مسيرة طويلة من العطاء، خط صاحب السموّ الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي، عضو المجلس الأعلى حاكم الشارقة، سطورها بحكمة الحاكم المستنير، وشخصية استثنائية ذات حس إنساني ووعي ثقافي كبير، فهو باني الشارقة الحديثة، وداعم الثقافة بكل أشكالها، وحارس التراث، وعاشق المسرح، ولذك من الصعب الإلمام بمجالات عطاء سموّه كافة. التاريخ هو الهوية الحقيقية للأمم والشعوب، وهناك علامات فارقة في تاريخ الشعوب والدول لا يتشابه ما قبلها مع ما بعدها، كما في تاريخ الثاني من ديسمبر 1971، الذي يمثل في حقيقته جوهر تاريخ دولة الإمارات، واللبنة الأساسية التي بُنيت عليها أسس قيام الدولة وتطورها ونموها، واستناداً إلى أهمية هذا التاريخ، وإلى حقيقة أن تاريخ الإمارات المشرق لا يقل أهمية عن حاضرها الزاهي، جاءت مبادرة 1971، التي أطلقها سموّ الشيخ حمدان بن محمد بن راشد آل مكتوم، ولي عهد دبي رئيس المجلس التنفيذي، بهدف الإسهام في توثيق تاريخ الدولة في جميع المجالات. واستلهاماً لهذه المبادرة المهمة، تأتي هذه الصفحة الأسبوعية التي تقدمها الإمارات اليوم، بالتعاون مع الأرشيف الوطني، التابع لوزارة شؤون الرئاسة، للتعريف بشكل الحياة في الإمارات قبل الاتحاد، وخلال بداياته الأولى، والجهد الكبير الذي بذله الآباء المؤسسون للدولة من أجل قيامها. لمشاهدة صور تاريخية عن الموضوع، يرجى الضغط على هذا الرابط. دعم اللغة العربية يولي صاحب السموّ الشيخ سلطان بن محمد القاسمي، اللغة العربية وجهود الحفاظ عليها، اهتماماً كبيراً، ولسموّه العديد من المبادرات والمشروعات التي تهدف إلى حماية اللغة العربية في مواجهة الأخطار التي تتعرض لها الثقافة العربية، من أبرزها إقامة مجمع اللغة العربية في إمارة الشارقة، ليكون عوناً ومسانداً للمجامع العربية في مختلف أقطار العالم العربي. وتعهد سموّه أن يتكفل المركز بجميع احتياجات المجامع العربية أينما كانت، وأن يكون على رأس أولوياته القيام بتمويل إصدار القاموس اللغوي التاريخي، وكل ما يتعلق به. كما قام سموّه بإنشاء جائزة الشارقة للثقافة العربية عقب اختيار الشارقة عاصمة إقليمية للثقافة العربية، من قبل المنظمة الدولية للتربية والعلوم والثقافة اليونسكو عام 1998، وخصص لها سموّه مبلغ 250 ألف دولار، تقدم لـاليونسكو، التي تمنحها لمبدعين من داخل الوطن العربي وخارجه (عرباً وغير عرب)، لتشجيع الإبداع الموجّه للتنمية والثقافة الإنسانية. ضيف شرف اليونسكو احتفت منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلوم والثقافة اليونيسكو في ديسمبر 2014، في العاصمة الفرنسية باريس بصاحب السموّ الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي، عضو المجلس الأعلى حاكم الشارقة، ضمن احتفالية المنظمة باليوم العالمي للغة العربية، وذلك تثميناً لدور سموّه البارز في خدمة لغة الضاد، من خلال تأسيسه جمعية حماية اللغة العربية في دولة الإمارات، وجمعية الإمارات لحماية الخط العربي، وساحة الخط التي تضم بين جنباتها معهد الخط العربي، وبيوت الخطاطين، وغيرها من الفعاليات المشابهة. ليكون سموّه بذلك أول شخصية عربية يتم الاحتفاء بها كضيف شرف، لما لسموّه من إسهامات في خدمة اللغة العربية. عاشق المسرح يمتلك صاحب السموّ الشيخ سلطان بن محمد القاسمي، مشروعاً مسرحياً مبدعاً ومؤسساً، فسموّه عاشق للمسرح، ومن الروّاد الذين أعطوه