وكان رئيس الوزراء الفرنسي الجديد فرنسوا بايرو البالغ 73 عاما، وهو وسطي كُلّف تشكيل الحكومة في 13 كانون الأول/ديسمبر بعد سحب الثقة من حكومة سلفه ميشال بارنييه، قال إنه يتطلّع لتشكيل حكومة جديدة قبل حلول عيد الميلاد. وهو بات "بصدد إجراء التكييفات الأخيرة"، على ما أفادت مصادر مقرّبة منه الأحد بعد عودة الرئيس إيمانويل ماكرون من جولة توقّف فيها في بروكسل ومايوت وشرق إفريقيا. وجرت مكالمات هاتفية عدة الأحد بين بايرو وماكرون قبل لقاء في الإليزيه مساء، بحسب ما كشفت الدوائر المقرّبة من الرئيس الفرنسي. وأعلن إيمانويل ماكرون الإثنين يوم حداد وطني على ضحايا إعصار "شيدو" الذي ألحق دمارا واسعا بأرخبيل مايوت الفرنسي في المحيط الهندي. وشهدت فرنسا دقيقة صمت على ضحايا الإعصار المقدّر عددهم بنحو 35 قتيلا و2500 جريح. ولا بدّ من أن يتوافق الاعلإن عن التوليفة الحكومية مع جدول أعمال رئيس الجمهورية. شخصيات وازنة وبعد مشاورات طويلة، عيّن بايرو خلفا للمحافظ ميشال بارنييه الذي أطيحت حكومته في 4 كانون الأول/ديسمبر بعد حجب الثقة منها بمبادرة من اليسار واليمين المتطرّف، وذلك بعد ثلاثة أشهر على تشكيلها. وبايرو هو سادس رئيس وزراء في عهد ماكرون منذ الولاية الأولى للرئيس في 2017 والرابع في سنة 2024 وحدها، في مؤشّر على عدم استقرار سياسي لم تشهد فرنسا مثله منذ عقود. وتشهد فرنسا أزمة سياسية منذ دعا ماكرون إلى انتخابات مبكرة في الصيف أفضت إلى تشرذم البرلمان بين ثلاث كتل متخاصمة (التحالف اليساري والماكرونيون والوسطيون واليمين المتطرّف) لا تملك أيّ منها أغلبية مطلقة. ويسعى بايرو إلى تشكيل حكومة متراصة الصفوف ومنفتحة قدر المستطاع. وهو يرغب في أن تشمل شخصيات وازنة، من اليسار واليمين والوسط، لمواجهة الأولويات الطارئة في البلد، لا سيما مسألة الميزانية. ويخوض رئيس الوزراء الجديد، زعيم حزب "موديم" الوسطي المتحالف مع حزب الرئيس ماكرون، مهمّته في ظلّ تدنّي شعبيته إلى مستويات قياسية، بعدما أعرب 66 % من أشخاص استطلعت آراءهم "ايفوب-لو جورنال دو ديمانش" عن استيائهم. وشهد الأسبوع الأول من تعيين بايرو في رئاسة الوزراء جدلا بشأن مشاركته في مجلس بلدي في بو، وهي مدينة في جنوب غرب فرنسا يتولّى رئاسة بلديتها، بدلا من حضور خلّية أزمة حول مايوت. ولم تتّضح بعد أسماء الشخصيات التي ستتولى الحقائب الوزارية الأبرز، علما أن المداولات تشمل رئيسة الوزراء السابقة إليزابيت بورن ووزير الداخلية السابق جيرالد دارمانان، فضلا عن احتمال إبقاء كلّ من كاترين فوتران (الأقاليم) ورشيدة داتي (الثقافة) وسيباستيان لوكورنو (الجيوش) في منصبه. مقاطعة اليسار ومساء السبت، أكد زعيم "الجمهوريين" (يمين) أن حزبه يميل إلى المشاركة في الحكومة من دونه، في حين أعلن بايرو نيّته إبقاء وزير الداخلية برونو روتايو المنتمي إلى هذا الحزب والمعروف بنهجه المتشدّد إزاء الهجرة في منصبه. وما زال من الصعب إقناع المعسكر اليساري بالمشاركة في الحكومة. ولم ترشح أيّ معلومات تقريبا عن شخصيات يسارية راغبة في الانضمام إلى حكومة بايرو، ما عدا الوزير الاشتراكي السابق فرنسوا ريبسامن الذي تباهى بـ"علاقة الثقة" الذي نسجها مع بايرو منذ فترة طويلة. ورفض الحزب الاشتراكي قطعا المشاركة في الحكومة الجديدة، ملّوحا بسحب الثقة منها. وفي نهاية المطاف، من المتوقّع أن تكون التوليفة الحكومية الجديدة قريبة من تلك التي شكّلها ميشال بارنييه الذي كانت له أقصر ولاية في رئاسة وزراء منذ إعلان الجمهورية الخامسة في 1958.
مشاركة :