مدينة حلب خارج سيطرة السلطات السورية لأول مرة منذ اندلاع النزاع

  • 12/1/2024
  • 00:00
  • 1
  • 0
  • 0
news-picture

ومنذ الأربعاء، بدأت هيئة تحرير الشام (جبهة النصرة سابقا قبل فكّ ارتباطها مع تنظيم القاعدة) مع فصائل معارضة أقل نفوذا، هجوما مباغتا يعد الأعنف منذ سنوات في محافظة حلب (شمال) حيث تمكنت من التقدم، بموازاة سيطرتها على عشرات البلدات والقرى في محافظتي إدلب (شمال غرب) وحماة (وسط) المجاورتين. على ضوء التطورات المتسارعة، توفد طهران الى دمشق الأحد وزير خارجيتها عباس عراقجي الذي استبق وصوله بالتأكيد على الدعم "الحازم" للسلطات السورية، غداة تأكيد الرئيس بشار الأسد أن بلاده قادرة وبدعم من حلفائها على "دحر" الهجمات. والأحد، قال مدير المرصد رامي عبد الرحمن لوكالة فرانس برس إن هيئة تحرير الشام وفصائل معارضة متحالفة معها "باتت تسيطر على مدينة حلب بالكامل، باستثناء الأحياء الخاضعة لسيطرة القوات الكردية" في شمالها. وبذلك أصبحت المدينة "لأول مرة خارج سيطرة قوات النظام منذ اندلاع النزاع" في البلاد عام 2011. ويضم الجزء الشمالي من مدينة حلب أحياء عدة تقطنها غالبية كردية، أبرزها الشيخ مقصود والأشرفية، وتخضع لسيطرة القوات الكردية، العمود الفقري لقوات سوريا الديمقراطية المدعومة أميركيا والتي تشكل الذراع العسكرية للإدارة الذاتية الكردية. وكانت القوات الحكومية استعادت السيطرة على كامل مدينة حلب نهاية عام 2016 بدعم جوي روسي، بعد معارك وجولات قصف وسنوات من الحصار للأحياء الشرقية فيها والتي شكلت معقلا للفصائل المعارضة منذ صيف 2012. وكان لإيران والمجموعات الموالية لها نفوذ واسع في مدينة حلب ومحيطها، قبل أن تخلي عددا من مواقعها تباعا خلال الأشهر القليلة الماضية، وفق المرصد. وتقود الهجوم غير المسبوق على حلب ومحيطها هيئة تحرير الشام التي تعد منطقة إدلب معقلها الرئيسي مع فصائل سورية أخرى أقل نفوذا. وتمكنت خلال اليومين الماضيين من السيطرة على غالبية أحياء حلب والمطار الدولي، إضافة الى عشرات المدن والقرى في محافظتي إدلب وحماة "مع انسحاب قوات النظام منها"، وفق المرصد. ومنذ بدء الهجوم، قُتل أكثر من 370 شخصا بينهم 48 مدنيا و114 مقاتلا من قوات النظام ومجموعات موالية له، وفق المصدر ذاته. في بلدة مورك التي تقدمت اليها الفصائل المعارضة السبت شمال مدينة حماة، لجأ ياسين الحموي مع عائلته الى مسجد خشية من المعارك. وقال الرجل لفرانس برس الأحد "لجأنا الى قبو الجامع لأننا نخاف من قصف الطيران.. خشية على نسائنا وأطفالنا". تعزيزات عسكرية وغارات وأعلنت وزارة الدفاع الأحد إن وحداتها العاملة في المنطقة أقدمت على "تعزيز خطوطها الدفاعية بمختلف الوسائط النارية والعناصر والعتاد، وتصدت للتنظيمات الإرهابية ومنعتها من تحقيق أي خرق". وجاء ذلك، وفق عبد الرحمن، في "إطار منع أي محاولة تسلل أو دخول محتمل" للفصائل غداة سيطرتها على بلدات استراتيجية. وشنّت الطائرات الروسية خمس غارات على الأقل على مدينة إدلب، معقل هيئة تحرير الشام. وأدت إحدى الغارات التي استهدفت مخيما للنازحين الى مقتل أربعة مدنيين وفق المرصد، بينهم زوجة ابن أم محمّد. وقالت السيدة لفرانس برس بينما كانت برفقة أحفادها في مسشتفى بعد خروجهم من تحت الركام "كنا نجلس في الغرفة، لم نسمع إلا دوي انفجار وسقطت الجدران علينا". وأضافت والغبار يكسو وجهها فيما تجلس قربها إحدى حفيداتها ممسكة دمية كبيرة ورأسها مضمد، "كنت برفقة أولاد ابني الخمسة، الحمدلله أن إصاباتهم طفيفة". والتصعيد الميداني حاليا لم تشهد له سوريا مثيلا منذ سنوات. فقد أتاح وقف لإطلاق النار رعته موسكو وأنقرة عام 2020 هدوءا إلى حد كبير في إدلب، حيث كانت هيئة تحرير الشام تسيطر على نحو نصف مساحة المحافظة وعلى أجزاء ملاصقة لها من محافظات حلب وحماة واللاذقية (غرب). وانهارت الهدنة الأربعاء مع بدء الفصائل هجومها، من دون أن تتضح خلفيته وآفاقه بعد. وأكد الأسد السبت أن بلاده "مستمرة في الدفاع عن استقرارها ووحدة أراضيها في وجه كل الإرهابيين وداعميهم"، وهي "قادرة وبمساعدة حلفائها وأصدقائها على دحرهم والقضاء عليهم مهما اشتدت هجماتهم الإرهابية". دعم "حازم" وأعربت ثلاث دول منخرطة بالنزاع السوري، روسيا وإيران حليفتا الأسد، وتركيا الداعمة للفصائل المعارضة، عن قلقها إزاء "التطور الخطير" في سوريا. وقبيل ساعات من وصوله الى دمشق، قال وزير الخارجية الإيراني في تصريحات أوردتها وكالة الانباء الرسمية (إرنا) إنه سينقل "رسالة" من بلاده فحواها أن طهران "ستدعم بشكل حازم الحكومة والجيش السوريين". وتعرضت قنصلية ايران في حلب لهجوم نفذته "عناصر إرهابية" السبت، وفق الخارجية، من دون تفاصيل حول الأضرار المحتملة. ويعتزم عراقجي التوجه بعد سوريا إلى تركيا لعقد "مشاورات حول القضايا الإقليمية، وخصوصا التطورات الأخيرة"، بحسب طهران. ورغم أن حدة المعارك كانت قد تراجعت الى حد كبير خلال السنوات الماضية، إلا أن جهود الأمم المتحدة من أجل التوصل الى تسوية سياسية للنزاع باءت بالفشل. وتشهد سوريا نزاعا مدمرا منذ عام 2011، أسفر عن مقتل أكثر من نصف مليون شخص واستنزف الاقتصاد ومقدراته وأدى الى تشريد وتهجير أكثر من نصف عدد سكان البلاد.

مشاركة :