ضرورة الحزم تجاه العبث الإيراني في الحج

  • 5/19/2016
  • 00:00
  • 62
  • 0
  • 0
news-picture

ستستمر إيران في محاولات العبث بأمن الحجاج وسلامتهم من خلال رفع الشعارات وإقامة التجمعات والمسيرات، لذا فلتكن لغة الحزم هي السائدة حتى يدرك النظام الإيراني أن العبث بأمن الحج خط أحمر كان الحجاج الإيرانيون قبل ثورة 1979، يؤدون مناسك الحج والعمرة كبقية حجاج الدول الإسلامية دون أي ضوضاء أو مضايقات للحجاج الآخرين أورجال الأمن والعاملين في تقديم الخدمات في مكة والمدينة خلال هذه المناسك، لا شعارات سياسية أو طائفية ترفع ولا صور لرموز سياسية تعلق على واجهات الفنادق والحافلات التي تنقل هؤلاء الحجاج والمعتمرين. انقلب الوضع رأسا على عقب بعد الثورة وتغيرت إيران وحجاجها من حال إلى حال. فمنذ أول موسم حج بعد انتصار الثورة بدأت المشكلات تظهر شيئا فشيئا حيث حول الحجاج الإيرانيون شعيرة الحج إلى مسيرات سياسية ومذهبية وشعارات تمجيد لرموز النظام الجديد. فمنذ عام 1980 وقوات الأمن السعودية تواجه العبث الإيراني في مكة والمدينة وحاولت السلطات السعودية التواصل مع القيادة الإيرانية في 1981 لعل هناك شيئا ما ربما يحدث دون رضاها ولكن رد الخميني أكد أن كل ما يحدث هو بتوجيه مباشر منه شخصيا، وبالتالي انكشف المستور وتبددت شعارات الوحدة الإسلامية وعلاقات حسن الجوار التي كان النظام الجديد في طهران يرددها بعد انتصار الثورة. استمر العبث الإيراني حتى بلغ أوجه في 1986 عندما تمكن رجال الجمارك من إحباط تهريب كميات كبيرة من المواد المتفجرة كان قد تم إخفاؤها في حقائب الحجاج، ومع ذلك سمحت السلطات السعودية لهؤلاء الحجاج بأداء مناسك الحج لذلك العام، وتكتمت على الموضوع حتى لا يرتبك الحجاج الآخرون ويتمكن الجميع من أداء النسك في طمأنينة وهدوء وأمن وأمان. ربما توهمت طهران أن السعودية غير قادرة على مواجهة هذا الصلف فقامت بالشغب الأكبر في تاريخ الحج الأمر الذي أدى لوفاة 402 حاج من بينهم رجال أمن ومواطنون وحجاج من مختلف الجنسيات. بعد ذلك تم قطع العلاقات بين الرياض وطهران لمدة 3 سنوات فقام النظام الإيراني بالإيعاز لأذنابه ممن يحملون الجنسية الكويتية أو السعودية بالقيام بعدة عمليات إرهابية في مواسم الحج الثلاثة التالية من أشهرها حادثة نفق المعيصم التي ذهب ضحيتها 1426 حاجا من مختلف الجنسيات. لعل السؤال الأهم الذي يطرح نفسه هنا هو لماذا تصر إيران على إحداث هذه الفوضى والبلبلة في موسم الحج من كل عام؟ كان الخميني يحلم بزعامة العالم الإسلامي ووجد أن السعودية بما حباها الله من قوة اقتصادية واستقرار سياسي والأهم مكانتها في العالم الإسلامي لاحتضانها الحرمين الشريفين والمشاعر المقدسة العائق الأول دون وصوله لهذه الزعامة، ومن هنا أخذ النظام الإيراني على عاتقه العمل على هز صورة السعودية في العالم وبين الشعوب الإسلامية ووصل إلى أن موسم الحج هو النقطة الأبرز التي قد تمكنه من تحقيق هذا الهدف، ولذا عمل على التشويش على الحجاج وإحداث الفوضى ونشر الرعب بين قاصدي بيت الله الحرام ومسجد رسوله صلى الله عليه وسلم. من هنا أمر في عام 1982 بإنشاء مكتب دعاية الحج في وزارة الإرشاد الإسلامي في إيران بهدف العمل على صياغة الشعارات السياسية وتجهيز اللافتات التي ترفع في موسم الحج، كما أن الخميني كان يؤكد على أن الجانب السياسي في موسم الحج أحد أهم أسرار الحج، بل إنه أهم من أركان وواجبات هذه الفريضة، ويجب على الجميع إيصال رسالة الجمهورية الإيرانية إلى كافة الحجاج في مكة. وفي عام 1983 أطلق آية