وبعد ثلاثة أيام على مرور "شيدو" الذي يعدّ أقوى إعصار تشهده مايوت منذ 90 عاما، يعاني الأرخبيل الفرنسي من نقص على كل المستويات في ظلّ تدهور قطاع الصحة، ما يثير قلق السكان. وسيسري حظر التجوّل من العاشرة مساء حتّى الرابعة فجرا بالتوقيت المحلي لدواع أمنية بغية التصدّي لأعمال النهب، على ما أعلنت وزارة الداخلية. ومساء الإثنين، قال الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون الذي من المرتقب أن يقصد مايوت "في الأيام المقبلة تضامنا" مع السكان وكلّ الأشخاص الذين هبوا للمساعدة إنه "في ظلّ هذه المأساة التي تؤثّر على كلّ واحد منّا، أعلن حدادا وطنيا". وتفيد الحصيلة الرسمية بسقوط 21 قتيلا حتّى الساعة، لكن السلطات تخشى ارتفاع عدد القتلى إلى "عدّة مئات" أو حتّى "بضعة آلاف" في هذا الإقليم وهو أكثر الأقاليم الفرنسية فقرا. وحذّر وزير الداخلية الفرنسي برونو روتايو مساء الإثنين من "حصيلة ستكون ثقيلة، جدّ ثقيلة". وعدد الضحايا مرشّح للارتفاع بشدّة لا سيّما أن كثرا من سكان مايوت الذين يدينون بالإسلام بغالبيتهم العظمى فضّلوا التعجيل في دفن موتاهم. وكشفت جمعية الصليب الأحمر الفرنسي عن انقطاع الاتصال بمئات من موظفيها والمتطوعين معها في مايوت. وفي موزمبيق حيث توجّه الإعصار "شيدو"، قتل 34 شخصا على الأقلّ وجرح أكثر من 300 ودمّر أكثر من 20 ألف منزل، وفق ما أعلن الثلاثاء المعهد الوطني لإدارة الكوارث والمخاطر. "دمّرت بالكامل" وقال وزير الداخلية برونو روتايو من جزيرة لا ريونيون الفرنسية التي تبعد 1400 كيلومتر عن مايوت إن "70 % من السكان تأثّروا بشدّة" بالإعصار في مايوت "التي دمّرت بالكامل". وأعلن الوزير عن وصول 400 دركي إضافي "في الأيام المقبلة" لمؤازرة 1600 دركي وشرطي في الأرخبيل، مع الإشارة إلى "عدم تسجيل أعمال نهب فعلا" حتّى الآن. وسجّل إقبال كبير على محطات الوقود التي خصّص ثلثاها لمركبات الإسعاف. وكشفت السلطات عن "توتّرات بدأت تظهر". وكانت شبكة الخلوي مقطوعة بنسبة 80 % حتّى ظهر الثلاثاء. وقال جان فرنسوا كورتي رئيس منظمة "أطباء بلا حدود" غير الحكومية "يجب استيراد الكثير من المواد الغذائية. ويجب توزيع ناموسيات وأغطية والمياه... والسبت ضرب إعصار "شيدو" الأرخبيل الواقع في منطقة المحيط الهندي حيث يعيش ثلث السكّان في مساكن هشّة دمّرت بالكامل. ويرجح ان تكون حرارة المياه السطحية التي ناهزت 30 درجة مئوية زادت من شدّة الإعصار، في ظاهرة احترار مناخي سجّلت في مواقع أخرى من العالم هذا الخريف. وتقضي الأولوية بتلبية "الحاجات الأساسية" للسكان من مياه وطعام، وفق وزير الداخلية الفرنسي. وقال أنتوي عبد الله (34 عاما) الذي يقطن تسوندزو لوكالة فرانس برس "بدأت المياه تنفد. لدينا بعض القوارير لكن المخزون انقطع تقريبا في المتاجر". وحذّر رئيس المجلس الإقليمي بن عيسى حسيني من "أزمة صحية". وأعلنت وزارة الداخلية عن عودة المياه الجارية بنسبة 50 % في خلال 48 ساعة. واستأنف المستشفى الوحيد في الأرخبيل "العمل تدريجا"، بحسب برونو روتايو الذي أعلن عن تشغيل مستشفى ميداني اعتبارا من الخميس. وتدهور وضع الرعاية الصحية "إلى حدّ كبير" في مايوت، بحسب ما قالت وزيرة الصحة جنفييف داريوسيك. ونقل الإثنين 25 مريضا "في حالة طارئة" إلى جزيرة لا ريونيون. "تضامن وطني" وتقضي إحدى الأولويات القصوى الأخرى للحكومة بإرسال خيم وقماش مشمّع لإيواء السكان الذين دمّرت مساكنها أو تضرّرت أسطحها بفعل رياح تخطّت سرعتها 220 كيلومترا في الساعة. وأفاد الصليب الأحمر الفرنسي بأن 20 طنّا من المعدّات في طريقها إلى مايوت. وفي ظلّ الوضع الطارئ، دعا رئيس الوزراء الفرنسي الجديد فرنسوا بايرو إلى "تضامن وطني". وهو قد انتُقد لأنه شارك مساء الإثنين في مجلس بلدي في جنوب غرب فرنسا بدلا من حضور خلية أزمة في باريس حول مايوت. وهو شدّد الثلاثاء أمام الجمعية الوطنية على أن حصيلة الضحايا "لم تحدّد بعد"، مشيرا إلى "مئتي جريح في حالة خطرة" و"1500 في حالة معتدلة الخطورة". وقد سبق لوزير الداخلية روتايو المعروف بخطّه اليميني أن قال إنه من غير الممكن إعمار مايوت "من دون معالجة مسألة الهجرة". وحوالى نصف سكان الأرخبيل هم من المهاجرين الآتين من جزر القمر أو بلدان إفريقية أخرى، وفق المعهد الوطني للإحصاء. وقال أنتوي عبد الله "نحن منقطعون عن العالم بالكامل. ولا نفاذ لنا إلى الأخبار". وتتواصل عمليات رفع الأنقاض التي يعرقلها تساقط الأشجار والحطام على أنواعه. وما زال المسعفون يبحثون عن مفقودين في الأحياء الفقيرة المكتظّة بالسكان، لا سيما في مرتفعات العاصمة. ودعت السلطات السكان البالغين الذين هم "في حالة بدنية جيّدة" إلى "مؤازرة الفرق في الميدان". وتتوالى الدعوات التضامنية ودقائق الصمت، بما في ذلك في الخارج. وقد أعربت الولايات المتحدة عن استعدادها "تقديم مساعدة إنسانية مناسبة". بور-ملي-سم-اكو/م ن/غ ر
مشاركة :