عرضت الحكومة الفرنسية، أخيراً، خطة جديدة لمحاربة التطرف وتجفيف منابعه. ويرى محللون أن الخطة ولدت بعد مخاض عسير، في حين يعتقد مراقبون أن المشهد العام لن يتغير كثيراً. وفي حين تشكو الجالية المسلمة في البلاد، من أن الخطة تستهدفها بشكل أساسي، تقول الحكومة إنها تسعى لحماية الجالية من ظاهرة التطرف، كونها جزءاً من المجتمع الفرنسي. وبالنسبة لرئيس الوزراء الفرنسي، مانويل فالس، فإن هذه التدابير تلخص سياسة الحكومة في مجال محاربة التطرف والإرهاب. وتتضمن الخطة إجراءات غير مسبوقة في محاربة الإرهاب، بما في ذلك حشد قوات أمنية على الأرض، واهتماماً أكبر بضحايا الإرهاب، والتنسيق في ما بين مكونات المجتمع على المستويين العام والخاص، وممثلي الديانات والتيار العلماني. * تبقى مسألة ارتباط مشكلات الاندماج بالإرهاب، موضوعاً خاضعاً لجدل واسع في فرنسا، وغيرها من البلدان الأوروبية المعنية بالظاهرة. ويشير خبراء إلى أنه ليس هناك سوى نسبة ضئيلة من المسلمين الفرنسيين تميل إلى الراديكالية والتطرف، بمن فيهم أولئك الذين اعتنقوا الإسلام. * تقول البيانات إن من بين أكثر من 2000 فرنسي شاركوا في القتال بمناطق مختلفة في الشرق الأوسط، عاد 244 منهم إلى فرنسا. وجدير بالذكر أن الحكومة الفرنسية ستخصص عشرات المراكز لاستقبال وتأهيل العائدين من مناطق الصراع، خصوصاً سورية والعراق، إضافة إلى ملايين الدولارات الإضافية. ويريد فالس من خلال هذه التدابير، التعبئة العامة ضد الإرهاب، مؤكداً أن التطرف والإرهاب مرتبطان. وتقول البيانات إن من بين أكثر من 2000 فرنسي شاركوا في القتال بمناطق مختلفة في الشرق الأوسط، عاد 244 منهم إلى فرنسا. وترتكز الخطة الحكومية على إجراءات تتضمن جوانب وقائية وأخرى عقابية. وصلت التهديدات الإرهابية في فرنسا إلى مستويات غير مسبوقة، إذ يوجد نحو 9300 شخص تحت المراقبة، ويخشى أنهم انحرفوا نحو التطرف؛ من بينهم 30% من النساء و20% من المراهقين. وفي غضون ذلك بدأت محاكمة عناصر خلية إرهابية في بروكسل، والتي اعتقلتها قوات الأمن في منطقة لياج البلجيكية، بعدما أحبطت في يناير 2015 هجوماً وشيكاً وواسع النطاق. وأظهرت التحقيقات وجود علاقة بين هذه الخلية واعتداءات باريس وبروكسل الإرهابية. تقول المتخصصة في المجتمعات الإسلامية في جامعة بروكسل، كورين توركينس، إنه ليس المهم أن تضعي على وجهكِ نقاباً، المهم ما يدور في رأسكِ، مضيفة، لابد أن نتخلص من الجدل حول الحياد والعلمانية، وأن نعترف ونقبل بمجتمعنا متعدد الثقافات بكل مظاهره. وهذا لا يجري بمجرد شرب شاي بالنعناع. أما الباحث الكسندر بيتر، فيعتقد أن القضية لا تتعلق بعدم اندماج المسلمين، إنما تتعلق بـعدم قبول المجتمع بهؤلاء. وتبقى مسألة ارتباط مشكلات الاندماج بالإرهاب، موضوعاً خاضعاً لجدل واسع في فرنسا، وغيرها من البلدان الأوروبية المعنية بالظاهرة. ويشير خبراء إلى أنه ليس هناك سوى نسبة ضئيلة من المسلمين الفرنسيين تميل إلى الراديكالية والتطرف، بمن فيهم أولئك الذين اعتنقوا الإسلام، رغم أنهم نشأوا في عائلات مسيحية أو علمانية ذات جذور محلية تمتد إلى مئات السنين. ويرى الكثير من مسلمي فرنسا أنفسهم في دائرة الاتهام. وتقول المدونة الفرنسية كوثر بفروم: أنا لا أفهم كيف تمكن هؤلاء الجلادون (الإرهابيون)، الذين لا قلب لهم ولا ضمير، من أن يبرروا كل هذه الأعمال الوحشية المرعبة، بأنهم ارتكبوها باسم الدين. وتضيف المدونة في مقال نشر بإحدى الصحف المحلية، لم أعد أستطع سماع كل هذه الدعوات القادمة من كل صوب وحدب، تطالبني بأن أنأى بنفسي سريعاً عما حدث، وأن أبرر انتمائي لدين معين. لم أعد أتحمل أن أُعتبر مذنبة أو مشاركة في الذنب إلى أن تثبت براءتي. ويأتي الإعلان عن الخطة الحكومية الجديدة في ظل احتجاجات على تعديلات مقترحة لقانون العملات اخذت طابعاً عنيفاً في باريس. وتواجه حكومة فالس انتقادات واسعة في عدد من القضايا، في وقت يسعى الحزب الاشتراكي الحاكم لتدارك أخطائه بإدراج خطط جديدة لا تلقى الترحيب في الأوساط الفرنسية.
مشاركة :