وسط الركام، وفي أرض أنهكتها الحروب والتقسيمات، انبثقت زهرة الأمل في سوريا، رمزًا لتحرُّر طال انتظاره، وبدايةً جديدة لشعب عانى عقودًا من القهر. لقد أثبت السوريون للعالم أجمع أن إرادة الشعوب لا تُقهر، وأن الألم قد يكون بذرة لزرع الأمل الذي يتجلى في وحدة الوطن وإعادة بنائه على أسس العدالة والكرامة. على الرغم من التحديات الجسيمة التي خلفتها السنوات العصيبة، بدءًا من النزوح واللجوء حتى الدمار الشامل للبنية التحتية، يثبت الشعب السوري اليوم أن الأوطان لا تموت بغياب الأمن، بل تعود للحياة عندما تتشابك الأيدي وتتحد القلوب لإحياء كرامة الإنسان. تحرُّر سوريا يُمثِّل أكثر من مجرد انتصار على الاستبداد، أو خروج من أزمة معقدة؛ إنه رسالة للعالم، وتحديدًا للأشقاء في اليمن وفلسطين ولبنان، بأن الظلام مهما طال لا بد أن ينقشع. فاليمن، الغارق في أتون الصراعات، يمكنه أن يستمد من قصة سوريا أملاً في العودة إلى طبيعته كبلد يعجُّ بالحياة والثقافة. وفلسطين، التي لا تزال تعاني الاحتلال والاستيطان، تجد في هذا التحرُّر برهانًا جديدًا على أن الصمود هو مفتاح التحرير. أما لبنان، الذي يئن تحت وطأة أزمات سياسية واقتصادية متشابكة، فلعل روح التحدي السوري تلهم شعبه لاستعادة تماسُكه ونهوضه. لكن هذه الزهرة الوليدة تحتاج إلى مَن يرعاها، فالسوريون وحدهم لا يمكنهم أن يحملوا هذا العبء الثقيل. المجتمع الدولي مطالَب بمد يد العون لهم، سواء بالمساعدات الإنسانية أو بالدعم السياسي لتحقيق الاستقرار. كما أن العالم العربي مدعو لاحتضان سوريا مجددًا، ولعب دور فاعل في إعادة بنائها؛ لتعود كما كانت جوهرة الشرق ومركز الحضارة. زهرة الأمل التي نبتت في سوريا تُذكِّرنا جميعًا بأن المستقبل يصنعه الإصرار، وأن الشعوب حين تصمم على التحرر قادرةٌ على تحقيق المستحيل. فليكن هذا التحرر بداية مسيرة نحو عالم عربي موحَّد، ينفض عنه غبار الحروب، ويزرع بدلاً منها حقولاً من الأمل والازدهار.
مشاركة :