ثمار الندوات في المنطقة قلّما تُقطَف

  • 5/14/2016
  • 00:00
  • 81
  • 0
  • 0
news-picture

تكثر الندوات والحوارات والمؤتمرات التي تستضيفها العواصم والحواضر العربية حول الإصلاحات والتحديات الاقتصادية والمالية والاستثمارية، وكثيراً ما تتكرر المواضيع المطروحة على بساط البحث، وتأتي اللقاءات ثمرة تحضيرات مضنية لينتهي كل منها بتوصيات قلّما تأخذها الجهات المعنية بها في الاعتبار لنعود إلى نقطة الصفر أو مربع البداية في اللقاء التالي. هذا مؤشر مهم إلى عدم تفعيل هذه التوصيات أو عدم تنفيذها أو إهمالها أو حفظ معظمها في الإدراج أو فوق الرفوف من دون اتخاذ أصحاب القرار أي إجراء آخر، فيضيع الجهد والوقت والأموال الكبيرة التي تُخصَّص لهذه المناسبات، وهذا بالطبع يعطي مؤشرات مهمة إلى ان ثقافة فترة ما بعد المؤتمرات، وهي فترة تتطلب وجود آليات وخطط زمنية وتنفيذية ولجان متابعة للتأكد من تنفيذ التوصيات التي صدرت عن الندوات والحوارات والمؤتمرات، ما زالت منقوصة. لا تقتصر أهمية الندوات والحوارات والمؤتمرات فقط على إبداء الآراء وتبادل الأفكار فهي من أهم عوامل التنمية في المجتمعات الحديثة، سواء في الجانب التنموي البحت أو الاقتصادي أو المالي أو الثقافي، نظراً إلى استنادها إلى خبرات وتحضيرات عميقة وتجارب وممارسات وأرقام وإحصاءات مهمة ومعلومات جوهرية يتقدم بها مختصون. وفي إحدى الندوات في مسقط، قال سلطان عُمان السلطان قابوس بن سعيد: «نريد ندوات ومؤتمرات تقرر والحكومة تنفذ». ومن المناسبات التي سنحت لي فرصة حضورها وجرى تكرارها من دون تنفيذ معظم توصياتها، ندوة عن حماية المستثمرين، وندوة عن إنشاء بورصة خليجية موحدة وبورصة عربية موحدة، وندوات عن توحيد الإجراءات والأنظمة والقوانين بين البورصات الخليجية والعربية، إضافة إلى ندوات عن البيئة الاستثمارية وتحسين بيئة الأعمال والتنافسية والإنتاجية وقوانين تشجيع الاستثمار والنافذة الاستثمارية الموحدة وتسويق الفرص الاستثمارية وجودة الخدمات الحكومية، إضافة إلى المديونية وعجز الموازنة والفقر والبطالة وجودة التعليم والبنية التحتية ودور القطاع الخاص والفساد. وهنا لا بد من الإشارة، مثلاً، إلى الجهود التي بذلت لإعداد وثيقة الأجندة الوطنية الأردنية التي شارك في إعدادها حوالى 450 متخصصاً أردنياً وأردنية من مختلف القطاعات الاقتصادية والاستثمارية والسياسية من أحزاب وقطاع خاص وأعضاء في مجلس الأمة ومنظمات في المجتمع المدني ووسائل إعلام وخبراء من مختلف التخصصات. واستمر هذا الجهد الكبير نحو سبعة أشهر متواصلة للوصول إلى وثيقة بلغ عدد صفحاتها 200 صفحة، إضافة إلى وثائق مرفقة يتجاوز عدد صفحاتها ألف صفحة. ورأى خبراء ان الجهد المبذول يوازي جهد إعداد الميثاق الوطني الأردني إلا ان هذا الجهد كان مصيره باطن الإدراج. لا يسمح مجال المقال الخوض في تفاصيل الجهد والمال والوقت التي استغرقها إعداد العديد من الإستراتيجيات الأردنية ومصير توصياتها، لكن يمكن التذكير ببعض من هذه الإستراتيجيات، ومنها إستراتيجية التشغيل الوطنية، وإستراتيجية الحد من الفقر، ووثيقة «كلنا الأردن»، والإستراتيجية الوطنية للتعليم، والإستراتيجية الوطنية للتشغيل، وإستراتيجية التعليم العالي، وإستراتيجية تطوير القطاع العام 2014 - 2016، ومخرجات عمل لجنة النزاهة الوطني. هذه الإستراتيجيات شخصت نقاط القوة ونقاط الضعف في القوة والأخطار والفرص وخرجت بالعديد من التوصيات المهمة. كان التحدي الرئيس وما زال هو تنفيذ التوصيات والالتزام بالمسار المقترح في الخطط والإستراتيجيات المتفق عليها في الوقت المحدد. وعبّر العاهل الأردني الملك عبدالله الثاني عن تقديره للإنجازات والتوصيات التي صدرت في الخطط والإستراتيجيات السابقة، وكان واضحاً في رسالته إلى رئاسة الوزراء عند إعداد وثيقة الأردن (٢٠١٥ - ٢٠٢٥) العام الماضي، فهو أشار إلى أهمية البناء على الجهود والدراسات المؤسسية المتراكمة.

مشاركة :