أكد رئيس الحكومة اللبنانية تمام سلام أن المرحلة الأولى من الانتخابات البلدية التي أجريت يوم الأحد الماضي، «شكّلت فسحة مضيئة وسط الأجواء الملبّدة المحيطة بنا، ومتنفساً للبنانيين المحرومين منذ سنوات طويلة من ممارسة حقهم الديموقراطي». ورأى أن «هذه الانتخابات، التي نأمل بأن تنجز بالسلاسة والنجاح نفسيهما في محطاتها الثلاث المقبلة، بثّت بعض الروح في الحياة السياسية، وأعادت للمواطن حقه الطبيعي في اختيار من يمثله في إدارة الشأن العام، وأسقطت كل الذرائع عن عجز اللبنانيين عن خوض غمار الانتخابات بطريقة سلمية وحضارية. والأهم من كل ذلك، أن هذه الانتخابات، التي تمثل إنجازاً لوزارة الداخلية وأجهزتها، أثبتت أن الدولة ومؤسساتها وقواها الأمنية، قادرة على إدارة وحماية أكثر التحديات الانتخابية صعوبة وتعقيداً، في حال توافر النية السياسية لدى الأطراف والقوى الوطنية». أضاف: «ليس مستحيلاً البناء على هذا الإنجاز، للتقدم نحو محطات أخرى من الممارسة الديموقراطية، من أجل إحياء حياتنا السياسية وإعادة بناء هيكلنا الدستوري، وأول ركائزه رئاسة الجمهورية، وليس مستحيلاً التوصل إلى قانون انتخاب عصري، والذهاب نحو انتخابات عامة تعيد تجديد المجلس النيابي، وليس مستحيلاً تعميق الحوارات السياسية القائمة، للوصول إلى توافقات تعزّز الاستقرار الراهن، وتحصّن لبنان من آثار الحرب المؤلمة الدائرة في سورية، في انتظار عودته وجهة مثالية للاستثمار، وواحة استثنائية للأعمال، ومنصّة فريدة للتجارة والصناعة والعمل المصرفي». تنويه بـ «الرؤية الاقتصادية السعودية 2030» وكان سلام يتحدث في افتتاح منتدى الاقتصاد العربي 2016، في دورته الـ 24 في فندق «فينيسيا» الذي تنظّمه مجموعة الاقتصاد والأعمال، بالتعاون مع مصرف لبنان ومؤسسات أخرى، بمشاركة أكثر من 500 مستثمر ورجل أعمال من 20 بلداً. (راجع ص11) وبعد ترحيب بـ «أشقائنا العرب»، قال: «أوجّه من بيروت، تحيّة حارة إلى قادة دول مجلس التعاون الخليجي، وفي مقدمهم خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز، الذي يخوض اليوم مع إخوانه، غمار تجربة تطويرية كبيرة، عنيت بها الخطة التي أطلق عليها اسم «الرؤية الاقتصادية 2030». إننا نتطلع بكثير من الاهتمام، إلى الخطوات الأولى في هذه المسيرة النوعية الطموحة، ونتمنى لها النجاح في تحقيق ما يعود بالخير على الشعب السعودي الشقيق». ولفت سلام إلى أنه «بعد أسبوعين، ننهي للأسف عامين كاملين من الشغور الرئاسي، الذي يشكل إساءة بالغة للبنان واللبنانيين، ويعكس عجزاً مخجلاً للطبقة السياسية عن الخروج من أسر المصالح الداخلية والارتباطات الخارجية، وعن حفظ الأمانة التي أعطاها إياها الناس، لتدبير شؤونهم ورعاية مصالحهم»، مشيراً إلى «أن هذا التقصير المتمادي، هو السبب الأساس لما تعاني منه المؤسسات من شلل وتعثّر، مع ما يعنيه ذلك من تعطيل لعدد كبير من القضايا المتعلّقة بحاجات اللبنانيين المباشرة والبعيدة الأمد». وأضاف: «إنها أيضاً تعكس أسوأ صورة ممكنة عن البلد، في وقت يحتاج لبنان، إلى صورة توحي للمستثمر بالثقة التي لا وجود لها من دون استقرار سياسي. إن هذا الواقع، هو أحد الأسباب الرئيسة لغياب النمو والتراجع الكبير في النشاط الاقتصادي، إضافة طبعاً إلى الأسباب الخارجية الأخرى وأولها التطوّرات المأسوية الجارية في سورية، والتي تركت تأثيرات سلبية هائلة في الاقتصاد اللبناني، لعل أبرزها الأعباء الكبيرة لملف النزوح السوري». وقال: «على رغم كل الأوضاع الداخلية الصعبة والظروف الخارجية الأصعب، فإن ما يمتلكه لبنان من خصائص، وبنى مؤسساتية راسخة، ونظم تشريعية محفّزة للاستثمار، ووضع نقدي متين، وقطاع مصرفيّ متقدم، واستقرار أمني كبير، وما يختزنه من خبرات بشرية، يجعل منه مكاناً ملائماً للنشاط الاقتصادي والاستثماري بكل أشكاله. وهذه السمات نفسها، هي التي تؤهل لبنان ليكون منصة انطلاق لمشاريع إعادة الإعمار في سورية العزيزة، حين تصمت المدافع، في يوم نأمله قريبا، وينادي المنادي بأن حان وقت السلام».
مشاركة :