مكتبة الشارقة العامة.. منارة للمعرفة والثقافة والتنوير

  • 5/14/2016
  • 00:00
  • 4
  • 0
  • 0
news-picture

تعتبر مكتبة الشارقة العامة التابعة لهيئة الشارقة للكتاب إحدى أبرز المنارات الثقافية في الدولة، فهي تقدم مع صباح كل يوم جديد حزمة مختلفة من الإبهار والتجديد في العناية بالمحتوى الفكري والثقافي والعلمي، يقصدها الآلاف من طالبي المعرفة، قاصدين أرففها التي تضم كنوزاً متنوعة في مختلف ضروب المعرفة والثقافة الإنسانية، في حقول متعددة، عبر عدة سبل تتعدى الاطلاع المباشر في بيئة مهيأة إلى الاستعارة والتصوير والنسخ، ويمكن للرواد كذلك التمتع بميزات عديدة تقدمها المكتبة الإلكترونية الملحقة بها، وتتطابق رؤية المكتبة كصرح ثقافي مع مبناها ذي الطراز المعماري المميز، الذي يحكي روعة تاريخها وعراقتها، فيما تروي الأقسام المختلفة مسيرتها التي بدأت في عام 1925 باسم المكتبة القاسمية، بحصن الشارقة التي أسسها الشيخ سلطان بن صقر بن خالد القاسمي. بمرور الأيام ومواكبة لروح النهضة التي تنتظم الدولة في مختلف الميادين، كانت المكتبة تدخل مراحلها الجديدة، لتنتقل إلى مقرها الحالي، الذي افتتحه صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي، عضو المجلس الأعلى حاكم الشارقة، في مايو/أيار 2011 في ميدان قصر الثقافة، لتبدأ رحلة جديدة قوامها التنوير ونشر الوعي والمعرفة، وهي الرسالة التي تضطلع بها، وتعمل على توفير مطلوباتها، عبر الأدوات المختلفة في إصرار متجدد، لتكلل بحصول المكتبة على جائزة أفضل مكتبة في استخدام نظام إدارة المكتبات سيمفوني في الشرق الأوسط لعام 2016، بعد أن تم الإعلان عن الجائزة في المؤتمر والمعرض السنوي الثاني والعشرين الذي نظمته جمعية المكتبات المتخصصة/فرع الخليج العربي خلال الفترة 19-21 إبريل/نيسان 2016، في فندق الريجنسي، بدولة الكويت. وتمنح الجائزة بناء على مجموعة من المحاور التي يتم تقييمها ومراجعتها سنوياً وتشمل تطبيق أفضل الممارسات الفنية في وصف المجموعات وتصنيفها، واستكشافها إلكترونياً، وكذلك جودة تطبيق نظام سيمفوني، بما يحقق هدف المكتبة الأمثل بأن تكون بوابة الوصول إلى مصادر المعرفة. إضافة إلى الإبداع في استخدام التقنية وتسخيرها للوصول إلى جميع شرائح المستفيدين، وقدرتها على تطوير الخدمات والبرامج التي تعزز من دورها، والابتكار في تنفيذ برامج التوعية المعلوماتية للمستفيدين. ويشترط للترشح للجائزة أن تستخدم المكتبة نظام سيمفوني لإدارة المكتبات العامة والوطنية والثقافية، وتمتلك رخصة نشطة، وأن تكون في الدول العربية، ومعظم مجموعاتها باللغة العربية. وإضافة إلى درع الجائزة؛ تنال مكتبات الشارقة منحة المشاركة في مؤتمر مستخدمي سيرسي داينكس العالمي في أوروبا والشرق الأوسط COSI، كما يتاح لها المشاركة بورقة عمل في المؤتمر تبرز فيها محاور تميزها وحصولها على الجائزة، ويشمل نظام سيمفوني العالمي ما يزيد على3 آلاف مكتبة حول العالم منها ما يقرب من 150 مكتبة عربية. جولة واحدة لا تكفي للتعرف إلى مكتبة الشارقة العامة، لذلك كانت زيارتنا