الله أحمد جنتي وكان عضوا في فقهاء مجلس صيانة الدستور آنذاك، وأمين مجلس صيانة الدستور حاليا، أطلق تصريحات موجهة لمسؤولي حملات الطوافة الإيرانية يحثهم فيها على نشر مبادئ الثورة خلال موسم الحج، وقال إنه من مهامكم تصدير الثورة وإن أفضل الفرص لذلك موسم الحج. ولتحقق هذا الهدف كانت إيران ترسل العديد من المترجمين من عناصر الحرس الثوري يجيدون العديد من اللغات الأجنبية، بهدف عمل حملة دعائية بين الحجاج لصالح النظام الإيراني والعمل على تصدير الثورة الطائفية. كانت السفارة السعودية في إيران منذ 1982 تضع ملصقا على كل جواز سفر حاج إيراني تؤكد فيه على ضرورة الالتزام بالأنظمة والقوانين المعمول بها في المملكة وتحذر الحجاج من القيام بتوزيع المنشورات أو الصور الدعائية وكل نشاط غير مرتبط بشعيرة الحج دينيا، وأن كل من يقوم بهذه الأعمال يكون عرضة للعقوبة والترحيل من الأراضي السعودية وعدم السماح له بأداء مناسك الحج أو العمرة. الصحف الإيرانية وعلى رأسها صحيفة "اطلاعات" نشرت هذا الملصق لتحرض الحجاج على عدم الالتفات لذلك وأن هذا دليل على خوف المملكة من الثورة الإيرانية، على حد زعمهم. ومع بروز ملف الحج مجددا هذا العام وإن كان بطريقة مختلفة فإن النظام الإيراني يهدف من وراء ذلك إلى تحقيق هدفين رئيسيين، الأول يتمثل في ذلك الهدف القديم المتجدد وهو هز صورة المملكة أمام الشعوب الإسلامية ونشر شائعات بأنها تمنع المسلمين من أداء مناسك الحج، وقد أوضح بيان وزارة الحج والعمرة موقف المملكة وتملص الجانب الإيراني من توقيع اتفاقية الحج الموقعة من كافة الدول الإسلامية حول العالم. أما الهدف الثاني فهو سياسي ومرتبط بقرار السعودية قطع العلاقات مع إيران وما أعقب ذلك من قطع أو تخفيض للتمثيل الدبلوماسي مع إيران من قبل العديد من الدول الخليجية والعربية والإسلامية. كانت طهران تردد طيلة الأشهر الماضية أن السعودية سوف تسعى إلى إعادة العلاقات مع إيران، وللالتفاف على الرياض أقحمت طهران ملف الحج في الأزمة السياسية وطالبت بفتح القنصلية السعودية في إيران ليتمكن الحجاج الإيرانيون من الحصول على تأشيرات الحج بدلا من الذهاب إلى دولة ثالثة. لو تحقق هذا الهدف الإيراني فإنها ستخرج في اليوم التالي لتقول للدول التي اتخذت مواقف سياسية تجاه طهران بعد قطع السعودية علاقاتها معها أن الرياض تسعى إلى تحقيق أهدافها الخاصة، وقد قامت بتوريطكم في هذا القرار الدبلوماسي والسياسي وقد تخلت الآن عنكم وأعادت علاقاتها معنا. وللتذكير فإن السعودية أكدت على أن الحجاج الإيرانيين يستطيعون التقدم للحصول على تأشيرات إلكترونية وبالتالي لا حاجة لتدخل العنصر البشري أو تواجده على الأراضي الإيرانية، ومع ذلك لا تزال طهران تصر على هذا الموقف للأسباب المذكورة أعلاه. في الختام، ستستمر إيران في محاولات العبث بأمن الحجاج وسلامتهم من خلال رفع الشعارات وإقامة التجمعات والمسيرات التي لا ترتبط بشعيرة الحج، وأعتقد أن هناك حاجة لإعادة النظر في بعض التسهيلات التي يحصل عليها الإيرانيون، وكما أن المسلمين سواسية في موسم الحج فينبغي منع إيران من توزيع المنشورات وخطبة المرشد الأعلى في يوم عرفة، وأن ينطبق على الإيرانيين ما ينطبق على غيرهم دون أي استثناءات أو مجاملات، ولتكن لغة الحزم هي السائدة حتى يدرك النظام الإيراني أن العبث بأمن الحج وسلامة الحجاج خط أحمر، وإذا أرادت أن ترفع شعاراتها السياسية الجوفاء فلديها 350 يوما في إيران ترفع خلالها جميع شعارات الموت والقتل واللعن، ولكن بعيدا عن الحج والمشاعر المقدسة.

مشاركة :