وقع 24 فصيلاً من الجيش السوري الحر، أول من أمس، مبادرة تتألف من عشرة بنود، في محاولة لاحتواء الخلاف القائم بين فصيلي «جيش الإسلام» و«فيلق الرحمن» في غوطة دمشق الشرقية. وفيما لم يصدر بعد أي تعقيب من قيادة الطرفين على المبادرة، أثنى محمد علوش، كبير مفاوضي المعارضة السورية في جنيف، على هذه المبادرة. وقال في تغريده على حسابه على «تويتر» إن «مبادرة الفصائل لحل الخلاف في الغوطة هي أنضج مبادرة وبانتظار الموافقة من جميع الأطراف». وأكدت فصائل الجيش الحر في بيان نشرته على حساباتها في مواقع التواصل الاجتماعي، وتضمن مبادرة من عشرة بنود لإنهاء النزاع بين الفصيلين الأقوى في الغوطة، أن «ما يجري في الغوطة الشرقية يشكّل تهديدًا حقيقيًا للثورة السورية». وطالبت بـ«وقف إطلاق النار، وإنهاء الأعمال العسكرية، وفتح الطرقات، ورفع الحصار، وعودة الثوار إلى جبهات القتال، وفتح الطرق من الطرفين وبكل الاتجاهات فورًا». وحددت مهلة 24 ساعة لكلا الطرفين للرد على ما جاء ببنود هذه المبادرة. الفصائل نفسها تعهّدت بـ«ضمان ألا يقوم أي طرف من الأطراف باسترداد أي حق له بالقوة، واستعداها حيازة الضمانات المكتوبة وغير المكتوبة على ذلك من قيادة التشكيلين، وإيداعها لدى لجنة ضامنة من الفصائل»، داعية في الوقت نفسه إلى «وقف التجييش الإعلامي والديني من الطرفين فورًا، وتشكيل لجنة لمراقبة وقف إطلاق النار، تبدأ عملها فور وقف إطلاق النار، وإخلاء سبيل الموقوفين من الطرفين». ويعدّ «فيلق الرحمن» ثاني أكبر فصيل عسكري بعد «جيش الإسلام» في الغوطة الشرقية وريف دمشق، وهما يتنافسان على ضم تشكيلات عسكرية، في ما يشبه التسابق على تزعّم فصائل المعارضة والسيطرة على الغوطة الشرقية. وقد بدأت المعارك بين الفصيلين منذ 28 أبريل (نيسان) الماضي، ولا تزال مستمرة إلى الآن، بسبب خلافات على بعض المقرات التي يدعي كل طرف أنه يملكها، إضافة إلى ادعاء كل طرف أن الآخر قتل مقاتلين تابعين له. وتضمّن بيان الجيش الحرّ، ضرورة أن «يتوافق الطرفان على تشكيل لجنة مدنية وقضائية تتولى مهمة إصلاح الأجهزة الأمنية تكون توصياتها ملزمة، وتحال كل القضايا إلى لجنة قضائية تحدد آلية تشكيلها اللجنة الضامنة من الفصائل». ودعا كلاً من «جيش الإسلام» و«فيلق الرحمن» إلى «إصدار تعهد مكتوب وموقع من قائد كل من الفصيلين بالالتزام بحكم اللجنة القضائية بكل المظالم السابقة التي يدعيها كل فصيل ضد الآخر». وقطعًا للطريق على أي نقض لهذا الاتفاق كما حصل في مرات سابقة، أكدت الفصائل الموقعة على البيان، أن «من يخل ببند من بنود هذا الاتفاق أو بجزء منه يعرض نفسه لوقوف الفصائل جميعًا ضده، اقتصاديًّا وسياسيًّا وعسكريًّا وإعلاميًا، وسيعتبر فصيلاً منحرفًا عن خط الثورة». وحددت مهلة 24 ساعة لكلا الطرفين للرد على ما جاء ببنود هذه المبادرة. عضو مجلس قيادة الثورة في ريف دمشق إسماعيل الداراني، أكد أن «هذا الاتفاق جاء ثمرة جهود مضنية بذلتها لجنة مؤلفة من الفاعليات المدنية المؤثرة، أحد أعضائها عمر حمزة الناطق باسم مجلس قيادة الثورة». وأشار إلى أن هذه الفاعليات «بقيت تعمل على مدى خمسة أيام أو أسبوع تقريبًا، أقنعت خلالها الفصيلين (جيش الإسلام، وفيلق الرحمن) على تسمية ثلاثة ممثلين عن كل منهم للمشاركة في المفاوضات، وهو ما أسهم في ولادة هذا الاتفاق، الذي جاء نتيجة تفاهم شامل رضخ له الجميع». وشدد الداراني في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، على أن «الاتفاق ليس محصورًا بـ(جيش الإسلام وفيلق الرحمن) فحسب، إنما هو قاعدة ليرعى أي خلاف قد يقع بين أي فصيلين على كامل الأراضي السورية، كما أنه يشكّل أرضية لحل أي خلافات مستقبلية»، مشيرًا إلى أن «كل فصائل الثورة باتت تتحسس اليوم خطورة الخلافات القائمة بين بعض أطرافها، والتي تطورت لتصل في أحيان إلى حدّ سقوط أعداد كبيرة من الشهداء لدى الطرفين المتنازعين، بما بات يهدد مصير الثورة والقضية التي يحملونها». وكشف الداراني أن الاتفاق «هو أفضل ما تم التوافق عليه منذ بدأت الخلافات»، مؤكدًا أن «الفصائل المختلفة يجب أن تكون لها مرجعية للبت في النزاعات القائمة بينهما، وهذا كان موضع قبول الجميع من دون استثناء».
مشاركة :