إبداعاً متميزاً، بشهادة المسرحيين العرب والأجانب وهيئاتهم العربية والدولية. وقام سموّه بتأليف ثماني مسرحيات تحمل كل واحدة في طياتها كثيراً من المواقف والعبر والإسقاطات التاريخية، منها: (عودة هولاكو، القضية، الواقع صورة طبق الأصل، الإسكندر الأكبر، النمرود، شمشون الجبار، الحجر الأسود، طورغوت)، وقد تم جمع تلك الإصدارات في كتاب الأعمال المسرحية. تشجيع المجتمع المدني يحرص صاحب السموّ حاكم الشارقة على تشجيع قيام مؤسسات المجتمع المدني (المؤسسات الطوعية غير الحكومية)، بقصد تنمية الشعور الوطني والتفاعل بين المجتمع والمؤسسة الرسمية، وتشجيع أعمال مجلس الشارقة الاستشاري، لتفعيل دور المواطن في التنمية، ومراجعة المشروعات على كل المستويات في الإمارة. إلى جانب دعم وتشجيع أعمال المجالس البلدية في المدن والقرى من الإمارة، بقصد توسيع اللامركزية، ومشاركة المجتمع المدني لمؤسسات الحكومة المختلفة في الرؤى والمشروعات والتخطيط. منذ صغره تربى صاحب السموّ الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي، على الوطنية، وترعرع على حب العلم والمعرفة، وكان شغوفاً جداً بتاريخ وطنه. وخلال فترة دراسته تنقل سموّه بين الشارقة والكويت ومصر ليتلقى تعليمه، فقد بدأ سموّه تعليمه العام في شهر سبتمبر سنة 1948 في مدرسة الإصلاح القاسمية، وكان عمره آنذاك (تسع سنوات وشهرين)، وكان قد درس قبلها القرآن لدى الشيخ فارس بن عبدالرحمن. وفي عام 1954 انضم صاحب السموّ حاكم الشارقة للمدرسة الإنجليزية الخاصة ليدرس اللغة الإنجليزية. وتنقل سموّه بين الشارقة والكويت لتلقي تعليمه الإعدادي والثانوي. ومع نهاية عام 1965 انتقل إلى القاهرة، حيث بدأ الدراسة الجامعية في كلية الزراعة بجامعة القاهرة. من جانب آخر، عمل سموّه مدة عامين منذ فبراير عام 1961 إلى سبتمبر 1963 مدرساً لمادتي اللغة الإنجليزية والرياضيات بالمدرسة الصناعية بالشارقة. ثم تسلم رئاسة البلدية عام 1965. وبعد عودته إلى الشارقة بعد إتمامه دراسته الجامعية عام 1971 تسلم صاحب السموّ حاكم الشارقة إدارة مكتب سموّ الحاكم بإمارة الشارقة. وبعد أيام من قيام اتحاد دولة الإمارات العربية المتحدة، صباح يوم الثاني من ديسمبر عام 1971، وتحديداً في اليوم التاسع من ديسمبر تم تشكيل مجلس الوزراء ونصب صاحب السموّ الشيخ سلطان القاسمي يومها وزيراً للتربية والتعليم. وفي يوم الثلاثاء التاسع من ذي الحجة، يوم عرفة سنة 1391هـ الموافق 25 من يناير 1972 تسلم صاحب السموّ الشيخ سلطان بن محمد القاسمي مقاليد حكم إمارة الشارقة، ليكون عضواً للمجلس الأعلى لدولة الإمارات العربية المتحدة، وكان عمر سموّه آنذاك 32 عاماً. ويعدّ سموّه الحاكم الـ18 لإمارة الشارقة من حكم القواسم، الذي يعود لعام 1600 ميلادية. وقد قاد سموّه التنمية الثقافية والاقتصادية والاجتماعية في إمارة الشارقة، وبذل سموّه جهداً إضافياً، ووفّر المصادر لتشجيع التفاعل والحوار الثقافي محلياً وإقليمياً ودولياً بين الشعوب كافة. ولصاحب السموّ حاكم الشارقة العديد من المبادرات العالمية والعربية والمحلية، التي تستهدف مختلف المجالات، مع التركيز على بناء الإنسان ثقافياً واجتماعياً واقتصادياً، وتعزيز قدراته المعرفية والعلمية، والاهتمام بمختلف فئات المجتمع، وكذلك الحفاظ على التاريخ والتراث والهوية الوطنية، من هذه المبادرات: مبادرة تعليم وتوظيف ذوي الإعاقة في الشارقة، ومبادرة