توافق ممثلو القطاع الخاص في «منتدى الاقتصاد العربي» الذي استضافته بيروت أمس في دورته الـ24، على المضي في الجهود لمواجهة تحديات الأزمات السياسية والأمنية والاقتصادية التي تشهدها المنطقة، بهدف الحفاظ على معدلات النمو الاقتصادي، المتوقع أن «يسجل 3 في المئة هذه السنة» استناداً إلى صندوق النقد الدولي، وفقاً لما أعلن حاكم مصرف لبنان المركزي رياض سلامة. وأشار إلى أن الاقتصاد اللبناني «سينمو بنسبة 2 في المئة هذه السنة، وهي مقبولة في ضوء الوضع الراهن في لبنان وما يجري في المنطقة العربيّة من أحداث». وقدّر نمو الودائع «بنسبة تتراوح بين 4.5 و5 في المئة أي ما يوازي 8 بلايين دولار هذه السنة، وهو معدل كافٍ لتمويل القطاعين العام والخاص، فيما ستزيد التسليفات 5.5 في المئة على العام السابق». ولم يغفل سلامة في افتتاح المنتدى برعاية رئيس مجلس الوزراء اللبناني تمام سلام والذي نظمته «مجموعة الاقتصاد والأعمال»، أن «العجز في ميزان المدفوعات يشكلّ مكمن ضعف للاستقرار المالي، مسجلاً عجزاً قيمته 644 مليون دولار في الربع الأول من السنة، نتيجة مدفوعات الدولة بالعملة الأجنبية». لكن لفت إلى أن «ما يطمئن السوق هو المستويات المرتفعة للاحتياط بالعملات الأجنبية في البنوك والمصرف المركزي». لذا أكد «استقرار سعر الليرة وقاعدة الفوائد، الذي يسمح لمصرف لبنان بمتابعة المبادرات الحافزة، لتفعيل الطلب الداخلي وتنمية الاقتصاد وخلق فرص عمل». وقال إن «67 في المئة من النمو ناتج من رزم حوافز يطلقها المصرف المركزي». وكشف أن المصرف المركزي «سيصدر قبل نهاية حزيران (يونيو) المقبل تعميماً لإنشاء صندوق للدَين العقاري، مع إمكان رسملة بنسبة 40 في المئة من خارج المصارف أي من القطاع الخاص». وأوضح أن الصندوق «يمكنه إطلاق 60 في المئة من السندات القابلة للتداول في الأسواق أو للحسم لدى البنك المركزي». وشدد سلامة على «سقوط كل الشائعات حول إدراج لبنان على لائحة سوداء لمجرد إعلان منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية قراراً رسمياً، يفيد بأن لبنان استوفى كل المتطلبات المتعلقة بمكافحة التهرّب الضريبي». وذكّر باجتماعات «مجموعة العمل المالي لمنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا الأسبوع الماضي في قطر، وحُذف خلالها اسم لبنان من لائحة البلدان الخاضعة لإجراءات رقابة معززة، وبات خاضعاً لإجراءات رقابة طبيعية». واعتبر رئيس الاتحاد العام لغرف التجارة والصناعة والزراعة للبلاد العربية نائل الكباريتي، الحديث عن الاقتصاد العربي الموحّد «ضرب من الخيال»، إذ «لا يوجد ما يجمع الاقتصادات العربية في كيان إقليمي سوى الإحصاءات المجمّعة عن أداء الدول العربية، للخروج برقم واحد يمثّل تلك البقعة الجغرافية، للتعبير عن مؤشرات اقتصادية تعارف عليها العالم». ولاحظ أن معدلات البطالة في المنطقة «تعدّ من أعلاها بين الأقاليم المختلفة في العالم، ولا يخفى ما لهذه الظاهرة السلبية من تداعيات اجتماعية واقتصادية وسياسية خطيرة، لمست المنطقة بعضاً من آثارها في موجة ثورات الربيع العربي». وشدد على أن «المعرفة أصبحت من أهم الأصول الرئيسة لأي نمو اقتصادي واجتماعي، وآن الأوان كي تتكيف الاقتصادات العربية مع الأوضاع