كشفت صحيفة «فاينانشيال تايمز» أن مصرف سورية المركزي نقل نحو 250 مليون دولار عبر رحلات جوية إلى روسيا خلال عامين، عندما كان الرئيس السابق بشار الأسد الذي فر إلى موسكو قبل أسبوع، مديناً للكرملين، مقابل الدعم العسكري، في وقت كان أقاربه يشترون أصولاً «بشكل سري» في موسكو. وأفادت في تقرير أوردته أمس (الأحد)، أنها اطلعت على سجلات تُظهر أن نظام الأسد، الذي كان يعاني من نقص حاد في العملة الأجنبية، نقل عملات نقدية تزن نحو طنين من فئة 100 دولار و500 يورو إلى مطار فنوكوفو في موسكو، ليتم إيداعها في بنوك روسية خاضعة للعقوبات الغربية خلال عامي 2018 و2019. ووفق الصحيفة البريطانية، فإن شحنات الأموال السورية إلى موسكو تزامنت مع اعتماد دمشق على دعم الكرملين العسكري، خصوصا مرتزقة مجموعة «فاغنر»، ودخول عائلة الأسد في موجة شراء عقارات فاخرة في العاصمة الروسية. ونقلت الصحيفة البريطانية عن مساعد وزير الخارجية الأمريكي لشؤون الشرق الأدنى ديفيد شينكر، قوله: إن «هذه التحويلات لم تكن مفاجئة، وذلك بالنظر إلى أن نظام الأسد كان يرسل الأموال بانتظام إلى الخارج لتأمين مكاسبه غير المشروعة». وأظهرت سجلات تجارية روسية من شركة Import Genius لبيانات الاستيراد، أنه في يوم 13 مايو 2019، هبطت طائرة تحمل 10 ملايين دولار، من فئة 100 دولار، أرسلها مصرف سورية المركزي، في مطار فنوكوفو بموسكو، وفي فبراير 2019، نقل البنك نحو 20 مليون يورو، من فئة 500 يورو، وبلغ عدد الرحلات الجوية 21 رحلة خلال الفترة بين مارس 2018 وسبتمبر 2019 تحمل قيمة مُعلَنة تزيد على 250 مليون دولار. ونقلت الصحيفة عن مصدر مطلع على بيانات مصرف سورية المركزي قوله: إن الاحتياطيات الأجنبية كانت «معدومة تقريباً» لدى دمشق بحلول عام 2018، ولكن بسبب العقوبات، فإن البنك كان مضطراً لإرسال المدفوعات نقداً. وأفصح المصدر، أن المصرف السوري كان يشتري القمح من روسيا ويدفع مقابل خدمات طباعة النقود، فضلاً عن النفقات الدفاعية. وأفادت سجلات روسية بأن الصادرات المنتظمة من روسيا إلى دمشق، مثل شحنات الورق الآمن والعملات النقدية السورية الجديدة من شركة الطباعة Goznak الروسية المملوكة للدولة، وشحنات قطع الغيار العسكرية البديلة لوزارة الدفاع السورية، جرت في السنوات التي سبقت نقل كميات كبيرة من العملات النقدية إلى موسكو، وبعدها. وتحدثت الصحيفة أن أسماء الأسد، وهي مصرفية سابقة في مؤسسة «جي بي مورجان»، استطاعت بناء مكانة قوية تمكنها من التأثير على تدفقات المساعدات الدولية، وترأست مجلساً اقتصادياً رئاسياً سرياً. وبحسب الولايات المتحدة، فإن الأسد وأعوانه حققوا «عائدات من تجارة المخدرات الدولية وتهريب الوقود». ودفعت التحويلات النقدية السورية واشنطن إلى فرض عقوبات على شخصيات مقربة من النظام في عام 2015، واتهمت الخزانة الأمريكية محافظ البنك المركزي السوري السابق أديب ميالة، وموظفة في البنك تدعى بتول رضا بـ«تسهيل تحويلات نقدية ضخمة» لصالح النظام إلى روسيا، وإدارة صفقات تتعلق بالوقود لجمع العملات الأجنبية، كما اتهمت الولايات المتحدة الموظفة بمحاولة الحصول على مادة نترات الأمونيوم من روسيا، التي تُستخدم في صنع البراميل المتفجرة. وكشفت السجلات أن الأموال المنقولة جواً إلى موسكو استلمها بنك RFK الروسي، ومقره موسكو، ويخضع لسيطرة شركة Rosoboronexport الحكومية الروسية لتصدير الأسلحة. وفرضت الخزانة عقوبات على البنك هذا العام، لتسهيل نقل التحويلات النقدية، مؤكدة أنه سمح بإجراء «معاملات غير مشروعة، وتحويل عملات أجنبية، ومخططات للتهرّب من العقوبات لصالح الحكومة السورية بملايين الدولارات». ورغم أن العقوبات الغربية أجبرت نظام الأسد على الخروج من النظام المصرفي بالعملة الأمريكية، فإن السجلات التجارية تُظهِر أن المقربين الرئيسيين من الأسد استمروا في نقل الأصول إلى روسيا، في عام 2019، وأكدت «فاينانشيال تايمز» أن العائلة الممتدة لبشار اشترت منذ عام 2013 ما لا يقل عن 20 شقة فاخرة في موسكو باستخدام شبكة معقدة من الشركات والترتيبات التمويلية.
مشاركة :