إنشاء جامعة القاسمية ودعمها بمخطوطات إسلامية نادرة، وإنشاء 100 بيت للشعر العربي، ومبادرة إنشاء مجلس شورى شباب الشارقة، ومجلس شورى أطفال الشارقة. وعلى المستويين العربي والعالمي، أطلق سموّه العديد من المبادرات المهمة، منها مشروع ثقافة بلا حدود، الذي قدم منذ انطلاقته عام 2008، العديد من المبادرات التي تسهم في تعزيز ثقافة القراءة، وجعلها عادة يومية يحرص جميع أفراد الأسرة، وبمختلف فئاتهم العمرية ومستوياتهم التعليمية على ممارستها. كما أطلق سموّه مبادرة إنشاء مبنى اتحاد المؤرخين العرب في القاهرة، ومبنى اتحاد المجامع اللغوية العلمية العربية، ومبنى اتحاد الآثاريين العرب في القاهرة أيضاً، وبناء مقر اتحاد الجامعات العربية في العاصمة الأردنية عمّان، وكذلك تبرّع صاحب السموّ الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي، بمليون يورو للهيئة العالمية للمسرح، وبناء عدد من المراكز الإسلامية والمساجد في مدن مختلفة حول العالم. وتكفّل سموّه بإعادة ترميم المجمع العلمي المصري كاملاً، بعد احتراقه خلال ثورة يناير 2011. وإلى جانب خطط البناء والتنمية الاقتصادية والاجتماعية، شغلت التنمية الثقافية جانباً مهماً من اهتمام وجهود صاحب السموّ الشيخ سلطان القاسمي، فعمل على خلق ودعم حركة علمية وثقافية نهضوية، ليس محلياً فقط، بل عربياً أيضاً، من خلال دعم الإبداع بمختلف أشكاله الأصيلة، وإقامة المؤسسات العلمية والثقافية بإمارة الشارقة، ودعم النشاطات ذاتها في الإمارات وسائر دول العالم، إضافة لانتهاجه سياسة ثقافية واعية في شتى الحقول العلمية والمعرفية. ومتابعة المنجزات العربية والعالمية والإنسانية في مجالات التاريخ والفنون، والعمل على نشر تلك الخبرات بين الشباب العربي، ودفعهم للمشاركة والإنتاج المتميز في نطاقها. ولصاحب السموّ حاكم الشارقة منجز فكري ثري كان موضوعاً لكثير من الدراسات والبحوث، حيث قام سموّه بتأليف 37 عنواناً، تنقسم بين مجالات التاريخ والعلوم الإنسانية والاجتماعية والأدبية، إضافة إلى كتب السيرة الذاتية، ويأتي كتاب أسطورة القرصنة في الخليج كباكورة كتبه، وهي أطروحة سموّه لنيل درجة الدكتوراه من جامعة اكستر البريطانية عام 1985. وبلغت مؤلفات سموّه التاريخية 29 عنواناً، تناول فيها تاريخ المنطقة، كما تندرج تحتها مؤلفات سموّه في السيرة الذاتية، إضافة إلى ثماتية مؤلفات أدبية وثمانية في مجال المسرح. أرقام وأحداث 1934 اختير صاحب السموّ حاكم الشارقة عضواً فخرياً بمجلس مجمع اللغة العربية بالقاهرة في ديسمبر2015. وهذه هي المرة الأولى التي يختار فيها المجمع عضواً فخرياً به منذ افتتاحه في 1934. 1939 ولد صاحب السموّ الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي، يوم الأحد في 14 من جمادى الأولى سنة 1358هـ، الموافق الثاني من يوليو عام 1939م بمدينة الشارقة. 2010 منحت جائزة الشيخ زايد للكتاب لقب شخصية العام الثقافية لصاحب السموّ الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي، عضو المجلس الأعلى للاتحاد حاكم الشارقة، في دورتها الرابعة لعام 2009 - 2010 تقديراً لجهوده في رعاية التنمية الثقافية العربية ودعم الإبداع. 2015 حصل سموّه على مرتبة الزمالة الفخرية من كليات الأطباء الملكية في كل من لندن وجلاسكو وأدنبرة، تقديراً لدور سموّه في دعم المسيرة التعليمية والطبية على مستوى العالم.
مشاركة :