إلى موطنه الأصلي في الستينيات الميلادية واستقر في مدينة الرياض ليعمل في التلفزيون السعودي في بداياته. قدم الشبل برامج عديدة ومنوعة، منها: برنامج حروف، شاعر وقصيدة، برنامج الميزان، إضافة إلى نشرات الأخبار. وفي مشهد مؤثر يرمز للوفاء والحب الدفين، شيّع آلاف المصلين عصر أمس في جامع الملك خالد في أم الحمام "عميد الإعلام" السعودي، مذيع الأخبار الأشهر ماجد الشبل، الذي رحل البارحة الأولى. وتقدم المشيعين الأمير فيصل بن بندر أمير منطقة الرياض، والدكتور عبدالملك الشلهوب رئيس هيئة الإذاعة والتلفزيون، والرئيس السابق للهيئة عبدالرحمن الهزاع، وكبار مذيعي التلفزيون السابقين، وأصدقاء وزملاء ومحبو الفقيد. وامتلأت ساحات جامع الملك خالد بالمصلين، وتسابقت الأيدي في حمل "النعش"، كما تزاحمت الخطوات وهي تشق طريقها نحو قبر الرجل الذي اتفق على محبته الجميع، وتشنفت الأسماع بحنجرته التي نقلت الأنباء والأدعية المأثورة عن الرسول ــ صلى الله عليه وسلم.
مشاركة :