ليبيا.. اقتراب معركة الحسم في سرت

  • 5/19/2016
  • 00:00
  • 4
  • 0
  • 0
news-picture

قال فايز السراج، رئيس المجلس الرئاسي الليبي، خلال زيارته إلى تونس، الأسبوع الماضي، إن ليبيا سترى النور قريبا، في إشارة إلى أن الدعم الذي تتلقاه حكومته من دول الجوار و من القوى الدولية، سيدفع جميع الفرقاء الليبيين، إلى توخي خيار الوحدة قبل التوجه للحسم مع التنظيم الإرهابي داعش الذي يسيطر على مدينة سرت. يتوقف تحرير سرت من قبضة داعش، على ما سيبديه الليبيون أنفسهم من رغبة في ترك خلافاتهم، والمضي قدماً في التوحد وراء حكومة واحدة، حتى يستطيع العالم قطع خطوات عملية في محاربة الإرهاب في ليبيا. والحقيقة أن الضوء الأخضر لعملية تحرير سرت، ينتظر تحقق هذا الشرط السياسي، أي تسليم السلطة بالكامل إلى حكومة السراج. في طرابلس تسير الأمور بسرعة متواترة، فالحكومة تتسلم تباعا، المقار السيادية، والميليشيات المسلحة يعلن أغلبها الولاء للحكومة الجديدة، وأهمها ميليشيات مصراتة، التي أعلنت وقوفها إلى جانب السراج. ولكن تظل هناك بعض المجاميع السياسية و زعماء القبائل و بعض المجموعات المسلحة، خارجة عن سرب التوافق الليبي، مما يعطل السير بسرعة نحو ترتيب البيت الداخلي قبل التوجه شرقاً نحو مدينة سرت. أما في الشرق، فإن حكومة طبرق التي كان معترفاً بها دولياً، ومجلس النواب، مازالا على موقفهما من المجلس الرئاسي، إذ ترفض القوى السياسية الاعتراف بحكومة السراج، وترفض تسليمها السلطة في الشرق الليبي، خاصة أن المجلس الرئاسي لم يحسم موقفه من مصير القائد العام للجيش الليبي، خليفة حفتر والذي باشر التوجه غربا نحو مدينة سرت لتحريرها من سيطرة تنظيم داعش. وهنا تكمن حقيقة المشكلة الليبية. فحتى إن تمكن السراج من توحيد الغرب الليبي، فإن بقاء الشرق خارج إطار التوافق، سيعني استمرارية حالة التمزق، واستمرارية تمدد التنظيمات الإرهابية في ظل وجود دولة مفككة، وفي ظل استمرار حالة الانقسام التي نتج عنها وجود حكومتين، وجيشين وبرلمانين، بمعنى وجود دولتين داخل دولة منهارة. المشكلة الليبية، يمكن حلها إذا ما تم التوافق بين الشرق والغرب، على القائد العام للجيش الليبي الفريق خليفة حفتر. فلو اقتنع المجلس الرئاسي بشخصية حفتر، وبقدرته على إعادة بناء الجيش الليبي، فإن مشكلة الانقسام تكون قد حلت بصفة نهائية وتوجه الجميع إلى محاربة داعش. أما إذا اختار المجلس الرئاسي البقاء على موقفه الحالي من حفتر، فإن الانقسام سيظل موجوداً، وهنا ستكون الحقائق على الأرض هي التي ستحدد مصير كل طرف. ولذلك نرى تسابقا من الطرفين، في التوجه نحو سرت ونحو الخليج النفطي، لأن السيطرة عليهما وتحريرهما من داعش، يعني قوة هذا الطرف أو ذاك. القوى الدولية، تضغط بقوة نحو الخروج من دائرة الانقسام، وهي تواصل فرض العقوبات على الشخصيات التي تراها معرقلة للوحدة الليبية، وآخر هذه الأسماء، عقيلة صالح، رئيس مجلس النواب في طبرق. وفي دول الجوار تتواصل الاجتماعات العلنية والسرية بين زعماء القبائل وشخصيات سياسية ليبية، من أجل التوصل إلى اتفاقيات مرضية، تحقق التوحد. وتسمح لليبيين بالحصول على مساعدات عسكرية تمكن جيشها، من خوض حرب شاملة على التنظيمات الإرهابية. المجتمع الدولي، يضغط بعدة طرق، من أجل دفع الليبيين إلى التوحد خلف قيادة واحدة. فالإشارة إلى أن تنظيم داعش ينتدب مقاتلين من بوكو حرام، أو غيرها من التنظيمات الإرهابية، يعني أن سرت تحولت إلى بؤرة للإرهاب الدولي. وفي هذا رسالة سياسية واضحة لليبيين، باعتبارهم مسؤولين عن هذا الوضع، فمواصلة الانقسام تعني، مساهمة مباشرة في زيادة خطر التنظيم على الجميع. وهذا يعني أيضا أن المجتمع الدولي لا يمكنه الانتظار أكثر، وهو يرى داعش يكبر ويتعملق في ليبيا ويتحول إلى مصدر قلقل دولي. كما يواصل المجتمع الدولي اللعب على سياسة الترهيب و الترغيب، فهو من جهة يشير إلى خطر داعش، ويشير إلى إمكانية رفع الحظر عن السلاح من جهة أخرى، شرط أن تكون هناك حكومة واحدة في ليبيا. كما يقرن مساعدته بالتدخل العسكري ضد داعش بوجود حكومة متوافق عليها تطلب هذا التدخل الدولي. معركة تحرير سرت، ليست سوى مسألة وقت، فالضغوط الدولية والإقليمية والمفاوضات الماراثونية السريّة أساسا، ستنتج في الأيام القادمة خطوة توحيد الليبيين، تحت سلطة واحدة، وهذا ما أشار إليه فايز السراج، من أن ليبيا سترى النور قريبا. ثم ستبدأ عملية محاربة داعش واجتثاثه من الأرض الليبية. ويدرك المراقبون، أن محاربة داعش في ليبيا، هي أسهل بكثير من محاربته في سوريا والعراق، وذلك لجملة من الأسباب. أولاً موقع مدينة سرت في مجال جغرافي مفتوح على البحر، وهو ما يسهل للأساطيل الغربية المنتشرة في حوض المتوسط، أن تشن غاراتها الجوية، من البحر، وأن تنفذ عمليات الإنزال إن تطلب الأمر ذلك، ومحاصرة التنظيم والقضاء عليه. ثانياً، لا يتمتع تنظيم داعش بالسيطرة على مجال جغرافي واسع، فمدينة درنة تم تحريرها، وسرت شبه محاصرة، وطرق هروب التنظيم من سرت، هي مراقبة، والقبائل ستلعب دوراً مهماً في هزيمته. ثالثاً، لا يتمتع التنظيم، بقدرات عسكرية كبرى تسمح له بالصمود في وجه تحالف دولي، إذا طلبت الحكومة الليبية ذلك. فمهما كانت الأسلحة التي يمتلكها التنظيم، فإن استعداد فرنسا وإيطاليا وبريطانيا والولايات المتحدة للمشاركة في عمل عسكري ضد التنظيم، يعني أن هزيمة التنظيم، أمر حتمي لجملة هذه الأسباب، فإن معركة الحسم في مدينة سرت هي مسألة وقت فقط، وهي لا تنتظر سوى الضوء الأخضر من الليبيين أنفسهم، والضوء الأخضر يعني توافقاً سياسياً، أولاً وقبل كل شيء. كمال بالهادي kamelbelhedi@yahoo.fr

مشاركة :