للصرح العملاق على أكثر من مرة، الطريق إلى ردهات المكتبة معبد بالهدوء، الذي يمكنك أن تقف عليه منذ أن تطأ أقدامك ساحة مكتب الاستقبال، التي تتم فيها عملية الاستعارة التي توفرها المكتبة يدوياً وإلكترونياً، وعلى ذات الطابق تقبع مكاتب الإدارة، كذلك تتوافر على قاعة للمكفوفين تحتوي على مجموعة من كتب بلغة برايل إضافة إلى أجهزة كمبيوتر خاصة بتحويل الكلمات المقروءة إلى لغة مسموعة، وأخرى للدوريات العربية والإنجليزية، ومسرح مجهز لاستضافة الفعاليات المختلفة، وقاعة للندوات مجهزة بعازل الصوت وشاشات للعرض، وتفتح المكتبة أبوابها لجميع الفئات لتخصص قاعة للأطفال من سن 3 سنوات وحتى 12 سنة، مجهزة بالألعاب التعليمية والكتب التي تناسب هذه الأعمار إضافة إلى أجهزة عرض وحاسبات وتلفزيون، إلى جانب كتب مقسمة بحسب الحقل العلمي، وقسم مخصص للحاسب الآلي، وغرفة خاصة بالسيدات، وقاعة للسمعي والبصري. ترى أروى خوجلي، إحدى المترددات على المكتبة بشكل شبه يومي، أن ما توفره مكتبة الشارقة من كتب في تخصصات مختلفة يندر أن تجده في مكان آخر، مبينة أن المكتبة العامة تتفوق على المكتبات التجارية، لكونها تعمل على أن تكون شاملة ومتخصصة في ذات الوقت، وهو ما يؤكد عليه محمد عبد الإله، وهو طالب دراسات عليا، الذي يرى أن المكتبة تقدم له خدمات مختلفة، مشيراً إلى أنه أنجز مجموعة من البحوث الأكاديمية فيها، وفي جميع هذه الأبحاث كانت ضالته موجودة في أرفف المكتبة المقسمة بشكل احترافي. ويقول الدكتور أسامة أحمد، أحد رواد المكتبة، إن علاقته بها بدأت منذ فترة طويلة، لكونها مكاناً ممتعاً وهادئاً، وبه كتب حديثة في حقول المعرفة المختلفة، إضافة للأماكن الفسيحة التي تمكنه من مطالعة مثالية، ويبين أحمد أنه يرتاد المكتبة مرتين في الأسبوع، ويضيف: أجد هنا كل ما يمكن أن يوفر لي الجو المثالي للتحصيل، ونشأت بيني وبين المكان علاقة دفعتني للتفكير في اصطحاب أطفالي في القسم المخصص للأطفال، حتى ينشؤوا على حب القراءة. يؤكد عبد الله علي السقطري، طالب قانون، أن مسيرته الأكاديمية، ارتبطت بشكل كبير بالمكتبة، فمنذ بدايته لدراسة القانون كان يواظب على أن تكون مذاكرته في المكتبة، التي يحصل منها على جميع المراجع التي يريدها، ويضيف أنه اكتسب عادات القراءة في ردهات المكتبة التي تعلم فيها طرائق الحصول على المعرفة بالتجريب مدفوعاً بالجو الملائم والهادي الذي توفره، مشيراً إلى أنه بالإضافة للتحصيل الأكاديمي تمكن من التعرف إلى معارف جديدة في غير تخصصه صادفته أثناء وجوده الطويل في المكتب الأمر الذي أسهم في صقل شخصيته وتكوينه بشكل كبير. أهداف عديدة تلك التي تعمل مكتبة الشارقة العامة على تحقيقها، أولها الهدف التربوي التعليمي، من خلال توفير المراجع والكتب وأوعية المعلومات المختلفة والوسائل المتعددة المعينة على التعليم الذاتي وإعداد البحوث العلمية، إضافة للعمل الثقافي، باعتبارها مركزاً ثقافياً رئيسياً فاعلاً في المجتمع. من خلال نشر الوعي الثقافي بين أفراد المجتمع، وتسهيل حصول الرواد على المواد المطبوعة وغير المطبوعة