السينما منصة لتنمية السلوك | زيد علي الفضيل

  • 5/19/2016
  • 00:00
  • 8
  • 0
  • 0
news-picture

حتى أشهر قليلة ماضية لم تكن لي أي علاقة حميمية بالسينما وما تنتجه استديوهاتها من أفلام متنوعة، كما أن ما كنت أتابعه لم يكن ليبتعد عن أفلام «الأكشن» كما يقال، ظنا مني أن الإبداع السينمائي كامن فيها، وهو ما كنت أحرص على مشاهدته حين أكون خارج الوطن، إذ يبرز شغفي بصالات السينما بشكل كبير، حتى أني لا أكاد أفارقها من كثرة الوَله والإفراط بالتمتع -ليس فقط بمشاهدة ما أختاره من أفلام- وإنما بالجو المحيط بتلك الحالة، ابتداء من التدقيق في اختيار الصالات الحديثة، ثم بشغف البحث في قائمة وإعلانات الأفلام المعروضة، مرورا بشراء ما أحب أن أنقنق عليه وقت مشاهدتي، ثم بالغوص في مقعدي الذي عادة ما أختاره بعناية، لأحيط بكل مشهد، وأستمتع بكل لقطة كما يجب. على أن ذلك سرعان ما ينتهي حين أعود من السفر، لأجد نفسي من جديد منغمسا في متابعة القنوات الإخبارية، حتى كان يومي السعيد بالتخلص منها، أو بالأصح التخفيف من متابعتي لها، حين قررت الاشتراك في أحد باقات التلفزة الشهيرة، التي يستمتع المرء معها بمشاهدة ما لذ وطاب من آخر ما تنتجه المدن السينمائية الغربية، وهنا كانت البداية التي اكتشفت معها عالما جديدا، ليس في المتعة وحسب، وإنما في زيادة الإدراك والوعي، حين انكشفتُ على عالم جديد ومذهل من السينما الغربية في إطارها الاجتماعي، ومن وقتها تنامت دهشتي مع كل فيلم أراه، وصرتُ مُدمنًا على متابعتها، إلى الدرجة التي أنستني ذلك الوَله التاريخي بمتابعة تلك القنوات الإخبارية بشكل أو بآخر. ما لفت نظري فيما شاهدته حتى الآن كامن في حجم الإبداع الدرامي السلس الذي تعيشه السينما الغربية، وعمق ما تطرحه من أفكار ورؤى، بجدية مُمتعة، ودون أن تُشعركَ بأي حالة من السَّأم، أو ترسمَ على شفتيكَ ابتسامة المتغافل، التي عادة ما رسمْتُها كلما شاهدتُ فيلما عربيا، أو لنقل مصريا، بحكم سيطرة السينما المصرية على الساحة العربية. ما أريد الإشارة إليه في تلك المقدمة يكمن في أن الفارق بيننا -كأمةٍ عربية- وبين الغرب يبدو كبيرًا، وليس قاصرًا على تطور التقنية والقدرة على صناعتها، كما ليس محصورًا في تطور أنظمتهم السياسية والاقتصادية وخدماتهم المدنية أيضا، وإنما يكمن في الذهنية التي تُحرِّك كل ذلك، وتقف وراءه. إذ مَن يُشاهد دقة وجودة السينما الغربية في تفاصيل ملامحها الاجتماعية، مقارنة ببساطة كثير من الأفلام العربية -إلا ما رحم- يدرك الفرق. بقي أن أقول إن السينما لم تعد وسيلة للترفيه، بل باتت أحد أهم محرِّكات الوجدان الإنساني، وأحد أبرز وسائل تنمية السلوك، والمهم أنها صارت -وفق الرؤية الصهيونية- أحد أهم منصات الدعاية الإيجابية لقضيّتهم، وهم ما لم ندركه بعد على مختلف الأصعدة، وفي كل الأشكال. zash113@gmail.com

مشاركة :