المبعوث الأممي إلى ليبيا مارتن كوبلر أصبح صوتا عالميا يوجه توقعات الناس إلى الوجهة التي تسير إليها الأمور بشكل عام في ليبيا، وأخيرا حذر يوم الاثنين 8 فبراير 2016م في تغريدات له على حسابه بموقع التواصل الاجتماعي تويتر من اللعب مع ليبيا، دون أن يحدد الجهة المعنيةَ برسالته. وقال : «إن الشعب الليبي ينتظر ولادة حكومة الوفاق، واصفا جلسة الحوار التي جرت الأحد 7 فبراير 2016م، وجمعت أعضاء الحوار السياسي بالمجلس الرئاسي في الصخيرات بأنها رائعة وغنية. في الواقع الشعب الليبي يتوقع والعالم معه أن تخرج التشكيلة النهائية لحكومة الوفاق في موعدها المحدد، وأن تباشر عملها، لتكون الأمور في حالة اقل الخسائر وأصغر المواجهات المحتملة. في وسط هذا الجو المشحون بالترقب، تبقى أصوات أخرى ترسم جزءا من المشهد العام، وتحيل إلى توقعات حلوة حينا، ومُرة في أحيان كثيرة. أول الأصوات يأتي من الجنوب الشرقي الليبي، حيث مدينة النخيل الكفرة، فقد أدان مجلس النواب في نفس اليوم الذي أطلق فيه السيد كوبلر تغريدته، الاعتداءات التي حدثت في هذه المدينة، في ظل الفراغ الأمني بالبلاد من قبل الخارجين عن القانون من دول الجوار، وانتهاكهم الحدود الليبية والاعتداء على مواطنيها، وأن ذلك عمل اجرامي يتحمله المجرمون ودولهم التي انطلقوا منها. وثمن مجلس النواب الملاحم البطولية التي سطرها أبناء منطقة الكفرة في تصديهم للانتهاكات المتكررة من قبل مجموعات أجنبية مسلحة عبر الحدود التشادية، والسودانية تمارس أعمال القتل والسلب والنهب!! الصوت قوي وواضح ومزعج إلى أبعد حد ويتعامل مع السيادة والقتل والفوضى ولا يحتاج لتعليق أكثر من أنه تجاوز مرحلة اللعب. الصوت الثاني جاء في نفس التاريخ المذكور للتغريدة المشهورة للسيد كوبلر، ومصدر هذا الصوت مجلس النواب الليبي، حيث طالب المجلس الموقر المجتمع الدولي بالتحقيق العاجل في واقعة الغارات الجوية على مدينة درنة فجر الأحد 7 فبراير 2016م القصف استهدف عددا من المناطق، وأسفر عن مقتل أربعة مواطنين، وقالت مصادر متعددة : إن طائرات مجهولة نفذت هذه العمليات. الصوت الثالث يتمحور حول مضمون غير مسبوق، مفاده أن تنظيم داعش في ليبيا احتفل بصورة علنية بتخريج دفعات من مقاتليه الذين تلقوا تدريبات في مدن صبراته وسرت والزاوية. وذكرت مصادر أن عدد المتخرجين 600 عنصر، وأنهم سينفذون عمليات ضد الطواغيت في بعض البلاد العربية، وغيرها. هذا الصوت من القوة بحاجة الى أن يقف الليبيون أمام أنفسهم، وأن يقف معهم العالم لعمل شيء حقيقي للحيلولة دون مزيد من اللعب بليبيا ومعها. الصوت الخامس جاء من مدينة المرج في الشرق الليبي، حيث اقامت وحدات الأمن فيها بتاريخ 8 فبراير 2016م حملة موسعة استهدفت محال بيع الأسلحة والالعاب النارية والبدلات العسكرية لمنع بيع السلاح!! المسئولين الامنيين يقولون ان هدف الحملة منع المخربين من المتاجرة بالاسلحة ومنع وصوله إلى أيدي الخارجين عن القانون. صدى ما تقدم جاء من تونس بتاريخ 8 فبراير 2016م، حيث أكد مدير مركز تونس لدراسات الامن الشامل العميد مختار بن نصر أن التدخل العسكري في ليبيا أصبح مسألة وقت، لا غير، وأن بلاده مستعدة لكل الاحتمالات. وحذر الرجل من أن تأزم الوضع في ليبيا سيشكل ضغطا مباشرا على أمن واستقرار تونس، منبها إلى أن بعض الخلايا الارهابية النائمة قد تستغل هشاشة الوضع للقيام بأعمال عنف. أو تندس بين المدنيين الليبيين الذين سيتوافدون بأعداد كبيرة إلى تونس في حال تنفيذ الدول الغربية هجمات عسكرية لضرب تنظيم داعش في ليبيا. في تونس هناك أصوات كثيرة تؤكد أن بلادهم ستدفع ثمنا غير قليل بسبب التداعيات الكبيرة للتدخل العسكري المتوقع في ليبيا. وطالبت القيادة السياسية التونسية قبل أيام بضرورة التنسيق معها قبل الشروع في أي عمل عسكري ضد المنظمات الارهابية على الأرض الليبية. من المفيد اعتبار كل هذه الأصوات - أصوات الداخل، وما يقابلها من الخارج للدول والأشخاص والمؤسسات - مؤشرات قوية الدلالة على صعوبة الوضع، الأمر الذي يفيد في تحمل مزيد من الصعاب، وتجرع مزيد من الأدوية المرة للتدخل الذي بات في حكم الواقع، وللتداعيات الناجمة عنه في الداخل الليبي، وعلى دول الجوار القريبة وربما البعيدة، ومن المفيد اكثر أن يكون أي عمل كامل وتام ويكفي ليبيا وشعبها انصاف الحلول التي ذهبت بأمنهم وأمانهم.
مشاركة :