«احنا أهل» ضد الطائفية والتطرف

  • 5/19/2016
  • 00:00
  • 234
  • 0
  • 0
news-picture

تأصيل بعض القيم والأسس الإنسانية في المعاملات والتعايش لا يعني بالضرورة ابتكارها أو الإتيان بجديد فارق، وإنما إعادة الاكتشاف وذلك أهم، لأن القيم بالفعل أصيلة في الوجدان والعقل ولكن يعتريها بعض الخمول والركود عندما لا يتم توظيفها بصورة صحيحة ومستمرة في الوسط الاجتماعي، أي منحها الطاقة الدافعة للحضور واكتساب الحيوية والديمومة التي يستقر معها النظام الاجتماعي بصورة حقيقية وقوية. تجذير القيم وتأكيدها في النفس سلوك إيجابي عميق رأيته بصورة لافتة في تلك الحملة الوطنية التي أطلقها فريق من لجان التنمية الاجتماعية بالمنطقة الشرقية بمسمى «احنا أهل» برعاية صاحب السمو الملكي الأمير سعود بن نايف بن عبدالعزيز أمير المنطقة، ما يكسبها فعالية أكبر وتكثيفا لدورها في فكرة التأصيل التي أشرت اليها، لأننا أهل وإخوة ونتعايش بسلام بعيدا عن تنازعات الطائفية والمذهبية والتطرف وكل العوامل التي يمكن أن تعمل على تآكل قدرتنا في البقاء مواطنين على نسق واحد من الوطنية بحيث تتوافر مناعة قوية من لدن قناعات ترسخ وتتعزز لحماية مجتمعنا ووطننا من مهدداته في السلام الاجتماعي. لا يمكن أن نتعامل مع القيم على أنها جديدة أو مستجدة لأن ذلك يضعف الهدف النبيل للحملة، وإنما هي إعادة اكتشاف لما حملته رياح الزمن منها، أو بصيغة أخرى تعرضها لعوامل تعرية في ظل صمت مجتمعي طويل عن ظواهر سلبية جاءت مع اختراقات الأمن الاجتماعي عندما حدث تساهل في كبح الطائفية والمتطرفين فدخلت الأفكار الدخيلة على المجتمع ومعها الوباء الطائفي، ما يجعل من الحملة موضوعا مثيرا للاهتمام لاستدراك تداعيات تلك الأفكار وغزو الطائفية للعقل الاجتماعي وتدمير قيم التعايش على حساب سلم المجتمع وأمن الوطن. تلك الحملة جهد مدني عتيد وفاعل، ولو أن المنظمين حددوا فترة أربعة أسابيع فقط لها، إلا أنها يجب أن تكون في حالة من الاستمرارية لاستيعاب كل المتغيرات السلبية وسد الثغرات التي تتسلل منها الأفكار الدخيلة وحصار الطائفية والتطرف خارج المنظومة الاجتماعية، ذلك أمر يفعل المجتمع القوي بشبابه ووعيهم الذي يمكن أن يتعامل مع المهددات بصورة حاسمة، ما يعني بقاء الحملة في حالة ديمومة كبرنامج وطني واجتماعي يتتبع أي ثغرات ينفذ منها العابثون الذين يستهدفون سلامنا الاجتماعي الذي تحميه مثل هذه الفعاليات التي تتصدى لكل عبث، لذلك من المهم تطوير الحملة الى برنامج وطني استراتيجي يستوعب مزيدا من المحاور التي تبقي الطائفية والتطرف خارج العقل الاجتماعي وتمنح الأجيال حصانة فكرية ضد هذه الأوبئة المدمرة للإنسان وإنسانيته.

مشاركة :