«منارة قطب».. أولى عمارات المسلمين في الهند

  • 5/20/2016
  • 00:00
  • 1
  • 0
  • 0
news-picture

شهدت مدن القارة الآسيوية، حضوراً قوياً للفنون الإسلامية مع انتشار الإسلام في تلك المناطق، وتعتبر الهند من أكثر الدول التي تضم معالم إسلامية عريقة، حيث تنتشر في الكثير من مدنها المساجد ودور العلم التي لعبت دوراً مهماً في نشر الإشعاع الديني والثقافي للمسلمين في داخل البلاد وخارجها، وكانت محط آمال طلاب العلوم الإنسانية، إلى جانب كونها مثلاً حياً لروائع الفن المعماري المستمد من الصبغة المحلية الهندية والإسلامية. منارة قطب والتي تسمى أيضاً منار قطب، واحدة من تلك الآثار الإسلامية الباقية إلى اليوم، كأول آثار الحكم الإسلامي في الهند، والدالة على عظمة الحضارة الإسلامية في الهند، والتي تقع إلى الغرب من مدينة نيودلهي ضمن المجموعة المعمارية المعروفة باسم قطب منار. يرجع بناء منارة قطب إلى السلطان قطب الدين أيبك الذي عمل على توطيد سلطان المسلمين في شمال شبه القارة الهندية، فقام ببعض الإصلاحات، ومنها بناء المساجد، وأشهرها: المسجد الكبير في دلهي، والذي يعرف ب مسجد قوة الإسلام، وهو من أعظم وأروع المساجد في العالم، ذو منارة سامقة، سميت باسمه: منارة قطب، تتألف من خمسة طوابق. إلا أن قطب الدين توفي بعد إنشاء الطابق الأول منها، ثم بنى خليفته شمس الدين ألتمش الطابقين الثاني والثالث، وفي عهد حكم آل تغلق زاد السلطان فيروز تغلق شاه الطابقين الرابع والخامس. ويعتقد بعض المؤرخين أنه وعكس ما يقال إن تسميته تعود إلى السلطان قطب الدين أيبك، فإن السبب الحقيقي وراء التسمية يعود إلى خواجة قطب الدين، أحد المتصوفين والذي قدم من بغداد ثم عاش في الهند، وحظي أثناءها بمكانة كبرى لدى السلطان ألتمش. تعد منارة قطب أحد مواقع التراث العالمي، ذلك أنها من أضخم المآذن في المساجد القديمة، وأطول المنارات المبنية من الطوب في العالم، وهي أطول مئذنة في الهند، وثاني أطول المنارات في تاريخ العالم الإسلامي بعد منارة الجيرالدا في إشبيلية التي يبلغ ارتفاعها 97.5 متر، في حين يبلغ ارتفاع منارة قطب 250 قدماً، أي نحو 75 متراً، وقطر قاعدتها يزيد على 15 متراً، وكلما ارتفعت فيها ضاق قطرها حتى يصل إلى ثلاثة أمتار فقط. والمئذنة هذه مضلعة تبدو أضلاعها وكأنها أعمدة متلاصقة، وبداخلها درج حلزوني مؤلف من 379 درجاً تصل إلى قمة المنارة التي تكشف معالم مدينة دلهي، وتُحاط هذه التحفة المعمارية بحديقة خضراء خصبة تعد من أكثر الأماكن المفضلة للسكان المحليين والسياح. وللمنارة ثلاث شرفات للأذان، تقوم كل شرفة منها على مقرنصات أحسن المهندسون في إتقانها وتنميقها، وقد بنيت الطوابق الثلاثة الأولى من الحجر الرملي الأحمر، في حين بُني الطابقان الآخران من الرخام، وبالنظر إلى منارة قطب يمكن ملاحظة الاختلافات المعمارية في بنائها تبعاً لاختلاف العصور والسلالات الحاكمة، ويشتمل المبنى على نقوش دقيقة وأناشيد مستوحاة من القرآن الكريم، وتمتاز النقوش المنحوتة على منارة قطب بكونها طرازاً إسلامياً بشكل أساسي، إلا أنها تأخذ الشكل المهجن في بعض أجزائها.

مشاركة :