أصبح التصحر أحد أشد التحديات البيئية التي تواجه البشرية، حيث يؤدي إلى المزيد من العواصف الرملية والترابية، ويعرض الأمن الغذائي للخطر، ويشرد المجتمعات، ويؤجج الصراعات. ويجتمع مندوبون من مختلف أنحاء العالم لحضور الدورة الـ16 لمؤتمر الأطراف في اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة التصحر (كوب 16) المنعقدة في الرياض في الفترة من 2 إلى 13 ديسمبر الجاري، سعيا إلى التوصل إلى اتفاقيات وتسريع الإجراءات المشتركة لدعم الإدارة المستدامة للأراضي والقدرة على التكيف مع المناخ. ومنذ التوقيع على الاتفاقية قبل 30 عاما، أصبحت الصين أكبر مساهم في زيادة المساحات الخضراء عالميا ونموذجا دوليا لمكافحة التصحر. -- الجهود الخضراء للصين تعد الصين واحدة من أكبر المناطق المتضررة في العالم، خاصة في المناطق الشمالية الغربية والشمالية والشمالية الشرقية، التي تتميز بمساحات شاسعة من الأراضي الجافة والصحاري. ومن المشاريع البيئية البارزة في البلاد برنامج غابات الحزام الواقي في "المناطق الشمالية الثلاث". ومنذ عام 1978، أضاف البرنامج 32 مليون هكتار إلى مناطق التشجير وعالج 85.3 مليون هكتار من الأراضي العشبية المتدهورة و33.3 مليون هكتار من الأراضي الصحراوية. ومن خلال البرنامج، أنشأت الصين أيضا أكبر غابة من صنع الإنسان في العالم في سايهانبا في مقاطعة خبي شمالي الصين، وأكملت أكبر مشروع لاستعادة البيئة في العالم في ماوووسو في مقاطعة شنشي شمال غربي الصين، وحولت صحراء كوبوتشي في منطقة منغوليا الداخلية ذاتية الحكم شمالي الصين إلى أرض خضراء. وقالت نائبة السكرتير التنفيذي لاتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة التصحر أندريا ميسا موريلو "لقد تأثرت بالصور التي تُظهر أجيالا مختلفة من الشعب الصيني وهم يكافحون التصحر، وبالقيادة التي أظهرتها الصين في هذا المجال"، مشيدة بالإنجازات البارزة التي حققتها الصين في مكافحة التصحر ومساهمتها في الجهود العالمية بهذا المجال. فيما أكد المدير العام للوكالة الوطنية للسور الأخضر الكبير في موريتانيا سيدنا أحمد أعل، لوكالة أنباء ((شينخوا))، أن بلاده، التي تعاني من تصحر 84 بالمائة من أراضيها، استوحت الإلهام واكتسبت القوة والعزيمة من "السور العظيم الأخضر" الصيني. وأشار إلى أن موريتانيا أقامت شراكة مع معهد شينجيانغ للبيئة والجغرافيا التابع للأكاديمية الصينية للعلوم في عام 2017، وقال "نحن فخورون بشراكتنا الأولى في إطار مبادرة السور الأخضر العظيم في إفريقيا. نحن فخورون بالتجربة الصينية". -- تقنيات جديدة وعُرضت التقنيات الجديدة التي طبقتها الصين في مكافحة التصحر في جناح الصين خلال معرض أقيم بالتزامن مع قمم وحوارات وزارية وتوزيع الجوائز وأيام مواضيع خلال مؤتمر "كوب 16". وانجذب الزوار إلى نموذج روبوت زراعة الأشجار بالذكاء الاصطناعي الذي جلبته شركة ((إيسون)) للمعدات الذكية (بكين) المحدودة. وقال المدير العام للشركة بيان لي جيون لوكالة أنباء ((شينخوا)) "بفضل الذكاء الاصطناعي والقيادة الذاتية ونظام بيدو للملاحة عبر الأقمار الصناعية والطاقة الخضراء، يمكن للروبوتات تقليل تكاليف التشجير بنسبة 20-25 بالمائة، وزيادة معدلات بقاء الزراعة بنسبة 10-20 بالمائة، وأكثر كفاءة بخمس مرات من الطرق اليدوية". وبعد أن علم أن الروبوتات قادرة على زراعة الأشجار عن بعد في غضون 20 إلى 30 ثانية، أبدى ماجد المبيريك مساعد إداري للمرافق في برنامج الأمم المتحدة الإنمائي، إعجابه الشديد بالفكرة، وقال "إنها عملية آلية للغاية مثيرة للاهتمام، ومفيدة جدا". وقالت وزيرة البيئة وتغير المناخ المنغولية سالدان أودونتويا "لقد زرت أجنحة العديد من البلدان وتعرفت على أنشطتها، وزرت جناح الصين مرتين. وأعتقد أن ممارسات الصين هي الأفضل". -- الالتزام الأخضر على الرغم من مواجهة بعض أشد التحديات العالمية خطورة في مجال التصحر، فقد اتخذت الصين مسارا فريدا يدمج الاستعادة البيئية مع تحسين سبل العيش، مدفوعة بسياسات رفيعة المستوى وتشريعات وابتكارات تكنولوجية. وفقا للبيانات الرسمية، تم استعادة 53 بالمائة من الأراضي الصحراوية القابلة للعلاج في الصين، مما أدى إلى انخفاض صاف يبلغ حوالي 4.33 مليون هكتار من الأراضي المتدهورة. وقد أصبحت الصين أول دولة تحقق صافي صفر لتدهور الأراضي، مع تقليص كل من المناطق المتصحرة والمناطق الرملية. كما شهدت التنمية الخضراء ازدهارا أخضر. ويتم زراعة الأعشاب الطبية التقليدية الصينية وأعلاف الحيوانات عالية الجودة في تلك المناطق الرملية، بالإضافة إلى زراعة البطيخ والجوز. وفي بعض المناطق، يشكل الدخل من ثمار الغابات أكثر من نصف صافي دخل المزارعين، وفقا لبيانات الهيئة الوطنية للغابات والمراعي في الصين. وقالت المديرة العالمية للبيئة في البنك الدولي فاليري هيكي "نحن فخورون للغاية بشراكتنا مع الصين. كانت الصين رائدة في إظهار كيفية خلق مناطق مزدهرة في المناطق التي كانت في السابق متصحرة ومتدهورة. ونحن فخورون بالشراكة معكم (الصين) لنقل تلك الدروس إلى دول أخرى". لقد قامت الصين بقيادة التعاون العالمي في مكافحة التصحر، من خلال إنشاء مركز دولي لإدارة المعرفة مع اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة التصحر واستضافة منتدى كوبوتشي الدولي للصحراء لمشاركة الأبحاث العالمية ورؤى الاقتصاد البيئي. وللانضمام إلى جهود الجنوب العالمي، أطلقت الصين أيضا مراكز لمكافحة التصحر مع الدول العربية ومنغوليا، وأنشأت مواقع تجريبية في آسيا الوسطى وإفريقيا، وقدمت الدعم من خلال تكنولوجيا الأقمار الصناعية والبيانات الضخمة لمبادرة السور الأخضر العظيم في إفريقيا. وقال المدير العالمي للحلول المعتمدة على الطبيعة في الاتحاد الدولي لحفظ الطبيعة تشارلز كارانغوا "أود أن أشيد بقيادة الحكومة الصينية عالميا في مكافحة التصحر، وبمشاركة الخبرات بين الصين والجنوب العالمي الأكبر".
مشاركة :