مقالة خاصة: امتحانات الشهادة السودانية تنطلق وسط أجواء متوترة وظروف بالغة التعقيد

  • 12/28/2024
  • 00:00
  • 1
  • 0
  • 0
news-picture

وسط أصوات البنادق، ودخان المعارك، وفي مدارس على خطوط تماس القتال، وفي مخيمات للاجئين ودور لإيواء النازحين، انطلقت اليوم (السبت) امتحانات الشهادة السودانية لأكثر من 300 ألف طالب. وتبدو الامتحانات اختبار تحدي سواء للطلاب أو للسلطات الرسمية التي أصرت على إجراء الامتحان، الذي تأجل لما يقارب من العامين، فيما يواجه الطلاب الذين يؤدون الامتحان صعوبات بالغة وأجواء متوترة فرضها واقع الحرب المستمر بالسودان. ويجلس نحو 343644 طالبا وطالبة لخوض امتحانات مصيرية في 2300 مركز امتحاني داخلي وخارجي، فيما سيتغيب نحو 150 ألف طالب عن امتحانات الشهادة الثانوية هذا العام نتيجة ظروف الحرب في بعض الولايات. -- الامتحان يتحول إلى قضية سياسية تدافع السلطات الحكومية السودانية عن إجراء امتحانات الشهادة في ظل الظرف الراهن، وتبرر الخطوة بضرورة تنظيم الامتحان حتي لا تتراكم أعداد الطلاب الذين لم يتمكنوا من إجراء الامتحان منذ اندلاع الحرب في منتصف أبريل 2023. وقبل أسابيع من اندلاع الحرب بالسودان في 15 أبريل 2023، كان أكثر من 570 ألف طالب يستعدون لامتحانات الشهادة الثانوية، وظلوا في انتظار هذه الامتحانات لنحو 20 شهرا، حتى حددت وزارة التربية والتعليم 28 ديسمبر الجاري موعدا لانطلاقها. وقال وزير التربية والتعليم السوداني أحمد خليفة، في تصريح صحفي " كان لابد من إجراء الامتحان للدفعة المؤجلة منذ 2023، لقد اكتملت الترتيبات لإجراء امتحانات الشهادة الثانوية، في مئات المراكز بالولايات الآمنة و46 مركزا في 15 دولة يوجد بها لاجئون سودانيون". وأضاف " تبلغ نسبة الطلاب المسجلين للامتحانات 75.5% ممن كانوا مسجلين قبل بدء الحرب". ولكن قوات الدعم السريع، التي تخوض قتال ضد الجيش السوداني، أعلنت رفضها لإجراء امتحانات الشهادة السودانية. وقالت في بيان صحفي اليوم "إن إجراء الامتحانات في مناطق بعينها دون سائر ولايات البلاد يأتي ضمن سياسات تهدف لتقسيم السودان وتعكس عدم الاكتراث لمستقبل مئات الآلاف من الطلاب". فيما أعلنت لجنة المعلمين السودانيين (غير حكومية) أن طلاب 8 ولايات بالكامل، و6 ولايات بشكل جزئي لن يتمكنوا من الجلوس لامتحانات الشهادة السودانية، وذلك من جملة 18 ولاية.   وقالت لجنة المعلمين في بيان اليوم " إن طلاب 8 ولايات بالكامل، و3 ولايات بصورة شبه كاملة، و3 ولايات بصورة جزئية، من جملة 18 ولاية، وبنسبة 60% من الطلاب الممتحنين في دفعة العام 2024 على مستوى القطر لن يتمكنوا من الجلوس للامتحان".  وتجري الامتحانات بشكل كامل في 4 ولايات سودانية فقط، هي الشمالية (شمال)، والبحر الأحمر، والقضارف وكسلا (شرق السودان). كما تجري الامتحانات بشكل جزئي في ولايات الخرطوم، ونهر النيل، والنيل الأبيض، والنيل الأزرق، وشمال دارفور، والجزيرة، وسنار وشمال كردفان. ولم يتمكن طلاب 6 ولايات من الجلوس للامتحان، وهي ولايات جنوب دارفور، ووسط دارفور، وغرب دارفور، وشرق دارفور، وجنوب كردفان وغرب كردفان. -- قصص تحدي للجلوس للامتحان ضجت وسائل التواصل الاجتماعي بالسودان بقصة طالبة قطعت آلاف الكيلومترات بالسفر من معسكر للاجئين السودانيين في تشاد إلى مدينة بشمال السودان حتي تتمكن من الجلوس للامتحان. واحتفت وزارة التربية والتعليم بالسودان بالطالبة شمس الحافظ عبد الله، التي قطعت 2662 كيلومترا من مدينة أبشي التشادية إلى مدينة الدامر بولاية نهر النيل بشمالي السودان. واستقبل وزير التربية والتعليم السوداني أحمد خليفة، الطالبة ووالدتها عند مدخل مدينة الدامر عاصمة ولاية نهر النيل أمس، معتبرا أن قصتها تمثل إلهاما للطلاب، وفقا لإعلام وزارة التربية والتعليم. كما نشرت وسائل إعلام محلية قصة ملهمة أخري لطلاب من مدينة القطينة الواقعة علي بعد نحو 100 كيلو متر جنوب العاصمة السودانية الخرطوم. وقد تحدي طلاب القطينة الحرب المستمرة وإصرار قوات الدعم السريع التي تسيطر علي المنطقة على عدم سفر الطلاب، وقرر نحو 31 طالبا استخدام قوارب بدائية لعبور مياه النيل الأبيض، للجلوس للامتحان بمدينة الدويم علي الضفة الغربية للنيل الأبيض. وبجانب الظروف غير الطبيعية التي تنعقد فيها امتحانات الشهادة السودانية، والمخاوف الأمنية من إمكانية تعرض بعض مراكز الامتحانات للقصف، ولاسيما في مدن مثل (أم درمان) فإن جملة تحديات أخري تواجه آلاف الطلاب الممتحنين. ومن تلك التحديات قرار وزارة التربية والتعليم بتعديل توقيت الامتحانات لتبدأ عند الساعة الثانية والنصف ظهرا بالتوقيت المحلي (الساعة 12 والنصف بتوقيت غرينتش). وامتحانات الشهادة السودانية هي تعد أهم أحد الامتحانات التي تجرى بمرحلة التعليم المدرسي في السودان بالصف الثالث الثانوي وهي آخر سنة من سنين التعليم العام، وتؤهل نتيجتها الطالب للانتقال للتعليم العالي أو المستوي الجامعي. ووفقا لإحصائيات صادرة عن منظمة الأمم المتحدة للطفولة "يونيسيف"، فإن الحرب المستمرة في السودان حرمت نحو 17 مليون طفل من الالتحاق بالمدارس. ويخوض الجيش السوداني وقوات الدعم السريع منذ منتصف أبريل 2023 حربا خلفت 29683 قتيلا، وفقا لأحدث تقرير صادر عن موقع ((ACLED))، وهي منظمة عالمية غير حكومية متخصصة في جمع بيانات النزاعات المفصلة. وبحسب إحصائية صادرة عن منظمة الهجرة الدولية في 29 أكتوبر الماضي، بلغ عدد الفارين بسبب الحرب في السودان أكثر من 14 مليون شخص، هم 11 مليون نازح داخل البلاد، و3.1 مليون شخص عبروا الحدود إلى دول مجاورة. ووفقا لمكتب الأمم المتحدة للشؤون الإنسانية (أوتشا)، فإن لدى السودان أعلى معدل نزوح داخلي في العالم.

مشاركة :