د. شما بنت محمد بن خالد: لا معنى لحياة بلا هدف

  • 5/20/2016
  • 00:00
  • 1
  • 0
  • 0
news-picture

من يتابع مسيرتها ومشاريعها ومبادراتها المتتالية، يعرف مدى اهتمامها بالتشجيع على القراءة وتنشئة أجيال قارئة، وشعورها بالمسؤولية تجاه الطفل، ولهذا كانت القراءة والطفل هما محور مبادراتها ومشاريعها التي تتطلع من خلالها للوصول إلى المعنى الحقيقي لمجتمع المعرفة، وبهذه الرؤية أسست الشيخة الدكتورة شما بنت محمد بن خالد آل نهيان، مركز الشيخ محمد بن خالد آل نهيان الثقافي، وجمعية أجيال المستقبل، والمكتبة المتنقلة في مدينة العين، ويعد مجلس الشيخة شما للفكر والمعرفة من المجالس التي برزت في مدينة العين، ويهتم بالنشاط النسوي الثقافي، حيث تؤمن الشيخة الدكتورة شما بأن المرأة في دولة الإمارات، تفوقت في الميادين كافة التي ارتادتها، وأثبتت قدرتها على تحمل المسؤولية في البناء، وما زال أمامها طريق طويل من النجاحات والمشاركة في الحفاظ على مقدرات الوطن، والحوار التالي يرصد أهم المحطات في مسيرة نجاح هذه الشخصية القدوة، في نجاحها وعطائها، من أجل الوطن والمواطن. } تتميزين بحضور مجتمعي وثقافي جلي في المجتمع الإماراتي؟ الإنسان بلا رسالة، يسعى إلى تحقيقها، تبقى حياته بلا هدف ولا معنى، ولو كانت رسالتنا ذاتية، فهذا ليس عيباً، لأن الإنسان عندما يحقق ذاته، فهو يضيف بنجاحه نجاحاً آخر لمجتمعه، ولكن حين تتخطى الرسالة عتبة الذات إلى البراح المجتمعي، فتلك واحدة من جماليات الحياة. وأحمل في وجداني رسالة إنسانية لمجتمع الإمارات، أتطلع من خلالها للوصول إلى المعنى الحقيقي لمجتمع المعرفة، وذلك لن يتحقق إلا حين تصبح القراءة سلوكاً يومياً في حياة الإنسان. } كنتم من المبادرين للتشجيع على القراءة على المستوى العام، وفي مدينة العين خاصة، من خلال مكتبة أجيال المستقبل وغيرها من البرامج والمبادرات القرائية التي أطلقتموها في هذا الإطار؟ القراءة هي الحياة، وبدونها لن نتطور وننمو، ومن منطلق الإيمان بدور القراءة في تشكيل الشخصية، وتكوين ذوات قادرة على المشاركة في خدمة الوطن وتطوره ونجاحه والمحافظة على مكتسباته، كانت القراءة هي المحور المشترك بين مبادراتنا ومشاريعنا التي أطلقناها من خلال مركز الشيخ محمد بن خالد آل نهيان الثقافي، وجمعية الشيخ محمد بن خالد آل نهيان لأجيال المستقبل، ومن أهم مشاريعنا التي أسهمت في التشجيع على القراءة، مكتبة أجيال المستقبل، التي تضم أربعة برامج أساسية، هي براعم المعرفة، وتاج المعرفة، وإمارات المعرفة، وأجيال المعرفة، وتعمل هذه البرامج على تحويل القراءة لعادة يومية لدى المشاركين فيها، أيضاً كنا من المبادرين إلى افتتاح أول مكتبة متنقلة في مدينة العين، وإطلاق مشروع صديقك أينما تكون، الذي نشرنا فيه مكتبات عدة صغيرة في أماكن متعددة من هيئات حكومية وحدائق عامة وشواطئ في أبوظبي والعين والشارقة، ليكون الكتاب في متناول اليد في أي وقت، وحين أطلق صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان رئيس الدولة، حفظه الله، مبادرته بجعل عام 2016 عاماً للقراءة، أطلقنا مبادرات عدة استلهمت آلياتها من أهداف سموه، واليوم نحن نجني ثمار اهتمام قيادتنا الحكيمة بقيمة المعرفة في حياتنا، والتقدم بكل ثقة نحو المستقبل. } يعد مجلس الشيخة شما للفكر والمعرفة من المجالس التي برزت في مدينة العين، ويهتم بالنشاط النسوي الثقافي، حدثينا عن مسيرة المجلس وأبرز إنجازاته؟ بدأت مسيرة مجلس الفكر والمعرفة، بحلم وفكرة أصبحتا واقعاً، حين كنت أجتمع مع بعض الصديقات من سيدات المجتمع وأساتذة الجامعة والأديبات، وجاءتنا فكرة تأسيس صالون ثقافي فكري نتبادل فيه التجارب الثقافية مع الكتب والمعرفة، وبدأ المجلس نشاطه الفعلي عام 1997، وظل يتطور وينمو حتى صارت مناشطه متنوعة، فأصبحت تضم ندوة الكتاب، الحوار الثقافي، الفكر الإسلامي، الفيلم السينمائي، قضايا تربوية وتعليمية، كتاب أونلاين، فيلم أونلاين، الكتاب المسموع، مسابقة صورة وتعليق ومسابقة فيلم وتعليق. وقدم المجلس تجربة فكرية ثقافية مختلفة للمجتمع، وامتدت تجربته لتشمل طالبات كليات التقنية العليا في العين، من خلال إطلاق مبادرة قراءات معرفية، ونطرح في هذه المبادرة رواية للمناقشة والحوار، بمشاركة طالبات الكلية، أيضاً طرحنا مسابقة لكتابة القصة القصيرة، بالتعاون مع كلية تقنية العين، وتم اختيار القصص الفائزة فيها، وطباعتها في مجموعة قصصية بعنوانأوراق من ذاكرة الوطن، لتكون ضمن إصدارات معرض أبوظبي الدولي للكتاب هذا العام. } كيف تنظرين إلى شخصية المرأة الإماراتية، وكيفية تعاطيها مع الدور المأمول منها خلال المرحلة القادمة؟ منذ أن دبت الحياة في صحرائنا، وعمرها الأجداد بالخير، كان للمرأة الإماراتية دورها المهم في صنع الحياة، وبناء المجتمع الإماراتي، حيث قادت سمو الشيخة فاطمة بنت مبارك أم الإمارات، مرحلة إعادة بلورة دور المرأة في حياة المجتمع الإماراتي، ودخلت بها إلى منطقة البناء المجتمعي الإيجابي المستدام، وأظهرت المرأة الإماراتية براعة شديدة في توظيف طاقاتها في الإسهام الفاعل في تطور وبناء المجتمع، وتفوقت في الميادين كافة. } تناولت في رسالتك للدكتوراه موضوع الأمن السياسي والاجتماعي في دولة الإمارات، لماذا اخترت هذه الدراسة، وبماذا خلصت منها؟ هذه الدراسة تؤكد أن تحقيق الأمن لا يكون من خلال الطرق الشرطية فقط، بل لابد من استخدام الطرق الثقافية والمجتمعية في تحقيق الأمن بصورة مستدامة، مما يكون له انعكاس إيجابي على خطوات التنمية والتطور كافة، التي نسعى إليها في الإمارات، ولا شك أننا استطعنا أن نقطع شوطاً كبيراً في الوصول إلى معدلات عالية في الأمن الاجتماعي والسياسي، بصورة تسهم في المزيد من التطور والاستقرار والتنمية المجتمعية، ولأهمية هذا الطرح في صياغة المستقبل، كان اهتمامي بتضمينه داخل رسالة الدكتوراه، ليكون مساهمة معرفية مني في تنمية الوعي المجتمعي. } عرفت من خلال مبادراتك الاجتماعية المختلفة، بتوجيه اهتمام خاص للطفل؟ الطفل هو وحدة بناء المستقبل، وهو رجل وامرأة الغد، الذي سوف يستكمل مسيرة البناء والتطور، ويحمل على كتفيه مهمة الحفاظ على مكتسبات الوطن الحضارية، ولذلك لابد أن يكون الطفل هو محور مبادراتنا المعرفية، من خلال توسيع مداركه، وترسيخ القراءة في عاداته اليومية، وتوطيد العلاقة بينه وبين الكتاب. } ما أهم مشاريعكم المستقبلية في الفترة المقبلة؟ أفكر في إبراز دور المرأة الإماراتية في المجتمع الإماراتي قبل الاتحاد، ودورها الإيجابي في تنمية المجتمع ومواجهة صعوبات الحياة، وكيف استطاعت خلال المئة عام الأخيرة أن تكون مشاركتها الرجل في إدارة الحياة اليومية ذات مردود إيجابي. كما تشغلني عدة أفكار ومشاريع تدور في إطار المحافظة على الهوية الوطنية وترسيخها في نفوس الأجيال الناشئة، بدون الإخلال بضرورة التطور والتفاعل مع ثقافات الآخرين، ويبقى دائماً هدفي الأهم في حياتي، هو أن ننشئ أجيالاً تكون القراءة عادة يومية في حياتها. تنشئة أجيال قارئة في حديثها عن تجربة مركز الشيخ محمد بن خالد آل نهيان الثقافي، وجمعية أجيال المستقبل، وما استطاعا الإسهام به في مجتمع مدينة العين، قالت الشيخة د. شما بنت محمد بن خالد آل نهيان: منذ اللحظة الأولى لبناء مركز الشيخ محمد بن خالد آل نهيان الثقافي، ونضع أمام أعيننا هدفاً واضحاً، هو تنشئة أجيال قارئة، وعليه بنينا كافة المشاريع والمبادرات التي أطلقت في مركز الشيخ محمد بن خالد آل نهيان الثقافي، وجمعية الشيخ محمد بن خالد آل نهيان لأجيال المستقبل، واتبعناها بمكتبة أجيال المستقبل، وهي أول مكتبة مخصصة للطفل في مدينة العين، وكذلك المكتبة المتنقلة، كل هذا وغيره، أسهم بشكل كبير في رفع مستوى الاهتمام بالقراءة والمعرفة، فوصلنا الآن إلى عدد 3500 عضو في مكتبة أجيال المستقبل، وقدمنا مؤخراً ما يزيد على 30 مبادرة قرائية، وأسهمت جائزة الشيخ محمد بن خالد آل نهيان للأجيال، التي تدخل عامها الثامن عشر، وجائزة الشيخ محمد بن خالد آل نهيان للإبداع الأدبي، في عامها السادس، وجائزة الشيخ محمد بن خالد آل نهيان للإملاء، التي أطلقت هذا العام، في تشجيع الطلاب المتميزين ودعمهم في مسيرة المعرفة، ليستمر توارث الأجيال جيلاً بعد جيل، لقيم المعرفة والثقافة. وقدم المركز مجموعة من المواهب الشابة بعد اكتشافها من خلال الورش الإبداعية التي ينظمها. ترسيخ القيم الموروثة عن أبرز القضايا التي تشغل تفكيرها تقول الشيخة د. شما بنت محمد بن خالد: الحفاظ على الهوية الإماراتية وترسيخ قيمها الموروثة في وجدان الأجيال القادمة، فأي مجتمع يفقد اتصاله بتراثه وهويته، سيفقد بوصلته إلى المستقبل، لذلك لابد أن ندرك أننا وسط هذا الفضاء المعرفي المفتوح، وهذا الانفتاح على ثقافات المجتمعات الأخرى، ومع التطور التكنولوجي المتسارع بلا توقف، واتساع رقعة شبكات التواصل الاجتماعي، لابد أن نقوى دعائم الهوية الوطنية في وجدان الأجيال الناشئة، ليستمر المجتمع الإماراتي محافظاً على قيمه وعاداته وأخلاقه التي أورثنا إياها أجدادنا وآباؤنا، من دون أن نفقد تذكرة السفر مع ركب التطور والحضارة، ونستمر في تقديم النموذج المثالي للمجتمع المتطور والمنفتح على الآخر، من دون أن يفقد مجتمعنا ملامح شخصيته التاريخية.

مشاركة :