أكد تقرير حديث، قدرة دولة الإمارات، بما تمتلكه من أصول عامة واسعة النطاق، على التعايش على مدى عقود مع العجز المالي الحالي الذي تعاني منه دول مجلس التعاون الخليجي، نتيجة انخفاض أسعار النفط، متوقعاً أن تدوم احتياطيات الدولة من النفط لما يزيد على 90 عاماً، وفقاً للمعدل الحالي من مستويات الإنتاج، لافتاً إلى الدور الهام لقطاع السياحة والصناعة المالية في تعزيز اقتصاد الإمارات. وأشار تقرير أصدرته وحدة البحوث التابعة لدويتشه بنك، إلى تمتع دول التعاون بعدد هائل من الموارد الطبيعية، وامتلاكها أكثر من ثلث احتياطيات النفط المؤكدة على مستوى العالم، وهو ما يعد أكثر بكثير من أي منطقة أخرى. وقال بالمعدل الحالي من مستويات الإنتاج لمجلس التعاون الخليجي البالغ 18 مليون برميل يومياً، قد تستمر الاحتياطيات الإجمالية حتى 2090 على أقل تقدير. كما تعتبر احتياطيات الغاز التي يمتلكها المجلس، الموجودة في قطر بشكل أساسي، من بين أكبر الاحتياطيات على مستوى العالم، إذ تمثل ما نسبته 21 % من الاحتياطيات العالمية. ثروة اقتصادية وقال التقرير، استطاعت دول التعاون، تحويل وفرة الموارد الطبيعية التي تمتلكها إلى ثروة اقتصادية ومالية. فعلى مدى الـ 15 عاماً الماضية، حققت تقدماً كبيراً في تحويل ما تتمتع به من ثروة الموارد، إلى ثروة اقتصادية، وفي تحسين رفاهية سكانها، ويرجع ذلك إلى التنفيذ المستدام لسياسات تدعم النمو والتنويع، حيث سمحت الفوائض الكبيرة في حسابات الجارية والمالية المتحققة على خلفية ارتفاع أسعار النفط وتوسط الإنتاج، بحدوث تراكم للهوامش المالية الضخمة، الموجودة بالأساس في شكل صناديق ثروة سيادية (swfs)، واحتياطيات العملات الأجنبية. تأثيرات يفرض الهبوط الحاد في أسعار النفط منذ صيف 2014، تحديات هائلة، أما منطقة تعتمد على النفط بقوة. ويظهر التأثير بشكل أكثر وضوحاً في الأرصدة المالية لدول مجلس التعاون الخليجي، حيث يفضي الانخفاض الحاد في عائدات النفط، إلى ظهور ثغرات مالية كبيرة. كما يضع هذا الانخفاض ضغطاً كبيراً على الأرصدة الخارجية، حيث يتحول ميزان المدفوعات (BoP)، من فائض كبير إلى عجز في جميع دول المجلس، الأمر الذي أدى بدوره إلى انخفاض حاد في احتياطيات العملات الأجنبية، وبعد تباطؤ النمو الاقتصادي في 2015، نتوقع مزيداً من التباطؤ في 2016، حيث يؤثر انخفاض الإنفاق الحكومي على النشاط الاقتصادي النفطي وغير النفطي، على حد سواء. استجابة السلطات في استجابة منها للانخفاض الذي طرأ على إيرادات النفط، أعلنت الحكومات في المنطقة، عن تبني إصلاحات هامة في السياسات المالية، بغرض خفض النفقات العامة، وتعزيز الإيرادات المالية غير النفطية. وبالرغم من ارتكاز خفض الإنفاق بشكل خاص على الاستثمارات الحكومية، غير أن السلطات في دول التعاون، عملت أيضاً على تقليل الإنفاق الجاري، وخفض الدعم على الطاقة، وأعلنت عن إعداد خطط لإدخال ضريبة القيمة المضافة (VAT)، لتشمل جميع دول المجلس في 2018. وأدت التعديلات المالية التي أجريت، إلى تخفيض متوسط أسعار التعادل المالي للنفط، من 86.7 دولاراً أميركياً البرميل الواحد في 2014، إلى ما يقدر بنحو 65.2 دولاراً البرميل الواحد في 2016، ولكنه ما زال يتخطى الأسعار الفورية الحالية والتنبؤات. وبالتالي، ستواصل الحكومات تمويل أوجه العجز التي تواجهها من خلال إصدار الديون والسحب من الاحتياطيات تدريجياً. وأضاف: إن من شأن الأصول العامة واسعة النطاق، السماح لدول الإمارات والكويت وقطر، بالتعايش مع العجز المالي الحالي على مدى عقود، وأيضاً لدى المملكة العربية السعودية أصول مالية كبيرة لتمويل العجز المالي لعدة سنوات. وفي البحرين وسلطنة عمان، سيتم تغطية أوجه العجز بشكل كامل تقريباً، نظراً لمحدودية الأصول المالية، من خلال إصدار الديون. وحسب التقرير، تعتبر دول مجلس التعاون، موطناً لثلاثة من أكبر خمسة حقول للنفط في العالم، وبها أكثر من ثلث احتياطيات النفط الخام المؤكدة على مستوى العالم، وهو ما يعد أكثر بكثير من أي منطقة أخرى. وتوجد أكبر كمية من احتياطي النفط الخام في السعودية، التي تشكل الدولة الأكبر من بين دول المجلس، حيث تشير التقديرات، إلى أن المملكة تمتلك وحدها احتياطيات من النفط الخامس، تزيد على 260 مليار برميل، وهو ما يمثل نحو 18 % من إجمالي الاحتياطيات العالمية. كما تتمتع الكويت والإمارات باحتياطيات كبيرة من النفط الخام. في حين تقل الاحتياطيات إلى أدنى مستوياتها في سلطنة عُمان والبحرين. وبالمعدل الحالي من مستويات الإنتاج، دون احتساب أي اكتشافات أخرى، يتوقع أن تظل الاحتياطيات الإجمالية لدول مجلس التعاون حتى 2090، على أقل تقدير. بينما من المتوقع في دول الإمارات والكويت وقطر، أن تدوم الاحتياطيات لما يزيد على 90 عاماً، وفقاً للمعدل الحالي من مستويات الإنتاج، ومن المرجح أن يتم استنفاد احتياطيات البحرين في غضون السنوات القليلة القادمة. وبجانب هذه الاحتياطيات النفطية الضخمة، تستحوذ دول مجلس التعاون أيضاً، على ما نسبته 21 % من احتياطيات الغاز الطبيعي المؤكدة في العالم. وتقبع النسبة الأكبر من احتياطيات الغاز في قطر، التي تتمتع باحتياطيات مؤكدة من الغاز بنحو 24.5 طن تبريد لكل متر مكعب، الثالثة في الترتيب، بعد روسيا وإيران. تحول يعتمد نجاح التحوُّل في دول التعاون وسرعته خلال السنوات القادمة، على العوامل الخارجية التي تشكل بيئة الاستثمار الدولية، والطلب على البضائع والخدمات. ومن شأن الإصلاحات، أن تساعد في تقليل فجوات الإنفاق الحكومي.
مشاركة :