تحدث فضيلة الشيخ أحمد البوعينين في خطبة الجمعة التي ألقاها أمس بمسجد صهيب الرومي بالوكرة عن فضل شهر شعبان، مستشهداً في مستهلّ خطبته بالحديث الذي أخرجه الإمام النسائي في سننه عن أسامة بن زيد قال: "قلت يا رسول الله لم أرك تصوم شهراً من الشهور ما تصوم من شعبان قال: ذلك شهر يغفل الناس عنه بين رجب ورمضان وهو شهر ترفع فيه الأعمال إلى رب العالمين فأحب أن يرفع عملي وأنا صائم". فوائد عديدة وأوضح الخطيب أن هناك عدداً من الفوائد في هذا الحديث كما قال الإمام ابن رجب الحنبلي رحمه الله إحداها: أنه شهر يغفل الناس عنه بين رجب ورمضان، يشير إلى أنه لما اكتنفه شهران عظيمان الشهر الحرام وشهر الصيام اشتغل الناس بهما عنه، فصار مغفولاً عنه وذكر أن في قوله: (يغفل الناس عنه بين رجب ورمضان) إشارة إلى أن بعض ما يشتهر فضله من الأزمان أو الأماكن أو الأشخاص قد يكون غيره أفضل منه ولا يتفطن لها أكثر الناس فيشتغلون بالمشهور عنه، ويفوتون تحصيل فضيلة ما ليس بمشهور عندهم وقال إن فيه أيضاً دليلاً على استحباب عمارة أوقات غفلة الناس بالطاعة، وأن ذلك محبوب لله عز وجل، كما كان طائفة من السلف. الإكثار من الصيام ونوّه الشيخ البوعينين إلى أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يكثر الصيام في شعبان كما جاء في الصحيحين عن عائشة أم المؤمنين رضي الله عنها أنها قالت: "كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصوم حتى نقول: لا يفطر، ويفطر حتى نقول: لا يصوم، وما رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم استكمل صيام شهر قط إلا رمضان وما رأيته في شهر أكثر منه صياماً في شعبان فقد كان يصوم إلا قليلاً منه". وأكد أنه لهذا ينبغي للإنسان أن يكثر من الصوم في شعبان تأسياً برسول الله صلى الله عليه وسلم واحتساباً لثوابه، مشيراً إلى أن الصيام أجره عظيم كما قال عليه الصلاة والسلام "صيام النافلة" "من صام يوماً في سبيل الله باعد الله بينه وبين النار سبعين خريفاً". ولفت خطيب مسجد صهيب الرومي إلى أن أجر صيام الفريضة أعظم لأن الأجر من عند الله كما أخبر الله عن النبي صلى الله عليه وسلم في الحديث القدسي "إلا الصوم فإنه لي وأنا أجزي به". ليلة الغفران وتحدّث الخطيب عن ليلة النصف من شعبان فأشار إلى ما جاء في فضلها من أنه "إذا كانت ليلة النصف من شعبان اطلع على أهل الأرض فيغفر لجميع خلقه إلا لمشرك أو مشاحن" وقال إن هذه الليلة مضنة إنها ليلة غفران كما أخبر النبي صلى الله عليه وسلم، منوهاً إلى أنه لم يثبت أن نقوم في هذه الليلة بعمل معيّن. وأشار إلى أنه إذا انتصف شعبان فإنه ينهى عن الصيام بعد المنتصف، لافتاً إلى أن الشافعية يرون كراهة الصيام بعد منتصف شعبان لمن لم يصم قبل النصف. وأكد أنه اشتهر عند كثير من العوام أن ليلة النصف من شعبان هي الليلة التي يقرّر فيها ما يكون في العام وهذا باطل لأن الذي يقدر فيه ما يكون في العام إنما هي ليلة القدر التي فيها يفرق كل أمر حكيم وفي رمضان قطعاً لقوله تعالى "شهر رمضان الذي أنزل فيه القرآن". يوم النصف كما نوّه الشيخ البوعينين إلى أنه اشتهر أيضاً عند كثير من الناس القيام ببعض البدع في يوم النصف من شعبان حيث يسمونه يوم النافلة ويوزعون فيه الطعام على الجيران والفقراء وهو ما لا أصل له في الدين ولا يترتب عليه أجر وإنما هو بدعة ابتدعها الناس في الدين حيث قال صلى الله عليه وسلم "من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد"، محذراً من الابتداع في عدد من النقاط الهامة في شهر شعبان، ونبّه خطيب مسجد صهيب الرومي إلى أن شعبان يتميّز بكثرة الصيام دون غيره من الشهور باستثناء رمضان لأن النبي صلى الله عليه وسلم كان يصوم شعبان إلا قليلاً. وكذلك أن صيام يوم النصف من شعبان تحديداً وردت فيه أحاديث لا تصحّ عن النبي صلى الله عليه وسلم ولم يثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه خصص يوم النصف من شعبان ولكن يصوم من اعتاد أن يصوم لو جاء ذلك في يوم الاثنين والخميس لكن لا يجوز اختصاص يوم النصف من شعبان بنوع معيّن من العبادة. أحاديث ضعيفة وبيّن أن فضل ليلة النصف من شعبان فيه أحاديث ضعيفة لا تصحّ عن النبي صلى الله عليه وسلم، مشيراً إلى أن ليلة النصف من شعبان هي ليلة كليلة النصف من شهر محرم ورجب. وزاد بالقول: إن تخصيص ليلة النصف من شعبان بالقيام هو بدعة ولم يرد عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قام هذه الليلة.
مشاركة :