الأخرى والتي تتيح لهم تثقيف أنفسهم بأنفسهم، إلى جانب الهدف المعلوماتي، المتمثل في توفير مواد المعرفة ومصادر المعلومات بأيسر السبل وبأقل جهد وأسرع وقت لخدمة البحث العلمي، وتتضافر كل هذه الجهود لتسهم في استثمار الوقت بالنسبة للأفراد بما يعود عليهم بالفائدة والتحصيل. وتوظف المكتبة وسائل مختلفة لتحقيق هذه الأهداف، عبر اقتناء الكتب والمراجع والدوريات والرسائل العلمية، وغيرها من أوعية المعلومات التي تفيد الباحثين، وإعداد الفهارس اللازمة لتيسير الوصول للمقتنيات، وإصدار القوائم الببليوغرافية، والكشافات اللازمة، وإعداد الفهارس اللازمة لتسهيل الوصول لمقتنياتها من مقالات وبحوث ومراجع ودوريات، وكتب، إلى جانب الخدمات السمعية والبصرية، وخدمات البحث في الفهرس الآلي والشبكة العنكبوتية، وتقدم كل هذه الخدمات في أجواء تضبطها لوائح تنص على ضرورة الالتزام بالهدوء التام داخل قاعات المطالعة وأثناء التنقل في الممرات، وعدم التدخين وعدم الأكل والشرب إلا في الأماكن المخصصة مع المحافظة على مقتنيات المكتبة، والالتزام بتعليمات كل من قاعة الإنترنت ووحدة المواد السمعية والبصرية وقاعة الأنشطة بقسم الأطفال، مع ضرورة أن يرافق ذوو الأطفال أقل من 8 سنوات، آباءهم داخل أروقة المكتبة لتوفير الرعاية والعناية المطلوبة، كما لا يسمح للرواد وزوار المكتبة بمختلف فئاتهم بدخول الأماكن غير المخصصة لهم كالاستقبال وقسم الإعارة والأقسام الفنية والمخازن، ولا يمكن كذلك أن تدخل للقاعات بصحبة كتب سبق أن استعرتها من المكتبة، وكما أن هنالك واجبات للرواد تمنحهم المكتبة حقوق أهمها الحق في إبداء الرأي والملاحظات عن الخدمة، فبإمكان الزائر تدوين ملاحظاته ومقترحاته ويودعها في صندوق المقترحات حتى تجد تفاعل إدارة المكتبة التي تستجيب لها، كما يمكنه اقتراح عناوين وموضوعات تهمه أو غير متوفرة بأرفف المكتبة حتى يتم توفيرها. وتستخدم المكتبة نظام الأرفف المفتوحة، وقواعد الفهرسة الأنجلو-أمريكية المتوافقة مع قواعد التقنين الدولي للوصف الببليوغرافي وقواعد الفهرسة المقروءة آلياً مارك 21، مقرونة بخطة تصنيف ديوي العشري في تصنيف أوعية المعلومات. خولة عبد العزيز: زيادة الإقبال في عام القراءة المكتبة التي تجذب رواداً من مختلف الفئات الاجتماعية تعتبر مقصداً للكثيرين، حسب خولة عبد العزيز، مساعد أمين المكتبة، التي تبين أنهم يعملون، على أن تكون دائماً منظومة ثقافية وواجهة حضارية تعكس مدى الاهتمام بالتعلم والمعرفة للفرد والمجتمع من خلال ما توفره من أوعية للمعلومات وخدمات متميزة. وتشير إلى أن المكتبة تسعى إلى تنمية مقتنياتها وتزويدها بمجموعة منتقاة من أوعية المعلومات المختلفة من خلال المعارض المحلية والدولية ومتابعة أحدث المنشورات باللغتين العربية والإنجليزية إضافة إلى بعض اللغات المستخدمة من قبل فئات المجتمع المختلفة لتحقيق أهدافها. وتضيف عبد العزيز أن إحصائيات المكتبة تسجل ارتفاعاً كبيراً في نسبة الرواد خلال الأشهر المنصرمة من العام الحالي، خاصة أنه عام القراءة على مستوى الدولة.

مشاركة :