الجديدة». وتطرّق رئيس اتحاد غرف التجارة والصناعة والزراعة اللبنانية محمد شقير، إلى الأوضاع في المنطقة العربية التي «تزداد تعقيداً». وقال: «إننا على عتبة تحول في مشهد الاقتصاد العربي، والحدث الذي يجب أن يركز عليه منتدانا هو إطلاق ولي ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان بن عبد العزيز «رؤية المملكة العربية السعودية 2030»، التي تتيح للمملكة تحقيق نهضة اقتصادية وتنموية واجتماعية شاملة». ورأى أن «الإجراءات التي تضمنتها لن ينحصر مردودها الإيجابي على المملكة فحسب، بل سيطاول معظم الدول العربية». وذكّر بـ «أمور كبيرة تنتظرنا، وأبرزها الورش الضخمة لإعادة إعمار الدول التي دمرتها الحروب من سورية إلى العراق واليمن وليبيا». وتحدث رئيس جمعية مصارف لبنان جوزف طربيه عن التحدّيات التي يتعامل معها القطاع المالي والمصرفي اللبناني، ومن أبرزها «اللغط الذي كثُر أخيراً في شأن القانون الأميركي الهادف إلى منع ولوج «حزب الله» إلى المؤسّسات المالية، وكيفية التعامل المصرفي مع هذا الاستحقاق». وشدد على أن «القانون موجّه وملزم لكلّ المؤسّسات المصرفية حول العالم تحت طائلة عقوبات متدرجة، لا قدرة لأيّ مؤسّسة على تحمّلها، كونها تصل إلى حدّ الخروج التلقائي من السوق». ولفت إلى أن البنك المركزي «عمّم آلية تطبيقية مرنة، بحيث تُلتزم مقتضيات القانون لجهة لوائح العقوبات والحؤول في المقابل دون أيّ استنسابيّة محلية قد تضرّ بمصالح الغير أو حقوقهم، وسبق للمصارف أن خاضت تجربة التزام قانون «فاتكا» الأميركي أيضاً من دون ضجيج ولا انعكاسات على الزبائن وأصحاب الحقوق». وأكد طربيه أن تحصين الجهاز المصرفي «يستدعي التزاماً كلياً بالمتطلّبات الدولية، وهو ما تعزّز قبل أشهر بالإنجاز التشريعي المتمثل بإقرار حزمة قوانين مالية مهمة جداً، وهذا ما دفع مجموعة «غافي» للإعلان رسمياً استيفاء لبنان كل الشروط المطلوبة من حيث القانون والممارسة لمكافحة تبييض الأموال وتمويل الإرهاب وسلاح الدمار الشامل، ولن يكون هناك أي مطالبة أو متابعة تخصّ لبنان». وكشف أن «معدلات الملاءة في المصارف تفوق متوسط 14 في المئة وفقاً لمعايير «بازل 3»، ووصلت القاعدة الترسملية إلى نحو 17 بليون دولار، فيما بلغ حجم تمويلنا للقطاع الخاص المحلي 49 بليون دولار، وبات قريباً من 100 في المئة من الناتج». ولفت إلى أن «أصول مصــارفــــنا في 33 بلداً منتشرة فيها يوازي نحو 20 في المئة من الموجودات البالغة نحو 187 بليون دولار، والذي يمثل 3.7 مرات الناتج». وعرض الرئيس التنفيذي لـ «مجموعة الاقتصاد والأعمال» رؤوف أبو زكي، تفاصيل «الأزمة التاريخية التي يعيشها العالم العربي». ورأى أن العلاقات العربية - الأفريقية «تظهر كمجالٍ رحب لتوسع كبير في المبادلات التجارية والتدفقات الاستثمارية بين المنطقتين في ظل الانكماش الاقتصادي الذي يسود المنطقة». وقال: «يمكن لبنان لعب دور رئيس في تعزيز هذه العلاقات، لما للجاليات اللبنانية من معرفة باقتصاداتها وبالتعامل التجاري والاستثماري معها، بالشراكة مع دول شمال أفريقيا، وتندرج في هذا الإطار مبادرة التعاون المصري - اللبناني لبلورة رؤية مشتركة لتنمية الصادرات المصرية واللبنانية إلى هذه الأسواق».
مشاركة :